اكتملت منظومة العمل الجماعي داخل مؤسسة الرئاسة بقرار الدكتور محمد مرسي بتشكيل الفريق الرئاسي المعاون لرئيس الجمهورية الذي يتكون من 4 مساعدين و17 مستشاراً. واعتبرت القوي السياسية القرار خطوة مهمة لتحقيق أهداف الثورة وترسخ للدولة المدنية بعد إبعاد المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية. صحيح إن البعض طرح تساؤلات مشروعة عن مهام هذا الفريق الرئاسي وصلاحياته ودوره في صنع القرار السياسي ومدي اختلافه عن المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس العسكري خلال الفترة السابقة. إلا أن الأمر المهم هو أنه جاء استيفاء لاستحقاق وعد به الرئيس.. أثناء وبعد الانتخابات وتأكيداً لمبدأ المشاركة في القرار والمسئولية. التشكيل ضم كفاءات وطنية من ألوان الطيف السياسي. حيث تولت الدكتورة باكينام الشرقاوي. أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. وأحد مديري حملة الدكتور مرسي في الانتخابات الرئاسية. منصب مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية. التي أكدت أن مؤسسة الرئاسة تشهد تأسيس آلية جديدة لصناعة القرار. مبينة أن منصبها لم يكن معروفاً في العهود السابقة. والهدف من الاستعانة بالأكاديميين هو تجويد وترشيد صناعة القرار السياسي وترسيخ فكرة العمل الجماعي بقيادة الرئيس. قالت إنها ستتفرغ للعمل داخل مؤسسة الرئاسة وتترك التدريس الجامعي لفترة مؤقتة حتي انتهاء مهمتها. وأشارت إلي أن ما يشغلها هو التأسيس لفكرة العمل المؤسسي في القرار الرئاسي. ثاني المساعدين فهو سمير مرقص. الباحث في مجال المواطنة. الذي اختير مساعداً لرئيس الجمهورية للتحول الديمقراطي. وقد اعتبر أنه بحكم منصبه معني بالأساس بمهمتين. الأولي توفير كل الأفكار والمقترحات للرئيس. حتي يصدر القرار الصحيح الذي يساهم في عملية التحول الديمقراطي. والثانية تتعلق بتأسيس علاقة جيدة بين مؤسسة الرئاسة والقوي السياسية بأشكالها المختلفة وفقاً لقواعد الديمقراطية. أوضخح أنه سيبذل كل جهوده لتصحيح كافة التشريعات التي تتصل بعملية التحول الديمقراطي. مثل قانون الانتخابات ومنظمات المجتمع المدني وتفعيل مجلس العدالة الوطنية المعني بقضايا التوتر الديني ومكافحة التمييز وتحقيق التنمية السياسية. كما اختير عصام حداد. مساعداً لرئيس الجمهورية لشئون العلاقات الخارجية والتعاون الدولي.والذي كان يشغل رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة. والمسئول عن ملف التنظيم الدولي في جماعة الإخوان المسلمين قبل إنشاء الحزب عقب ثورة 25 يناير. كما كان أحد مديري الحملة الانتخابية للدكتور محمد مرسي ومسئول ملف العلاقات الخارجية في مشروع النهضة وعضواً بمكتب الإرشاد. آخر أعضاء فريق المساعدين الدكتور عماد عبدالغفور. رئيس حزب النور السلفي. فقد تولي ملف التواصل المجتمعي. وسارع إلي التأكيد علي أن هدفه خلق مناخ من الثقة بين المواطن والحكومة ونقل هموم ومشاكل الشارع المصري لمؤسسة الرئاسة. وحل المشكلات المجتمعية والاضطرابات. والملفات الملتهبة مثل سيناء وأسوان والحدود الغربية. كما لفت إلي أن عمله يتضمن ايضا التواصل مع الأحزاب والتيارات السياسية والمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والمؤسسات الخيرية. وخلق مناخ من التواصل المستمر بين مؤسسة الرئاسة والمجتمع المصري بجميع أطيافه وتوجهاته الفكرية والسياسية والعقائدية والجغرافية. قال إنه لم يتقدم باستقالته من رئاسة حزب النور. مؤكداً أنه خلال الأيام القليلة القادمة سوف يتم تحديد المهام الموكلة إليه وصلاحيات عمله. أما الهيئة الاستشارية والتي تضم 17 مستشاراً من تيارات سياسية متنوعة. فقد ضمت