الرأي العام هو اتجاه أغلبية الناس في مجتمع ما اتجاهاً موحداً إزاء القضايا التي تؤثر في المجتمع أو تهمه أو تعرض عليه. ومن شأن الرأي العام إذا ما عبر عن نفسه أن يناصر أو يخذل قضية ما أو اقتراحاً معيناً. وكثيراً ما يكون قوة موجهة للسلطات الحاكمة. بأن الرأي العام ليس ظاهرة ثابتة بالضرورة. وقد يتغير إزاء مسألة ما من حين إلي حين. ومن وسائل التأثير في الرأي العام: وحدة الثقافة. والتوجيه. والعلاقات العامة. والصحف. ووسائل الإعلام المختلفة. والشائعات أداة فعالة تستخدمها بعض تلك الوسائل المشار إليها. مثل الصحف. والإذاعة والتليفزيون.. فالشائعات أداة من أدوات الإيحاء والاستهواء. ولها دور في بلورة الحالة العاطفية للرأي العام تجاه مختلف القضايا. بل ربما تؤثر علي صناع القرار أنفسهم عندما تخرج السيطرة علي الشائعات من تحت أيديهم. وإذا لم يكن الرأي العام للجماهير متمتعاً بملكات انتقادية وشكية وذاكرة قوية فإنه يصبح أكثر قابلية للتأثر بالشائعات. والشائعات الموجهة أساساً للتأثير في الرأي العام لا تهدف إلي إعطاء معلومات بقدر ما تهدف إلي تكوين حالة شعورية لرأي عام منقاد. ويتوقف نجاح الشائعات من هذا النوع علي قدرة الربط بين مضمون الشائعة والاتجاهات القيمية والعقائدية عند الجمهور. والمهارة في إخفاء أهداف الشائعة وراء أقنعة ذات مصداقية وغير مثيرة للريبة. وضعف ذاكرة الجمهور. وعدم توازنه النفسي. وقابليته للإيحاء وعدم تمتعه بعقلية نقدية. ومن هنا فإن تحليل الشائعات ومدي قبولها يمكن من التعرف علي مستوي نضج الوعي والقدرة علي الحكم الموضوعي المتعقل عند الرأي العام. ونظراً لأهمية صياغة الرأي العام. فإن معظم الدول الحديثة تمتلك وحدات متخصصة متدربة ومجهزة للقيام بذلك في إطار ما يسمي ب"فن الدعاية".. ذلك الفن الذي اتسع نطاقه في الأزمنة الحديثة حتي بات يشمل كل مجالات الحياة. ويستخدم أحدث فنون الإيحاء الذاتي المبنية علي اكتشافات علم النفس الفردي والاجتماعي. والتأثير بواسطة الشائعات في الرأي العام هو أحد الموضوعات التي يدرسها علم حديث نسبياً هو "علم اجتماع وسائل الإعلام" والقاعدة الأساسية في هذا العلم تنطلق من تعبير عالم الاجتماع الأمريكي لازويل: "من يقول ماذا ولمن وبأي غرض؟" وعلي هذا الاساس قامت دراسات ذهبت إلي القول بقدرة وسائل الإعلام - ومن بين أدواتها الشائعات - علي صنع الرأي العام وتغيير القناعات السائدة. مثل تلك الدراسات التي نشرها بول لازار سفلد وغيره. إن الشائعة شأنها - شأن أية ظاهرة إنسانية - تصدر وتنتشر وفق شروط لابد من أن تتفاعل فيما بينها لتصنع مناخ الشائعات.. ويمكن تسجيل ثلاثة شروط ذات دور حاسم في انتشار الشائعات. أولها مدي أهمية الموضوع. فالعامل الأول في الشائعة. هو مدي أهمية الموضوع الذي تدور حوله. بالنسبة للراوي والمستمع. فإذا كانت ثمة أهمية فإن شرطاً أساسياً قد غاب. وغيابه يعني فقدان الشائعة لشرط من شروط حياتها الأساسية. فمثلا من المستبعد أن ينشر مواطن مصري شائعة عن فساد حزب من الأحزاب السياسية في "منغوليا". فالموضوع لا يمثل له أي أهمية ألبتة. لكن توافر "الأهمية" وحدها دون