لا يمر أسبوع أو شهر إلا ونجد نتائج الاستطلاعات رأي من هنا وهناك تؤكد توجه الرأي العام في قضايا معينة.. يصفها البعض بأنها "سبوبة" في حين يري آخرون أنها وسيلة عصرية للتواصل بين الرعاة والرعية واتخاذ القرارات السلمية بناء علي تلك النتائج.. من هنا تأتي أهمية التعرف علي دور تلك المراكز ورؤية المتخصصين لدورها. بداية قال الدكتور أحمد سمير أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر: للأسف الشديد كل استطلاعات الرأي التي تجري في مصر تتم بشكل غير علمي وغير دقيق وكونها مسيسة أو غير مسيسة فهذه قضية أخري لسنا بصدد الحديث عنها. لكن الطريقة التي تجري بها مراكز استطلاع الرأي لأي قضية من القضايا غير مطمئنة ونتائجها مشكوك فيها. وهذا هو لب الموضوع. فنحن أمام مشكلة منهجية غاية في الخطورة ابتداء من العينة التي يتم اختيارها فهي غير ممثلة لكل شرائح الشعب المصري. كما أننا لا نعرف آلية اختيارها. ناهيك عن عدم معرفتنا بخلفيات هذه العينة وتوجهاتهم الفكرية والسياسية. وانتقد إجراء استطلاعات الرأي عن طريق التليفون لأن هذا جدير بالتشكيك في مصداقيته لأنه يختار فئة دون أخري. فقطاع كبير من الشعب المصري من يعيشون بالريف والنجوع لا يمتلكون أجهزة تليفون وهؤلاء لم يؤخذ رأيهم ولم يلتفت أليهم. وأضاف د. أحمد: إذا افتقد استطلاع الرأي لأي قاعدة من قواعده العلمية المتفق عليها فنحن نكون أمام حالة عبثية يتم توظيفها سياسياً لخدمة أهداف وتوجهات معينة. أوضح أن الحكومة المصرية لو كانت تمتلك الجرأة الحقيقية وتسريد إظهار الحقائق دون تشويش أو تجميل لسمحت لمعهد جالوب العالمي بإنشاء فرع له بالقاهرة أو أي محافظة مصرية وأجري استطلاعاته التي يشيد الجميع بها ويشهد بنزاهتها. لكنها تقف حائله دون ذلك وترفض بشدة طلبات للقائمين علي جالوب بإيجاد فرع لهم في مصر وهذا يزيد الأمر تعقيداً ويرسخ لدينا الشك في نتائج استطلاعات الرأي التي تصدر عن أي مركز مصري وآخرها استطلاع الرأي الذي صدر عن مركز بصيرة أكثر المراكز البحثية شهرة والذي أوضح أن 72% من المصريين غير متعاطفين مع مظاهرات الإخوان المسلمين لكننا لا نعرف كيف توصل لهذه النتيجة وما هي الشرعية التي استخدمها وما هي الأسئلة التي وجهها للناس ليصل إلي هذه النتيجة خاصة أنه ذات المركز الذي خرج علينا قبل أيام قلائل من اندلاع ثورة 25 يناير. مؤكداً أنه أجري استطلاعا للرأي حول مدي رضاء المصريين مؤكداً أنه توصل إلي أن المصريين في حالة رضا وسعادة ولا يعانون أية مشاكل وبعدها اندلعت ثورة الغضب المصرية وأظهرت خداع هذا المركز وتقليل للرأي العام المصري. وشدد علي وجود الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية التي تجري داخل الجامعات المصرية ويقوم بها باحثون متخصصون يصلون لنتائج غاية في الدقة والشفافية ورغم ذلك لا تستند إليها الحكومة ولا ترجع إليها. مشيراً إلي أنه يمكن أن يكون لدينا نتائج استطلاعات رأي محترمة وموثوق بها إذا ما سمحت الحكومة المصرية للناس بالعمل في مجال استطلاع الرأي دون التققيد بشرط الحصول علي التصاريح من الجهات الأمنية. علامات استفهام أما الدكتورة نادية شريف أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة فأكدت وجود الكثير من علامات الاستفهام علي نتائج استطلاعات الرأي التي تجري داخل مصر مشيرة إلي أننا إذا أردنا الوصول إلي نتائج صحيحة ومعبرة عن نبض الجماهير إزاء قضية من القضايا فلابد أولاً أن تكون العينات المختارة ممثلة لكل شرائح المجتمع بنسبهم المختلفة وهذه النسبة شيء هام للغاية ضماناً لدقة البحث.. ثانياً أن تكون الأداة المصاغة أي الأسئلة الموجهة لكل الشرائح تفهم بطريقة واحدة وغير معززة أو دافعة بلا ولاء بإجابة بعينها وشددت علي أن تكون العينة كبيرة لأنها إن صغرت ستكون مجرد مؤشرات وفي هذه الحالة لا يلتفت للنتائج التي جاءت بها كما يجب ألا تكون العينة البحثية من المتطوعين لأن العينة المتطوعة ستكون بلا شك متحيزة لوجهة نظر معينة ولا تمثل الشعب كله. وأوضحت أنه إذا انتفي أي شرط من الشروط السابقة تكون النتائج مضللة وغير صحيحة. إيجابيات وسلبيات وأثني الدكتور فتحي عثمان وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر علي فكرة استطلاع الرأي قبل اتخاذ أي قرار لمعرفة إيجابيات وسلبيات هذا القرار والآثار المترتبة عليه.. لذا يتحتم علي المؤسسات التي تقوم بهذه المهمة أن تكون متجردة تجرداً تاماً من أي هوي أو حزب أو مذهب ولا تميل لأي فريق سياسي ليكون رأيها حرا وشفافا ومعبرا بصدق عن الواقع الذي نعيشه. وأضاف: نحن دولة إسلامية ولابد أن يكون هدفنا الحفاظ علي كتاب الله وسنة نبيه والحفاظ علي مصلحة الوطن ولا يجب أن نحيد عن هذا الهدف. لأننا لوحدنا عن الطريق الصحيح خللنا الرأي العام.. ونشرنا أخباراً غير حقيقية وهذا ما لا نقبله جميعاً.