الدكتور سيف عبدالفتاح. أستاذ العلوم السياسية والأمين العام للجبهة الوطنية. وهو مسئول عن ملفي تمثيل الشباب. وملف المجلس الأعلي للعدالة الانتقالية. ومن جانبه. أكد عبدالفتاح استمراره في عمله أميناً عاماً للجبهة الوطنية. واستمرار دور الجبهة بناء علي اتفاق 22 يونيو مع الرئيس مرسي قبل توليه الرئاسة. والشاعر فاروق جويدة. الذي من المقرر اضطلاعه بملف الشئون الثقافية والحريات العامة وإعادة بناء الإنسان المصري علي أسس ثقافية جديدة. وأعلن أنه مهموم بقضايا الثقافة المصرية ومستقبلها. مؤكداً تكريس كل طاقته لإعادة بناء العقل المصري. كما ضمت أيمن الصياد. رئيس تحرير مجلة وجهات النظر. والمعروف بأهتماماته بمجال الحريات والإعلام. وهو بدوره أكد علي سعيه لضمان حرية الإعلام والصحافة. وأن يكون هناك إصلاح مؤسسي كامل للإعلام بشكل يكفل ما تعارفت عليه المجتمعات الحديثة من موازنة بين الحرية والمسئولية. ومناقشة وجود تشريعات تتعلق بمستقبل الإعلام ككل في الفترة القادمة وفي مقدمتها مستقبل الصحف القومية. ولفت إلي أن الهيئة الاستشارية ستكون مستقلة عن الفريق الرئاسي. قال إن الفصل بين المجلس الاستشاري والفريق الرئاسي ضروري لأن الفريق الرئاسي هو فريق من المعاونين. أما المجلس الاستشاري فهو مجموعة من أصحاب الرأي والفكر. ويجب أن يظل صاحب الرأي مستقلاً. ايضا الدكتور عصام العريان. مسئول المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين والقائم بأعمال حزب الحرية والعدالة. والمعروف بانتمائه إلي التيار الإصلاحي. ويري أن الرئاسة أصبحت مؤسسة تمثل أطياف المجتمع من التيارات الفكرية. مؤكداً استمراره في عمله الحزبي بالإضافة إلي منصبه الجديد. كما ضمت الهيئة الاستشارية الدكتورة أميمة كامل. أستاذ الصحة العامة وطب المجتمع. والمعروف أنها كانت ضمن حملة الرئيس الرئاسية. وذكرت أنها ستركز علي رصد الأزمات التي تعاني منها مصر ومحاولة وضع حلول مناسبة لها. وقالت إن الأوضاع الجديدة تفرض أن يكون هناك تخطيط لمنع حدوث الأزمات وتقييم أساليب علمية لمواجهتها. أشارت إلي أن قضايا النهوض بالتعليم والبحث العلمي وأحوال المرأة تأتي علي رأس أولوياتها. واللافت أنه تم الإعلان عن اسم الدكتور محمد سليم العوا. المرشح السابق لرئاسة الجمهورية. ضمن الهيئة الاستشارية. إلا أنه أعلن عن ورود خطأ في الاسماء المعلنة لأنه ليس عضواً في الاستشارية. ولكنه مستشار للعدالة الانتقالية بحسب اتفاقه مع الرئيس. قال إنه لم يبدأ مهام منصبه بمؤسسة الرئاسة. كمستشار الرئيس للعدالة الانتقالية حتي الآن. مشيراً إلي أن مهام منصبه واختصاصاته الوظيفية محل تنسيق مع الرئيس الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية. ضمت الهيئة كلا من الدكتور رفيق حبيب. المفكر القبطي البارز الذي ينتسب إلي الطائفة الانجيلية. وهو نائب رئيس حزب الحرية والعدالة. والدكتور بسام الزرقا. عضو الهيئة العليا لحزب النور. وعضو الجمعية التأسيسية. والدكتور حسين القزاز. رجل الأعمال والمستشار الاقتصادي لجماعة الإخوان المسلمين. والذي عمل ضمن الفريق المعد لمشروع النهضة الذي تبناه الدكتور محمد مرسي كبرنامج انتخابي. بالإضافة إلي الإعلامي عمرو الليثي. والدكتور أحمد عمران. أستاذ الحاسبات بجامعة الفيوم. وأيمن علي. الأمين العام لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا وممثل المصريين في الخارج بالجمعية التأسيسية لكتابة الدستور. والدكتور خالد علم الدين. عضو حزب النور. والكاتبة سكينة فؤاد. وعماد حسين. رئيس أكاديمية الشرطة ومساعد وزير الداخلية السابق. والباحث والناشط السياسي عصمت سيف الدولة. والدكتور محيي حامد. وفي