* الثورات تأتي لتخرج أفضل ما في الناس.. ولكن ذلك لم يحدث لدينا إلا في بدايتها فقط . * تبدأ الثورات عادة بأصحاب الضمائر النقية والقلوب المخلصة ثم يغزوها بعد ذلك أهل النفاق وأصحاب المصالح .. تبدأ بالمخلصين في وقت المغارم ثم يظهر المتسلقون في وقت المغانم.. تبدأ سلمية نظيفة ثم تنتهي مولوتوفية تحرق وتدمر في مؤسسات الدولة أو المدارس والمجامع العملية والمباني الإدارية أو وزارة التموين أو المحاكم.. وكأن هذه الأماكن كلها تعاديهم . * تبدأ الثورات بانصهار أطياف الوطن في بوتقة الوطن ثم تنتهي بالاستقطاب الحاد وتخوين كل فريق للآخر. * تبدأ بحراسة المنشآت العامة وحمايتها.. ثم تنتهي بتحطيمها وحرقها وتدميرها. * تبدأ بصورة المسيحية وهي تصب ماء الوضوء علي يد رجل مسلم يتوضأ في ميدان التحرير.. ثم تنتهي أن ينكفئ كل فريق منهم علي نفسه معاديا ً للآخر. * يعود المسلم إلي جماعاته وطوائفه مشحونا ً ضد المسيحي.. ويعود المسيحي إلي جماعاته وطوائفه خائفا ً من المستقبل وقلقا ً من حكم الإسلاميين. * تبدأ الثورة باجتماع ملايين المصريين في ميدان واحد يضم كل الفصائل السياسية تضمهم منصة واحدة وشعارات واحدة ثم تتحول المليونية الموحدة المتآلفة إلي مليونيات متشاكسة متحاربة.. مليونية ومليونية مضادة.. وميدان في مواجهة ميدان.. وهتافات ضد هتافات.. وقتلي في الجنة وقتلي في النار وبداية للاحتراب الأهلي الذي أسقط في المليونيات المتحاربة قرابة ألف جريح وعشرة قتلي في عدة أيام في أواخر العام الماضي. * تبدأ الثورات لإلغاء قانون الطوارئ فيحرق البعض البلاد ظنا ً منهم أنهم يحرقون الأرض تحت الرئيس فحسب.. ولا يدرون أنهم يحرقون أنفسهم وبلادهم.. وتنتهي الثورة بإعادة قانون الطوارئ للحفاظ علي البقية الباقية من دماء المصريين.. وكأننا نحرث في البحر. * يشارك ألتراس الأندية المختلفة في بداية الثورة ويبلي فيها بلاء ً حسنا ً متشاركين متعاونين.. ثم تقع الكارثة فيقتل البعض جماهير النادي الآخر.. ويتقاتل الأشقاء ويخير الوطن المنكوب بين حرق القاهرة أو حرق بورسعيد.. وبين إلغاء حكم القضاء العادل أو حرق بورسعيد.. وبين حرق القاهرة أو الثأر لقتلي المذبحة الأبرياء.. فيحتار الوطن ¢فكلاهما مر¢ ؟!! * إنه يخير بين حرق ابنه الأكبر أو الأصغر فيرفض الاختيار.. ولكن بعض الأشقياء يصرون علي حرق واحد من الأبناء.. ويحرقونه فعلا ً رغم أنف الجميع.. فهل قمنا بالثورة لنطفأ النيران أم نحرق الأوطان ؟! * كنا نعاني قبل الثورة من غياب التعددية السياسية وعدم السماح بالأحزاب وديكورية هذه الأحزاب.. واليوم تحرق مقرات الأحزاب وتقتحم مقرات الحرية والعدالة تارة والوفد أخري.. وكأنهم يريدون إلغاء التعددية السياسية من أصلها بالحرق وليس بالدهاء والمكر. * جاءت الثورة لإصلاح مؤسسات الدولة ثم انحرفت عن مسارها.. فهؤلاء يحاصرون القصر الجمهوري والآخرون يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامي.. وهذا الفريق يحاصر الداخلية والبرلمان فيردون عليهم بحصار المحكمة الدستورية.. فكلنا في الحصار سواء.. ولتذهب مؤسسات الدولة إلي الجحيم ¢ مادمت أنا سأبقي ¢. * كان كل منا يحمي الآخر في بداية الثورة فإذا بكل واحد منا يكيد للآخر حينما تلوح المغانم. * هل جاءت الثورة لتنطلق الألسنة في كل مكان بدء ً من الإعلام إلي الشارع إلي البيوت بالسفه والتسفل والشتائم والسباب.. حتي وصل التفحش إلي ميدان الدعوة الإسلامية الطاهرة.. فهل أطلقت الثورة الألسنة من ضبط العقول والأخلاق والدين ؟ * هل تعني الثورة أن يحاصر ألتراس المصري السجن ليخرج من حكم عليهم؟.. قد يقول: ¢الحكومة قبل ذلك حاصرت الدستورية والمعارضة حاصرت القصر الجمهوري والداخلية.. وهما أهم من السجن.. فلماذا تلومونني وهل تعلمت منكم سوي ذلك ¢. * هل تعني الثورة أن يحاول البعض هدم المؤسسات السيادية أو يحاول آخرون تأميمها لصالحه.. في الوقت الذي تتمزق هذه المؤسسات بين هؤلاء وهؤلاء؟! * هل تعني الثورة أن نرفض دائما ً أحكام القضاء التي لا تعجبنا.. حتي الحكومة تفعل ذلك.. والمعارضة كذلك.. وألتراس المصري أيضا ً.. ولماذا نلوم عليه فقد فعل الجميع ذلك قبله.. وهم أكبر منه وأرفع.. فلماذا لا يفعلها ؟