فضل الله كثير علي خلقه. وذلك لا يوصف به إلا الخالق سبحانه وتعالي. ويتنوع هذا الفضل إلي نعم لا يحصيها العبد. ولا يحيط بها الإدراك ولا يستطيع المخلوق مهما أوتي من العلم ان يحيط بهذه النعم.. ومن أجل النعم وفضل الله الحكمة..وأوضح الآراء فيها. وأقربها إلي عقل المخلوقات هو الاصابة في القول والفعل. وقد أورد لها المفسرون عشر معان. كان علي رأسها النبوة. وأساسها المعرفة بالقرآن وفقهه. ومنسوخه. ومحكمه. ومتشابهه. وغريبة ومقدمه. ومؤخره وبذلك تكون كما وصفها الحق سبحانه وتعالي في كتابه في سورة البقرة:"ومن يؤت الحكمة. فقد أوتي خيرا كثيراً. وما يذكر إلا أولو الألباب" آية .269 ولعل من هذا الخير الكثيرما أشار اليه المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم في صحيح البخاري: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وما أحوجنا نحن في هذه الأيام الشداد إلي ما رواه ثابت بن عجلان الأنصاري حين قال: ان الله ليريد العذاب بأهل الأرض. فإذا سمع تعليم المعلم. الصبيان الحكمة صرف ذلك عنهم. وفي هذا اشارة إلي ان أصل الحكمة هو القرآن الكريم. وهي أفضل ما أعطي من جمع علم كتب الأولين والآخرين. من الصحف. والاعلام المقروء والمسموع. والمرئي لأن كل ذلك قليل اذا قيس بعلم الخالق جل وعلا. حيث وصف علم البشر في جميع الفروع والفنوون الدنيوية حتي والدينية بأنه قليل!!. قال بعض الذين أنعم الله عليهم بالحكمة: من أعطي العلم والقرآن ينبغي ان يعرف نفسه. ولا يتواضع لأهل الدنيا. لأنه أعطي أفضل ما أعطي أصحاب الدنيا. لان الله وصف متاعها بأنه قليل. ووصف العلموالقرآن بأنه خير كثير. ولذلك تربص الشيطان بابن ادم حتي يبعده عن هذا الفضل. بشتي طرق الغواية. والضلالة. فاذا أراد الاحسان أخافه من الفقر. لئلا ينفق. فهو مثبط للإنسان عن الانفاق في سبيل الله. حريص علي تزيين الفحشاء والمعاصي. والانفاق ببذخ في سبيلها. والله سبحانه وعد بالمغفرة والفضل. والوعد عند العرب. إذا أطلق فهو في الخير. واذا قيد الموعود كما فعل الشيطان. فقد يكون في الخير والشر. وشتان بين عطاء الخالق جل وعلا حيث يعد عباده مغفرة منه وفضلا عكس ما يزينه الشيطان ويعد به. من الفقر والفحشاء. ومغفرة الله هي الستر علي عباده في الدنيا والآخرة. وفضله هو الرزق في الدنيا والتوسعة والنعيم في الآخرة!! وكأن سيبويه عالم النحو واللغة كان يسمع عن ربه حين قال شعرا: أمرتك الخير فافعل ما أمرت .. فقد تركتك ذا مال وذا نشب وهنا إطلالة علي وعد الحق سبحانه بالفضل والمغفرة ووعد الشيطان بالفقر. حتي ان بعض المفسرين ذكر ان بعض الناس يأنس إلي ان الفقر أفضل من الغني لأن الشيطان يخوف الانسان من الانفاق فيذكره بالفقر.. وبعض المفسرين نفي نفياً قاطعاً ان يكون الانفاق طريقاً للفقر. بل طريق الكرم والسعادة والهناء والتكامل والتراحم بين الناس كما وعد ربنا سبحانه وتعالي لا كما وعد ابليس اللعين فقد ورد في التوراة كتاب اليهودية الصحيح "عبدي أنفق من رزقي أبسط عليك فضلي. فإن يدي مبسوطة علي كل يد مبسوطة" ولقد أوضح القرآن الكريم وعد الله سبحانه وتعالي بالمغفرة والفضل. وغواية الشيطان. ودعوته إلي الشح حين يعد بالفقر والفسودق في قوله عز من قائل في سورة البقرة آية 268 "الشيطان يعدكم الفقر" وأمركم بالفحشاء. والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً. والله واسع عليم"!! وأكد ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: رأس الحكمة مخافة الله"!!