العوامل الأخري. لا يستلزم بالضرورة قيام شائعة. لأن من الممكن توافر "الأهمية" للموضوع. ومع ذلك لا توجد العوامل الضرورية الأخري مثل: الغموض. والاستعداد النفسي والعقلي لتقبل الشائعة وترديدها. وفي هذه الحالة لن تنشأ شائعة ما لغياب شرطين أساسيين من شروطها. فهناك كثير من الموضوعات ذات الأهمية القصوي في حياة الإنسان. ومع ذلك لا تنشأ حولها شائعات. لأنه ليس ثمة غموض حولها أو لأنه لا يوجد استعداد نفسي وعقلي لتقبلها.. أما الشرط الثاني فهو الغموض الذي يحيط بالموضوع من أكثر العوامل فاعلية في تكوين الشائعة وحياتها. لأن غياب الوضوح يعني غياب التفسير الدقيق للموضوع. الأمر الذي يدفع إلي تكوين اجتهادات تفسيرية تحاول فك شفرة الغموض حول الموضوع. تلك الاجتهادات تفسيرية. سواء كانت مغرضة أو لا. هي تمثل لب الشائعة. مع العلم بأن الغموض وحده لا يدفع إلي الاجتهاد في التفسير. إذ لابد من توافر "الأهمية" للموضوع. فالمصريون - مثلا - لن يجتهدوا في تفسير غموض موضوع ليس له أهمية عندهم. مثلا الغموض الذي يحيط بطبيعة جماعة الحقيقة السامية في اليابان. لن يؤدي إلي نشوء اجتهادات التفسير "الشائعات - هنا" عند المصريين لأن الموضوع ليس له أهمية عندهم. وترجع العوامل التي تصنع غموضاً ما إلي أسباب عديدة منها نقص المعلومات. وتضارب المعلومات وتناقضها وعدم القدرة علي فهم المعلومات المقدمة نظراً لعدم وضوحها أو لخلل في ملكات الفهم. وعدم الثقة في مصادر المعلومات. والشرط الثالث هو الاستعداد النفسي والعقلي. فالأشخاص الأسوياء ذوي التكوين النفسي المتوازن والصحة العقلية ذات النزعة النقدية الشكية - ليسوا عرضة لنشوء الشائعات وتداولها بينهم حتي لو توافر عاملي "الأهمية" و"الغموض" في الموضوع. حيث إن الموضوع المهم الذي حوله غموض لن يدفعهم إلي تكوين شائعات أو إلي تقبلها إذا نشأت من مصدر آخر. لأنهم علي معرفة بطبيعة ظهور الشائعات والقانون الذي يحكمها. وهم لا يقبلون أخباراً إلا إذا كانت مدعمة ببراهين صدقها. وعلي النقيض من هذا فإن الاشخاص ذوي الاستعداد النفسي والعقلي لتقبل الشائعات. هم الذين يمثلون بهذا الاستعداد العامل الثالث في حياة الشائعة. وإذا ما أردنا توضيح الأمر أكثر. فإن حالات التوتر. والقلق. والقابلية للحسد. والإسقاط النفسي. والتركيبة العقلية غير النقدية. هي ما يمثل العامل الثالث من عوامل انتشار الشائعات. بناء علي ما سلف. يمكن الاختلاف مع ما زعمه كل من أولبورت ويوستمان. من أن القانون الأساسي للشائعة يحكمه طرفان فقط هما: الأهمية. والغموض. إن هذين الطرفين من وجهة نظري هما شرطان ضروريان. لكنهما غير كافيين. بمعني أنهما وإن كانا ضروريين. إلا أنهما لا يكفيان لظهور شائعة. إذ لابد من توافر شرط ثالث هو "الاستعداد النفسي والعقلي" لنشوء الشائعة وسريانها. وبدون هذا العامل الثالث لن تكون هناك شائعة بدليل ان الاشخاص - كما سبق أن قلت - الذين يفهمون طبيعة ظاهرة الشائعات. ويتمتعون بملكة عقلية نقدية متوازنة. وليسوا في حالة من الحالات النفسية غير السوية - هم أقل قابلية. أو معدومي القابلية في أحيان كثيرة. لتقبل وترديد الشائعات.