أجمعت الديانات السماوية كلها علي اليسر. وهو أن مع الضيقة والشدة يسراً. وسعة وغني. ولا يدوم الحال علي العسر. كما انه لا يدوم علي اليسر فدوام الحال من المحال فإذا صادف الإنسان الشدة. فعليه ان ينتظر الفرج والسعة. وإذا أحاط به اليسر. فلا يفرح بذلك. ويسعد. وإنما عليه ان يتوقع العسر. وتلك سنة الله في خلقه. ولن يجد المؤمن لسنة الله تبديلا. وأنواع اليسر كثيرة. ومتعددة. فنعم الله لا تحصي. وخيراته لا حدود لها. في المال والولد. والصحة. والأمان. والأمن الذي به يسعد الناس. وتفرح الشعوب وتستقر الأمم.. كما ان أنواع العسر متشعبة وكثيرة وهي متمثلة في نقص هذه النعم. أو الحرمان منها. أو الاهمال فيها. وضياعها. وهنا يعم الابتلاء!! جاء الإسلام علي قدر. والناس فوضي لا مسراة لهم. ولا هادي لهم من الضلال. فعبدوا الأحجار. وألهوا الاشجار. وشربوا الخمر. ووأدوا البنات. وأباحوا الزني حتي بلغ المحارم. لأنهم يعيشون في صحراء جرداء ما قرأوا كتابا. ولا عرفوا مدنية ولا خالطوا أمما مهذبة. هكذا كان حال الجزيرة العربية. قبل ان يشرق نور الإسلام. ويجد الناس حلاوة الإيمان علي يد إمام المرسلين وخاتم النبيين محمد صلي الله عليه وسلم. الذي نهي عن كل ما يضر الإنسان في عقيدته وماله وولده وصحته ونفسه وماله فحرمه عليه. وما ينفعه في دنياه. وآخرته ومعاشه. معاده. فأحله له. وحثه علي تحصيله والانتفاع به!! ومن هنا نري الإسلام يأخذ اليسر طريقاً. والتيسير علي الناس خلقاً. وما ينفع الإنسان في مسيرته لعمارة الأرض. وسيلة وغاية. وهذا هو الذي كرم الله سبحانه وتعالي به بني آدم عامة والمسلمين خاصة حيث كان دينهم لا يأمرهم إلا بما فيه صلاحهم. ولا ينهاهم. إلا عما فيه خسارهم وضياعهم وما ورد في الآية الكريمة من سورة الشرح: "فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسراً" لهو دليل علي رحمة الله وفضله علي البشرية!! كان من عادة العرب إذا ذكروا اسما معروفا ثم كرروه. أنهم يعنون أنه هو لم يتغير. وإذا نكروه. ثم كرروه. فهم يقصدون غيره. وأنهم اثنان ليكون ذلك أقوي للأمل. وأبعث علي الصبر. ولهذا وردت الأحاديث الكثيرة في شرح هذه الآية الكريمة. الانفه من سورة الشرح. فيقول ابن عباس: يقول الله تعالي: "خلقت عسرا واحدا وخلقت يسرين. ولن يغلب عسر يسرين".. وقال ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "والذي نفس بيده. لو كان العسر في حجر. لطلبه اليسر حتي يدخل عليه. ولن يغلب عسر يسرين". فيا أيتها الشعوب المغلوبة علي أمرها في شتي بقاع العالم. وخاصة الشعوب الإسلامية. والربيع العربي. اصبروا وصابروا حتي يزيل الله عنكم العسر. الذي طال أمره. وبعد فجره. فلابد لظلام الليل من ضياء الفجر. وصدق الشاعر القائل: ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر وبقية المعني يسبق في البيت الذي قبله: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر وأني لأري في كلام الشاعر فرجاً قريبا. وأملا لابد ان يتحقق. وقد آن الأوان ان ينقشع العسر. وان يشرق الرخاء. ويعم الخير. بعد استجبنا لله وللرسول حين دعانا لما يحيينا بالعيش في رغد بعد ان ضاقت الأرض علي رحبها وخيراتها وثمارها وأمنها وأمانها علي شعوبها بما رحبت!! حيث يقول الحق سبحانه وتعالي في نهاية سورة آل عمران: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا. وصابروا. ورابطوا. واتقوا الله لعلكم تفلحون"!! وقد سبق هذه الآية الكريمة أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يذكر له هول جموع الروم. وما يترتب علي ذلك من خوف جيش المسلمين لقلة العدد والعدة. فرد عليه عمر رضي الله عنه "أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد من منزل شدة. يجعل الله بعده فرجا. وانه لن يغلب عسر يسرين" مرددا ومتفائلا بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم آنفا. وان الله تعالي في الآية السابقة يحذر من اليأس والقنوط!! والله من وراء القصد. وهو المستعان