هذا السياق. ذكر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن المساعدين سيتم تخصيص مكاتب لهم في الرئاسة. بينما سيجتمع المستشارون بالرئيس من وقت لآخر. فضلاً عن تشكيل أمانة عامة لهيئة الفريق الرئاسي لتنظيم عمله وتحديد اختصاصات أعضائه وطبيعة عملهم. بعيد عن الواقع ومن جانبه اعتبر أحمد بهاء الدين شعبان - المفكر اليساري المعروف والأمين العام للحزب الاشتراكي المصري - أن تشكيل الفريق الرئاسي لا يعبر عن الواقع السياسي الجديد الذي تشهده مصر بعد الثورة. مؤكداً أنه لا يمكن الفصل بين الخطوات السياسية التي اتخذها النظام السياسي القائم وأدت إلي وجود أزمة ثقة تكاد تكون مستحكمة مع باقي القوي السياسية. قال إنه يجب الانتباه إلي أن الثورة حددت شعاراتها وأهدافها في الشعب يريد إسقاط النظام والمؤسف أن أي قراءة واقعية للمشهد تؤكد أن النظام قائم بكل تركيبته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. مضيفاً أن شعار مدنية الدولة يجري إهداره بقوة حيث يتم انشاء دولة دينية في كفن النظام القائم وإعادة لاستنساخ المفاهيم التراثية خاصة مفهوم الخلافة وتطبيق الحدود. أوضح أن النظام القائم يضرب كل مقومات الدولة المدنية وما يتخذه من قرارات في اتجاه اقامة مؤسسات سياسية هو إجراء شكلي لا يحقق ما نصبو إليه من إقامة دولة حديثة قوية. مبيناً أن العدالة الاجتماعية ركيزة الثورة لم يتحقق منها أي خطوة علي أرض الواقع ولم يتم المساس بمكتسبات الطبقة الرأسمالية التي استحوذت علي خيرات مصر. وهناك توريط للشعب وتكبيل لمستقبله من خلال سياسة الاقتراض التي يتجه إليها النظام السياسي بسرعة لافتة.99 قال إن المجلس الاستشاري امتداد للتفكير القديم وهدفه استكمال الشكل الديمقراطي والحفاظ علي التوازنات السياسية. مشيراً إلي أن الشكل الذي تم به تكوين الفريق الرئاسي يؤكد أن الترضيات سيطرت علي تكوينه. أضاف أن المجلس أو الهيئة لا أحد يعرف الاختصاصات أو المهام التي سيضطلع بها. وذكر أن أغلب الأعضاء أعلنوا أنهم لا يعلمون ما هي المهام أو الاختصاصات التي ستكون لهم. ويقول إن الوضع لا يفرق كثيراً عن صورة المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس العسكري. لافتاً إلي أن ما يجري في مصر ليس له علاقة بما هو سائد في دول العالم المتقدمة والتي لديها مجالس رئاسية تدير ملفات الدولة لأن الواقع لدينا يؤكد أن الرئيس هو كل شيء وأن كل من حوله مجرد سكرتارية تنفيذية والمجالس والهيئات عبارة عن مخازن للاسماء والمناصب ولكنها دون فاعلية أو وجود حقيقي والثورة لم تتمكن حتي الآن من ترسيخ أركان الدولة الحديثة. الشكل الديمقراطي أكد الدكتور حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة - أن عدم التجانس وغياب الصلاحيات والفلسفة والرؤية الواضحة أخطر العيوب التي شابت تشكيل الفريق الرئاسي الجديد. وقال إن الرغبة في استكمال الشكل الديمقراطي ومكونات مؤسسة الرئاسة هي التي تحرك الأمور وأخرجت الصورة بهذا الشكل المعيب علي الرغم من عدم وجود دور حقيقي أو صلاحيات محددة واضحة لهذا الفريق وتحكم عمله وهو أمر في غاية الخطورة لأنه لن يقودنا إلي ما نسعي جميعاً إلي تحقيقه من إرساء أسس الدولة العصرية القوية. يضيف أن الفريق لا يعبر عن الأطياف السياسية والقوي الموجودة علي أرض الواقع. وأشار إلي أن الرئيس سبق ووعد القوي السياسية عقب الجولة الانتخابية الأولي بأنه سيحرص علي أن يكون الفريق الرئاسي سيضم كافة القوي السياسية وأنه سيكون له مهام تنفيذية محددة ولن يكون هناك سيطرة من فصيل سياسي علي تكوينه ولكن ما حدث جاء مخيباً للآمال وعكس ذلك تماماً ولهذا لا أشعر بتفاؤل نحو المستقبل.