مشكلات لا حصر لها بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر تنوعت ما بين عدم الانضباط والفوضي في الحضور والانصراف والرسوب لسنوات متتالية في مادة القرآن الكريم. عدم الاهتمام بمناهج الدراسات العليا التي تؤهل الطالب للحصول علي الدرجات العلمية الرفيعة وكذلك عدم استقلال تخصص مقارنة الأديان بذاته وتبعته لقسم آخر رغم أهميته القصوي بالإضافة إلي أكذوبة الجودة بالكلية. "عقيدتي" ذهبت لكلية أصول الدين ورصدت أهم السلبيات في محاولة للتطوير والنهوض بالأزهر وتخريج داعية متميز. بداية التقينا ببعض طلبة أصول الدين حيث قال رشاد جمال الدين أولي أصول دين: بكل صراحة أنا غير راض عن المناهج التي أدرسها بالكلية فهي مؤسفة ولا ترضي طموحي وتطلعي كما أن الفوضي هي السمة العامة للدراسة بالكلية فلا توجد مواعيد للحضور أو الانصراف. ووافقه الرأي زميله عبدالله ناصر قائلاً: رغم سهولة المناهج وبساطتها إلا أن نسبة الرسوب في الكلية عالية جداً خاصة في مادة القرآن الكريم وذلك يرجع لسوء الدراسة بالمعاهد الأزهرية فهي دون المستوي لذا يتخرج الطالب من الثانوية الأزهرية غير حافظ للقرآن الكريم وغير ملم بقواعد اللغة العربية والقواعد الفقهية البسيطة. السقوط المتكرر وتناول خيط الحديث عماد ربيع الطالب بالفرقة الثالثة بقسم التفسير مشيداً بالمناهج الدراسية وما تحتويه من موضوعات دسمة تثقل الطالب الأزهري وتساعد علي تخريج داعية متمسك بأمور دينه. وأشار إلي أن ارتفاع نسبة الرسوب داخل الكلية لا يرجع للمناهج إنما يرجع لطبيعة الطالب وتراخيه وإهماله في مذاكرته.. فالكلية ليست مسئولة عن ذلك إنما الطالب وحده هو المسئول. أزهري سطحي وأوضح محمد علي حمدي رابعة تفسير أن جامعة الأزهر مثلها مثل باقي الجامعات المصرية تعاني الاهمال والفوضي والمناهج غير المتطورة وهذا ما ساعد علي إخراج أزهري هش سطحي ضعيف. ومن جانبه أكد الدكتور عبدالرحمن جيرة أستاذ مقارنة الأديان ووكيل كلية أصول الدين أن التعليم الأزهري في جملته وليست كلية أصول الدين وحدها في حاجة لإعادة النظر في كل شيء. بالرغم من الدعوة لعمل تطوير للأزهر ابتداء من المرحلة الابتدائية وحتي الجامعة إلا أنه حتي اليوم لم تبدأ بعد في هذا التغير والتطوير إما لتغيير الأشخاص المنوطين بذلك أو عدم اقتناع البعض الآخر بالتطوير أو لتكلفة هذا التطوير.. لذا نحن في حاجة ماسة لاتخاذ قرار حقيقي وتنفيذه حفاظاً علي التعليم الأزهري ومكانة الأزهر وإعادته لمكانته التي يستحقها علي أيدي أبنائه وعلمائه وأضاف: للأسف الشديد هناك تدني ملحوظ في مستوي خريجي كلية أصول الدين ومعظم كليات جامعة الأزهر وهذا قاسم مشترك بين المؤسسات التعليمية في مصر سواء العام أو الأزهري وهذا من وجهة نظري يرجع في المقام الأول لوجود ارتخاء إداري وضعف الامكانيات التعليمية وجمود المناهج بالإضافة إلي أن طالب الأزهر يعاني من ضعف شديد في مستواه العلمي واللغوي ولا يسعي للاجتهاد إلا فيما ندر لأنه يضمن التحاقه