من فضائل الله علي العباد أن يسر لهم كل شيء حتي لا يملوا. وحينما نزل قول الله تعالي: "فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً" قال سيدنا محمد "صلي الله عليه وسلم": "لن يغلب عسر يسرين".. وأهل اللغة العربية يقولون: إن إعادة لفظ المعرفة "العسر" مرتين يعتبر مرة واحدة. أما إعادة النكرة "يسراً" فيعتبر مرتين. مما يوضح أن التيسير هو غاية شريعة الله لعباده. وفي هذا الإطار جاء قوله تعالي: "ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم".. يقول بعض المفسرين إن هذه الآية نزلت علي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" إذناً من الله كي يصلي المتطوع. حيث توجه الي شرق أو غرب في سفره.. وتنقل بعض الروايات أن أمير المؤمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصلي. حيث توجهت به راحلته. ويذكر أن رسول الله "صلي الله عليه وسلم" كان يفعل ذلك انطلاقاً من هذه الآية الكريمة. وقال آخرون إن الآية نزلت في قوم عميت عليهم القبلة. فلم يعرفوا أين الاتجاه في صلاتهم. فصلوا إلي اتجاهات متفرقة. فأخبرهم الحق تبارك وتعالي تيسيراً وتخفيفاً عليهم. حيث أشار إلي أن العباد حينما يتجهون في صلاتهم إلي أي اتجاه بعد إعمال نظر فإن صلاتهم صحيحة لأن العبد حينما يولي وجهه إلي أي شطر. فهناك وجه الحق تبارك وتعالي. وتلك هي رحمة الله بعباده ورأفته بمن يخلص النية لله تعالي. وهذا الأمر حدث في عهد رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فقد روي عن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله في ليلة سوداء مظلمة. فنزلنا منزلاً مما جعل الرجل يأخذ الأحجار لكي يتخذ مسجداً يصلي فيه. فلما أصبحنا إذا نحن صلينا إلي غير اتجاه القبلة. فاتجه هؤلاء إلي سيد الخلق محمد "صلي الله عليه وسلم" للاستفسار عما جري.. فجاء قول الله تعالي ليزيل ما في نفوس هؤلاء من شك: "أينما تولوا فثم وجه الله". وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله "صلي الله عليه وسلم" بعث سرية فحدثت ضبابة جعلتهم لا يهتدون إلي القبلة. فصلوا إلي اتجاه آخر. فلما عادوا من هذه السرية ذهبوا إلي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وأخبروه.. فأنزل الله هذه الآية. من كل ما سبق يتضح أن شريعة الإسلام هي شريعة التيسير والشفقة بالعباد وذلك رحمة بالذين يحرصون علي أداء فريضة الصلاة التزاماً وتنفيذاً لأوامر الله تعالي ولذلك يصح للمصلي في الطائرة أن يصلي إلي أي اتجاه بينما تسير الطائرة في أجواء السماء وكذلك راكب السيارة أو الراحلة. فلا حرج حتي لا يتعلل أي فرد بأنه لا يعرف القبلة. فلا يؤدي الصلاة. ولذلك قال الفقهاء: إن من اجتهد لتحديد مكان القبلة في صلاته ثم صلي إلي الاتجاه الذي اهتدي إليه في اجتهاده. فصلاته صحيحة وليس عليه إعادة لهذه الصلاة. تلك هي الفريضة التي يجب علي المسلم الحرص عليها فهي العهد بين المسلم وربه. ولا تهرب منها بأي صورة من الصور. وهكذا كانت صلاة الخوف في الحرب.. أرأيت أيها العبد المسلم مدي أهمية الصلاة في حياة المسلم؟!.. إذ لابد من أدائها في الأوقات العصيبة وما أكثر الشدة وقت الحرب. وهي في هذا التوقيت تؤكد الصلاة. ومن يلتزم ينصره الله. أرأيتم مدي أهمية الصلاة في حياتنا؟!.. نسأل الله الهداية والتوفيق.