تعيش الأمة الإسلامية في شتي بقاع الأرض أجل مناسبة في تاريخها. وأعظم أثر ظل نوره يضيء لها طريقها منذ أكثر من أربعة عشر قرنا إلي يومنا هذا. ألا وهو ميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد "صلي الله عليه وسلم" وحبي لنبي الهدي جعلني أتذكر قول القائل: إليك وإلا لا تشد الركائب وعنك وإلا فالمحدث كاذب وحبك يا خير النبيين مذهبي وللناس فيما يعشقون مذاهب والرسول محمد "صلي الله عليه وسلم" معجزة الإنسانية للبشر وآية السماء إلي الأرض وسفينة الدنيا للآخرة. فأني للقول أن يوفيه حقه. وأني للبيان أن يحيط بوصفه. وأني للشعراء والخطباء أن يبدعوا في ذكره ومدحه. فقد عجزت وسائل الاعلام قديما وحديثا. أن تصفه كما وصفه ربه. وبارئه بأعظم صفة في كتابه العزيز "وإنك لعلي خلق عظيم" سورة القلم الآية الرابعة حيث تضمنت ما غمض من أسرار الكون التي أودعها الله رسوله "صلي الله عليه وسلم". وفي محيط الأمة الاسلامية وحتي عصرنا الحاضر. وهذه البيئة التي امتدت حضارتها آلاف السنين مستندة إلي أصل ديني نشأ أصحاب الرسالات والأديان المعروفة حتي الآن.. ففي مصر نشأ موسي وفي حجر عدوه فرعون. وقضي طفولته. وعلي يد كهنة ورجال الدين من أهل دولته. عرف الوحدة الإلهية. وأسرار الكون حتي أذن له في هداية قومه ببلد كان فرعون يجأر بقوله لأهله "أنا ربكم الأعلي" آية 24 من سورة النازعات علي حين وقف موسي يجادل فرعون وسحرته. حتي اضطر آخر الأمر أن يهاجر ومعه بنو إسرائيل إلي فلسطين. فهذا موسي يلجأ إلي بلاد الشام خوفا من فرعون وملته!! كما شرفت هذه الأرض بنشأة عيسي روح الله وكلمته التي ألقاها إلي مريم. فلما رفعه الله إليه. قام الحواريون من بعده يدعون إلي المسيحية التي دعا إليها. وقد أصابهم من العنت ما أصابهم حتي أذن الله للمسيحية أن تنتشر علي يد عاهل الروم حينئذ. ودانت الامبراطورية الرومانية بدين عيسي. فانتشرت في مصر والشام واليونان. ومن مصر امتدت للحبشة. ولكن مجوسية الفرس لم تترك المسيحية لتستولي علي العالم وحدها بل نافستها وتؤازرها قوي الشرق الأقصي والهند. ولكن الاختلاف بين الطوائف المسيحية. أصابها بالانحلال ولحقت بها المجوسية التي اشتد أزرها حتي غلبت الروم ولكنهم بعد غلبهم سيغلبون!!. استمرت القوتان المسيحية والمجوسية في الغرب والشرق تحيطان بالجزيرة العربية حتي القرن السادس الميلادي. وكلتاهما تبذل جهدها لنشر عقيدتها. إلا أن الجزيرة العربية ظلت آمنة من غزو إحدي هاتين القوتين. فلم تولد بها المسيحية أو المجوسية لموقعها المنيع. فهي مستطيل غير متوازي الأضلاع شماله فلسطين والشام وشرقه الحيرة ودجلة والفرات والخليج العربي. وجنوبه المحيط الهندي وخليج عدن. وغربه البحر الأحمر مما جعلها تستعصي علي الغرو. بالاضافة الي ترامي أطرافها وأرضها الجدباء. والتي صرفت عين المستعمر عنها!! هذا هو حال العالم والجزيرة العربية قبل ميلاد الرسول "صلي الله عليه وسلم" حيث يعيش الناس في جو من الفوضي والاضطراب فلا دين يرشد. ولا قانون يردع. ولا ضمير يؤنب. ولا مروءة تعصم الانسان من ارتكاب الرذائل. فهم كالسمك يعيش في الماء. والوحوش في البيداء يأكل كبيرهم صغيرهم. وقويهم ضعيفهم. آلهتهم الحجارة. ورسولهم الهوي والشيطان. وحياتهم التناحر وسفك الدماء. ومن هنا كان لابد للبشرية من نور يهديها طريقها. وهاد رشيد. ومصلح مجدد. وسلطان عادل وبطل شجاع وقائد بصير. ولا تتحقق هذه الصفات في أي فرد اللهم إلا في منقذ الانسانية ونبي الرحمة "محمد صلي الله عليه وسلم"!!.