ليس في القرآن لعب بالكلمات.. وإنما معان محدده.. دقيقه.. ولو مرت أجيال وأجيال من الأحياء والأموات كل كلمه في القرآن لا تشبه غيرها وإن بدت غير ذلك.. وكل من يحاول تعليب المعاني السماوية حسب فهمه لها يجعلها تعاني من نزيف الحروف.. وسعال الجمل.. ومغص العبارات. لقد انتهي شهر رمضان.. شهر الصيام.. وبدأت شهور الصوم.. وقد وردت الكلمتان في القرآن.. كلمة الصيام.. وكلمة الصوم.. وغالبية المفسرين يستخدمونها ككلمه واحده.. فيخطئون عن جهل.. ويضللون عن عدم دراية. يقول سبحانه وتعالي : " يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْپ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ " "183 البقرة".. هنا جاءت كلمة الصيام.. ويقول سبحانه وتعالي : " فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدا فَقُولِي- إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْما فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّا " "26 مريم".. هنا جاءت كلمة الصوم.پ والصيام شيء والصوم شيء آخر. وكما ورد في مسند ابن حنبل الجزء"16" ص"75": 10025 -پ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم يقولپ قال الله عز وجل :"كل العمل كفارة إلا الصوم والصوم لي وأنا أجزي به". الصيام هو ما كتبه الله علينا في شهر رمضان.. كما كتبه علي الذين من قبلنا.. وهو ركن من أركان الإسلام.. يتلخص في الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر إلي المغرب. أما الصوم فهو نافلة لم يكتبها الله علي الأمم السابقة بل هي للخواص من عباد الله وهي تتجاوز الامتناع عن الاغتياب.. النميمة.. مسك سيرة الناس.. وربما كانت للصوم حكمه أخري. كما في قوله سبحانه وتعالي للسيدة مريم عليها السلام : " فَقُولِي- إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْما فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّا ". والنذر ليس فريضة.. فلا يصح أن تقول : إني نذرت صيام رمضان.. فهو تكليف يجب الوفاء به.. من يقم به ينج من العقاب.. والحساب. ويطلب زكريا عليه السلام من الله آية.. " قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي- آية" "41 آل عمران" "قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ " "41 آل عمران".. وحددها بثلاثة ليال.. أو ثلاثة أيام.. وجعل الكلام بالرمز استثناء.. فقال سبحانه وتعالي : " إِلَّا رَمْزا " "41 آل عمران". وعندما يقول الرسول في الحديث الشريف في صحيح البخاري - الجزء "2" . ص "32" : 1905 - حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال: كنا مع النبي ^ فقال :پ "من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". .. لم يقل الصيام.. فليس معقولاي إن من لا يستطيع الزواج يمتنع عن الطعام والشراب أيضاي.. وليس المقصود هنا الصوم المكتوب.. بل صوم النافلة. ويمكن أن يجتمع الصوم والصيام.. إن هناك صائمين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش.. أي الإمساك فقط عن الطعام والشراب دون مراعاة الأصول الأخري ويسمي صيام العوام.. إذن فهو صيام ولو كان فقط امتناعا عن الطعام والشراب.. أما الصيام عن كل شئ عدا ذكر الله فهو صيام الخواص.. وهو صيام بمثابة مرحله انتقاليه من الصيام إلي الصوم. وهناك نوع ثالث هو الإمساك عن الطعام والشراب والإعراض عن كل ما سوي الله وهذا مستوي يكون فيه العبد في مقام المخاطبة والمشاهدة , أي في مقام الإحسان . ويسمي صيام خواص الخواص.. وهذا هو الصوم. إن الامتناع أو الإمساك أدناه الصيام وأعلاه الصوم وقد كتب الله علي الأمة أدني استطاعتهم وهو الصيام وترك لهم ميدان السباق مفتوحاي ليصلوا إلي الصوم.. فالله برحمته لا يكلف نفسا إلا وسعها.