اثارت الأفعال المسيئة لرسول الإسلام صلي الله عليه وسلم بالولايات المتحدةالأمريكية - ردود فعل غاضبة. وهذا أمر طبيعي لأنه يأتي بعد مرور نحو أربعة عشر قرناً من الزمان علي انتصار الإسلام واتساع رقعته في الأرض والدخول فيه من كثيرين ممن كانوا يعادونه ويحاربونه ويسيئون إلي معتنقيه والمدافعين عنه وسيظل هذا العداء قائماً من بعض الموتورين الذين يكرهون الإسلام ويعادونه لأنه يسوي بين الناس ولا يفاضل بينهم إلا بتقوي الله والعمل علي زيادة الحياة حسناً ونظاماً وقد كان هذا هو سلوك أعداء الإسلام في فجر الدعوة وفي الزمن الذي كان فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوم بين الناس داعياً إياهم بالحكمة والموعظة الحسنة. وهو صلي الله عليه وسلم لم يحمل السلاح إلا دفاعاً عن النفس. ولم يكن معتدياً بهذا السلاح علي الإطلاق وقد استغل بعض الموتورين هذا السلوك فاعتدوا علي المسلمين واستمروا في معاداة الإسلام كعقيدة وشريعة. ولكنهم أخفقوا في جميع مراحل هذا العداء وانتصر المسلمون بإسلامهم. وكانوا دعاة أمن وسلام امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالي: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". وبين الله تعالي أن ذلك هو الذي يجعل العدو صديقاً ومدافعاً عن الإيمان حيث قال بعد ذلك ترتيباً علي الأمر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة بقوله: "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" في فجر الدعوة الإسلامية لقي رسول الله صلي الله عليه وسلم والمؤمنون به كثير من الاضطهاد والإساءة بالقول والفعل وكان ردهم علي ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة نشدانا للسلام وإشاعة المحبة بين الناس الأمر الذي كان له أثره الواضح في الدخول في الإسلام حباً وتعاطفاً ودفاعاً عنه. وقد ظهر ذلك في موقعة بدر التي كانت أولي المواقع القتالية بين المسلمين بقيادة رسول الله وأعداءهم الذين كانوا يصرون علي إيذاء المسلمين وإنزال الهزيمة بهم ولكن الله تعالي خيب ظنهم وانتصرت القلة علي الكثرة وسيطر الضعفاء علي الأقوياء. وهذه كرامة من كرامات الإسلام. وليس معني ذلك أن يعتمد المسلمون علي هذا المنهج وحده فعليهم أن يتسلحوا بكل أسباب القوة المادية والمعنوية لإنزال الهزيمة بأعدائهم. والمسلمون يمرون الآن بفترة عصيبة تتكاثر عليهم فيها قوي الشر والعدوان ولكنهم مع إيمانهم واستعدادهم بوسائل النصر المادية سينتصرون في النهاية وستكون لهم الغلبة. وسيدخل كثير من أعدائهم في الإسلام حبا له وامتثالاً لدعوته التي تسوي بين الناس ولا تفرق بين أحد وأحد إلا بالتقوي والعمل الصالح. فليستمسك المسلمون بعقيدتهم وليدافعوا عنها بكل ما يملكون من قوة مادية ومعنوية لتكون لهم الغلبة وترتفع كلمة الله في سماء الحياة.