* تقع انقلابات عسكرية في البلدان الإسلامية ولا شأن لفتوي علماء المسلمين بها. لأن أصحابها يقومون بها لأسباب وضعية ولكن هناك من يقومون بانقلاب عسكري للاستيلاء علي السلطة ويدعون انهم يفعلون ذلك باسم الإسلام. ما هي شرعية الاستيلاء علي السلطة بالانقلاب العسكري باسم الإسلام؟ ** يجيب الإمام الأكبر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق: حرصت شريعة الإسلام علي تثبيت الحاكم الشرعي في كل دولة وعلي وجوب طاعته في غير معصية الله - تعالي - منعا لتمزق الدولة وتشتت أفكارها واضطراب أحوالها وحفاظا علي وحدتها وأمنها واستقرارها ورقيها. والحاكم الشرعي: هو الذي ترتضيه الأمة عن طريق الانتخاب المباشر أو عن طريق أهل الحل والعقد الذين توكلهم الأمة لاختياره كأعضاء مجلسي الشعب والشوري ومن في حكمهم. وقال - تعالي - "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" "سورة النساء: الأية 59". ولقد بلغ من حرص النبي - صلي الله عليه وسلم - علي تثبيت الحاكم الشرعي الذي اختارته الأمة ان أمر بضرب عنق كل من يريد عزله ظلما وعدوانا. ومن الأحاديث الشريفة التي وردت في هذا المعني ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال من حديث طويل: "ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده. وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر" وفي صحيح مسلم - أيضا - عن عرفجة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "انه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان".. وفي رواية: "من أتاكم وأمركم جميع علي رجل واحد. يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه". فهذه الأحاديث الصحيحة تحفظ للحاكم الشرعي حقه وتأمر بقتل كل من يعمل علي تفريق كلمة الأمة واثارة الفتنة بين صفوفها بأن يصر علي خلع الحاكم الشرعي الذي ارتضته الأمة عن طواعية واختيار وينصب غيره مكانه ظلما وعدوانا. ولقد أمرت شريعة الإسلام بالوفاء بالعهود بصفة عامة وبالوفاء بالبيعة التي يبايع فيها الأفراد حاكمهم بصفة خاصة لأن في هذا الوفاء تقرير الروح الأمان والاطمئنان وتأكيدا وتشجيع النشر الرخاء والثقة والتعاون الصادق بين أفرادها اذن المعروف عن كل عاقل أن كل أمة يشيع فيها نقص العهود والغدر يكون أمرها فرطا. ومن الأحاديث النبوية التي أمرت بوجوب الوفاء بالبيعة للحاكم الشرعي ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: "بايعنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - علي السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلي ألا ننازع الأمر أهله. وعلي أن نقول بالحق أينما كنا لا نخشي في الله لومة لائم". كما نهت شريعة الإسلام عن الخروج علي الحاكم الشرعي بسبب الهوي المردي أو بسبب العصبية العمياء أو بسبب الحصول علي القوة الباغية أو بغير ذلك من الأسباب التي لا تقرها شريعة الإسلام وتنبذها العقول الانسانية السليمة. ولقد توعدت الشريعة الإسلامية من يخرج علي الحاكم الشرعي لأي سبب من الأسباب السابقة بسوء المصير وبفسوقه عن أمر به - عز وجل -.