بأي كلية أزهرية حتي إن كان مجموعه في الثانوية الأزهرية 50% وهذه مأساة نعاني منها جميعاً ولابد من إيجاد مخرج لها. وأبدي استياءه الشديد من ارتفاع نسبة رسوب طلبة أصول الدين في القرآن الكريم وأرجعه إلي أن الطالب الذي يلتحق بهذه الكلية يكون في الأساس غير متفوق لأن الطالب المتفوق والذي يحفظ القرآن الكريم يتطلع للالتحاق بكليات أخري غير الكليات الشرعية ومنها أصول الدين.. لذا يتبقي لأصول الدين الطالب الذي لا يحفظ القرآن وليس لديه امكانية واستعداد للحفظ وهذا يترتب عليه نجاحه في كل المواد لسهولتها إلا مادة القرآن الكريم التي تستمر معه من الفرقة الأولي وحتي الفرقة الرابعة دون أن ينجح فيها وقد يستمر علي هذا الحال حتي يصل سنه لثلاثين وهو راسب في القرآن. .. وهنا نحن في أمس الحاجة إلي وضع قانون لا يسمح بمقتضاه للطالب بالانتقال من الفرقة الأولي إلا إذا اجتاز اختبار القرآن الكريم حتي لا يتعامل القرآن الكريم معاملة أي مادة أخري. وفيما يتعلق بالمناهج الأزهرية وتحديداً التي تدرس لطلبة أصول الدين ووصف البعض لها بأنها عقيمة وغير متطورة أوضح د.جيرة أن هناك وجهتين نظر في مناهج الكلية فريق يقول إنها عقيمة وضعيفة وفريق آخر يثني عليها ويؤكد أنها إذا ما درست كما ينبغي لأصبحت كافية وجديرة بتخريج أزهري يرفع اسم الأزهر في عنان السماء ويتمكن بما لديه من قدرات علي ترسيخ المفهوم العام للإسلام ونشر صحيح الدين. أكذوبة الجودة وأكد أن ما يسمي بشهادة الاعتماد والجودة أكذوبة كبري فلو حصلت الكلية علي هذه الشهادة بمعاييرها الحالية وضوابطها التي نعرفها سنكتشف أننا جرينا في أماكننا وضيعنا وقتاً طويلاً هباء بل سنكتشف أننا رجعنا للوراء لأن الجودة المزعومة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بصميم العملية التعليمية ولا آلية النهوض بها إنما تنصب علي عدد دورات المياه بالكلية وعدد الطلبة والمدرسين وشكل المدرج وهذه المعايير لا تفيد جوهر الموضوعات المتعلقة بالإسلام لذا أري أنه لا فائدة منها إطلاقاً. وانتقد تبعية "مقارنة الأديان" لقسم الدعوة الإسلامية. فهذا التخصص خطير وهام للغاية وكان يفترض أن يصبح قسماً مستقلاً بذاته وليس تابعاً لقسم آخر. لأنه في حالة استقلاله سيفتح مجالاً أوسع للدراسة والانفتاح علي الأديان الأخري ودراستها بتمعن أكثر من اليوم كما أنه يثقل الطالب الأزهري.. لذا نود تحويله لقسم مستقل. وأشار إلي أن الدراسات العليا بالكلية في حاجة ماسة للتطوير فهي مرحلة هامة يفترض أن تؤهل الطالب ليصبح باحثاً ثم عضواً من أعضاء هيئة التدريس بالكلية لكن ما يحدث علي أرض الواقع بعيد عن ذلك تماماً. فهي لدينا امتداد لمرحلة الليسانس ويدرس الطالب سنتين دراسيتين عاديتين بمقررات دراسية كأي سنة سابقة وهنا تكمن الخطورة ويتخرج الطالب من الدراسات العليا لا يدري شيئاً عن آلية وقواعد البحث العلمي لأنه لم يتدرب عليه ثم ينتقل لمرحلة إعداد رسالة الماجستير والدكتوراه وتحضير الرسائل العلمية كما نري اليوم في ظل التقدم التكنولوجي والاقتباس من الإنترنت ما هي إلا قص ولصق لأن المواقع المختلفة وتكون النتيجة عضو هيئة تدريس سطحي وضعيف.. كما طالب بأن يعقد امتحان واحد في السنة لطلبة الدراسات العليا بدلاً من امتحانين. امتحان القبول كما استنكر د.