عندما ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الطائف التي استرضع فيها بعدما عاني من كفار قريش الأمرين بعد وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب اللذين كانا سندا له ولدعوته حتي كان عام وفاتهما "عام الحزن" رده أهلها بالسباب وسلطوا عليه سفاءهم وعبيدهم بأن يسبوه ويقذفوه بالحجارة حتي أدموا قدميه الشريفتين فلجأ إلي بستان لأبناء أحد رجال قريش المعارضين لدعوة رسول الله صلي الله عليه وسلم وهما: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وكان الطائف مصيفاً لأغنياء قريش فجلس بجوار حائط البستان ودعا الله جل وعلا بالدعاء المشهور "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي. وقلة حيلتي وهواني علي الناس يا أرحم الراحمين". هذا الدعاء الذي جاء من صميم قلبه صلي الله عليه وسلم بين ثنايا الحزن الذي ألم به وفاتحة الخير للبشائر التي نزلت تباعا عليه صلي الله عليه وسلم. أول بشارة: جاءه رجل من طرف أصحاب البستان عبد مسيحي من نينوي فلما رآه النبي صلي الله عليه وسلم أخذ قطف العنب منه وكان يسمي "عداس" ثم سمي الله جل وعلا فقال له من أنت؟ فذكر له أنه مسيحي من نينوي فقال له صلي الله عليه وسلم بلد النبي الصالح يونس بن متي قال له وما أدراك ما يونس بن متي؟ قال: هو أخي هو نبي وأنا نبي.. فقام عداس يقبل رأس النبي صلي الله عليه وسلم ويديه وقدميه وأسلم. ثاني بشارة: حينما عاد إلي مكة في طريق عودته إليها قام يصلي ويقرأ القرآن الكريم في جوف الليل فسمعه نفر من الجن فأسلموا ولم يرهم أحد ولا النبي صلي الله عليه وسلم ولكن الله تعالي أبلغه بهم في القرآن الكريم في سورة الجن قال تعالي وقل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن..." الجن 1 فكانوا سفراء لقومهم قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا فكانوا سفراء لقومهم للإيمان ونشر الإسلام. ثالث بشارة: عاد إلي مكة وبدأ يدعو القبائل في موسم الحج وكان يدعو قبل ذلك دون جدوي فقابل سبعة من الخزرج وكان اليهود يهددونهم اليهود بأن نبياً يوشك أن يبعث وسوف يقضي عليهم فلما ظهر النبي صلي الله عليه وسلم في مكة وآمنوا به رجعوا إلي المدينة لينشروا الدعوة الإسلامية بين قومهم. البشارة الرابعة: جاء في العام التالي لموسم الحج اثنا عشر رجلا من الأوس والخزرج بايعوا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الإسلام فأرسل معهم مصعب بن عمير ليعلمهم شرائع الإسلام والقرآن الكريم ووعدوه بنشر الإسلام. البشارة الخامسة: في العام التالي له جاءه ثلاثة وسبعون من الأوس والخزرج منهم امرأتان هما أم عمارة الأنصارية وأم منيع بايعوا رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعهم مصعب بن عمير خفية عن المشركين وذلك بعد أداء مناسك الحج وطلبوا منه أن يأتي مهاجرا إلي المدينة وسوف يحمونه كما يحمون نساءهم وابناءهم وكان معه عمه العباس ولم يكن قد أعلن إسلامه بعد ولكن أتي معه حماية له وليستوثق له من عهدهم وقد اختار النبي صلي الله عليه وسلم اثني عشر نقيبا منهم وكان هو نقيباً عن المهاجرين الذين أخذوا يهاجرون تباعا هربا بدينهم إلي المدينة "يثرب". البشارة السادسة: كانت هدية من الله جل وعلا لرسوله صلي الله عليه وسلم وهي الإسراء والمعراج الذي حمله من الدنيا إلي ملكوت السماوات والأرض فأسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي وصلي إماما بالإنبياء كلهم وهو إمامهم وخاتم الأنبياء ثم حمله جبريل بعد ذلك إلي السماوات العلا سماء سماء حتي وصل إلي سدرة المنتهي تحت عرش الرحمن بعدما قابل أنبياء الله في كل سماء ليسجد تحت عرش الرحمن وتفرض عليه الصلوات الخمس في أعلي فكان في العالم اللانهائي كله تقديرا لأهميتها وتشريفها عند الله جل وعلا. البشارة السابعة: الهجرة إلي المدينة بأمر الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم ليؤسس دولة الإسلام في المدينة علي أركان راسخة فيها الأخوة والمعاهدات والمسجد الذي جمع المسلمين للصلاة والاجتماع بهم وبغيرهم من السفراء وعقد الألوية للحرب وساحة للعلم والقضاء وغير ذلك ثم نشر الإسلام في جزيرة العرب وما حولها بعد القضاء علي الأحزاب والكافرين الذين تربصوا بالإسلام ونبي الإسلام والمسلمين.