يعد الرسول- صلي الله عليه وسلم- هو قدوة الخلق والطريق إلي الجنة ولهذا أوصانا الله عز وجل بالتقوي والعمل الصالح ويقول عز وجل - وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا" وذلك خلال خطبة عقدت مؤخرا بعنوان الهوية الإسلامية تبدأ من الصغر في مسجد الشهداء بمدينة نصر ويقول ان التقوي هي الميزان الصحيح لأقدار الناس امام الله فيقول¢ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ¢ والوسيلة الوحيدة لتنزل رحمة الله علي الإنسان وإعطائه نورا ليسير به أمام الناس كما أنها تعطي المؤمن فرقانا يميز به بين الحق والباطل وبين الثواب والخطا قال تعالي ¢ ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ¢ مضيفا ان لها مردودا ملموسا فهي تخرج المرأة والأمة من أي مأزق وأزمة وتفتح أبواب الرزق الواسع وتقود إلي جنة النعيم فيقول تعالي ¢ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا , وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءي قَدْرً¢ ويقول أيضا ¢ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ¢ من معجزات الإسلام أن منهج التعليم والتربية يبدأ منذ الصغر من أول ولادة الإنسان حتي تنسجم الفطرة مع وحي الله ويقول المصطفي - صلي الله عليه وسلم- كل مولود يولد علي الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ¢ يجب علينا ان نبدأ مع الطفل المنهج الإسلامي ونسمعه آيات الله حين يستطيع الكلام ونحاول أن يحفظ كلام الله فان ذلك يزكي روحة وينمي لديه القيم القرآنية والأخلاق الإسلامية ويستوعب شمولية المنهج الإسلامي لأنه هو المقياس علي غيره فإذا تعرض بعد ذلك لأي فكر أو ثقافة قاس ما يقرءوه مستقبلا علي ما استقر في وجدانه وهو صغير لأنه هو الحق ويذكر أن المصطفي - صلي الله عليه وسلم- حين يري سيدنا عمر بن الخطاب ومعه جزء من التوراة يقرأه ومازال القرآن ينزل ومازال الإسلام يبدأ في تثقيف أصحابه قال لعمر والله لو كان موسي حيا ما وسعه إلا اتباعي وأمره بأن يعكف علي متابعة كلام الله وجاء القرآن ليوضح مهمة المصطفي في التربية فيقول مرارا في كتاب الله ¢ هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ¢ ثم يتحدث القرآن عن ان هذا المنهج ليس خاصا بعصر نبينا محمد إنما هو مستمر إلي الأبد ويصفح بقوله ذلك ¢ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ¢ مؤكدا ان المقصود من الآيات ليس سماع القرآن وتزكية الروح وتعليم ما جاء من عند الله إنما المقصود أن نعمل بما سمعناه وبما قرآناه وتعلمناه وإلا كنا كالحمار يحمل إثقالا ويضرب لنا مثلا بقوم موسي ¢ مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ¢ وهذا ليس وصف وإنما مثل يضربه الفرقان لكل من يسير علي منواله لمن يعلم عن كتاب الله ودينه ولا يعمل به يسلك مسلك المكذبين والذي تعلم ولم يعمل كالذي لم يتعلم ولم يعمل مصيرهم واحد إن أول وصول لأعداء الإسلام الي أرض الإسلام يقلب الميزان ويقومون بتعليم أبنائنا في طفولتهم لغات أجنبية ويضع أمامهم النمط الغربي علي انه المثال النموذجي والرمز الإيجابي بحيث يكون المعيار لما سيأتي بعد ذلك فإذا علمنا أولادنا منذ الصغر حضارة الغرب وفتن للعلم ونظر للمناهج والدساتير والنظم الغربية قبل أن يعرف ما في الإسلام جاءت قراءته للإسلام ضعيفة ويقيسها علي ما فهمه أولا من فكر الغرب وهذه هي الطامة التي نعيش فيها الآن فإذا سألت احد من المثقفين الذين رضعوا الثقافة الغربية وصار منهجهم هو التلوين من شأن الحضارة الإسلامية وتاريخها ومن شأن المنهج الإسلامي والدستور نجد أن السبب في ذلك هو تنشئتهم في الصغر علي تعاليم الغرب وانقلبت الأوضاع فبدلا من دراسة الإسلام أولا ثم يقرءوا بعد ذلك من الثقافات الغربية الأخري فيقيسوا ما سمعوه بما تلقوه من قبل وهو الحضارة الإسلامية وسوف ينحازون الي ثقافتهم الأصلية. وفي عهدنا هذا نري التكالب علي المناصب وعلي المنافع الشخصية والفئوية والحزبية وهذا ليس من تعاليم الإسلام فمبادئ الإسلام تقوم علي أن كل من يعيش علي ارض الإسلام له حقوق متساوية وعليه واجبات متساوية مؤكدا ان العدل هو أساس المنهج الإسلامي لا فرق بين أحد فالقانون واحد صادر من القوة العليا التي لا يجادل في سيطرتها وهيمنتها علي الخلق أجمعين والمطالبات الفئوية لا تنبع من القيم الإسلامية التي منها قيم العدالة المنضبطة التي جاء بها الرسل أجمعون فيقول تعالي ¢ وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ¢ كما وضح اننا ان لم نخضع لكتاب الله والوحي بشطريه القرآن والسنة سنظل في متاهات وخلاف وانشقاق وان من يبحث عن مصلحته الآنية ولا يدرك انه مهما نال من مال أو منصب أو سلطان أو مكانة أو زعامة فكل شيء سيضيع في لحظة ما فبينه وبين القبر طرفة عين وأما ان نترك الزينة وإما أن تتركنا هي ويقول اله عز وجل ¢ : إنا جعلنا ما علي الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا . ¢ الكثير منا يستبعد يوم القيامة مع انه يذهب في لحظة ولن نعود للدنيا مرة أخري وتبدأ مرحلة البرزخ الي يوم يبعثون وهذا الموعد ليس لدينا اي إشارة له والله وحده هو الذي يعلم الغيب ومسألة التوبة تحتاج مسابقة ومصارعة مع النفس ويعيش الإنسان لله ولرسالة الإنسان التي اصطفاه الله ليحملها للعالمين .ولابد أن يكون الإنسان نموذج للدين وأخلاقه وتراحمه والكلمة الطيبة . كما يوضح أن التعليم والتربية ان فات شبابنا منذ الصغر يجب أن يبدو لان فليس هناك وقت للضياع حتي يأتي الموعد لترك الحياة فنندم بعد ذلك وعلينا أن نعدل سلوكياتنا علي ما يطلبه الله ونعكف علي كتاب الله وسنة نبينا محمد - صلي الله عليه وسلم- قبل ان ننزلق في ثقافات الآخرين فما جاء من عند الله كفيل بإنقاذ الأمة والعالم إن صدقت النيات والأعمال.وندعو الله أن نكون ممن آمنوا بالله والرسول ولم يروه ورفعوا راية الدين في وجه المغرضين.