جيرة إجراء أربع امتحانات قبول في القرآن الكريم لطلبة الدراسات العليا في السنة الواحدة وكأننا نسهل علي الطالب الذي لا يحفظ القرآن ونعطيه فرصاً متتالية ليحفظ ويجتاز هذا الامتحان فالمفترض أن الطالب الذي لم ينجح من أول امتحان لا يقبل إلا بعد عام لكن ليس بعد شهرين يدخل امتحاناً آخر وإن لم يوفق يعيد التجربة مرة ثالثة ورابعة وكأننا فتحنا باب الأوكازيون لطلبة الدراسات العليا. فهذا لا يليق ولا يجوز وما رأيناه في كتب الأولين. النواة الأولي وأوضح الدكتور عبدالفتاح عبدالغني العيواري أستاذ ورئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين أن التعليم الأزهري وتحديداً في المرحلة الابتدائية ظل منهاراً لفترة طويلة وبعد شغل الدكتور أحمد الطيب منصب شيخ الأزهر اعتني عناية كبري بالمرحلة الابتدائية لأنها حجر الأساس والكفيلة بإخراج منتج عالي الجودة وبدأ اختيار الأكفاء من المعلمين في قطاع المعاهد وعقد دورات تدريبية وتأهيلية علمياً وتربوياً من أجل النهوض بهذه المرحلة لأنها النواة الحقيقية لسائر مراحل التعليم. قضية التلقين وأشار إلي أن قضية التلقين التي اشتهر بها الأزهر الشريف ليست معيبة ولا خاطئة. فهذه الطريقة لو أتقنها الطالب والمعلم علي حد سواء لخرجت لنا أجيالاً ذات مدارك واسعة وتربي عندهم ملكة قادرة علي التحليل والفهم والاستنباط وبرهان ذلك أن مواد الأزهر الشرعية واللغوية الأصل فيها الحفظ لأنها تعتمد علي كتب التراث وكما يقولون من حفظ المتون حاز الفنون. لأن المتن بالنسبة للمادة يمثل قوانينها الأصلية. كما أن حفظ المتون لا يتحقق إلا بتلقين المعلم له تلقيناً صحيحاً منضبطاً. وأضاف: بالنسبة لظاهرة عدم حفظ القرآن الكريم لبعض طلاب الأزهر فإنه يرجع إلي عدم الاهتمام بهذا الطالب منذ البداية أو قد يكون الطالب لا يملك من القدرات التي تؤهله للحفظ إلا أن أهله دفعوا به للانتساب إلي الأزهر بحسن نية منهم دون استعداد منه لذلك فيقع التعثر من هذا الطالب أو قد تكون هناك كما هو الحال في سائر التعليم من الصوارف التي تجعل الطالب غير مجد في تحصيل هذه العلوم وعلي رأسها القرآن الكريم.. لذا أري أن آلية القضاء علي هذه الظاهرة تتمثل في متابعة المعاهد الأزهرية متابعة دقيقة للوقوف علي المشكلة والعناية التامة بحفظة القرآن الكريم وإعطائهم ما يكفيهم من أجل تشجيعهم علي الاهتمام بهذا الجانب وهذا ما نراه واضحاً في المسابقات التي ينظمها الأزهر. وأكد أن كلية أصول الدين بها طلاب متميزون والأزهر يعتني بهم عناية فائقة حيث أنشأ لهم المراكز المتخصصة لدراسة اللغات الأجنبية من أجل أن يقوموا بواجبهم بعد التخرج في تبليغ رسالة الإسلام بسائر اللغات.