فتحت حوادث تسمم المواطنين في عدد من المدن المصرية جراء تلوث المياه من جديد ملف التلوث الذي تشهده مياه الشرب في مصر حيث تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلي أن تلوث مياه الشرب في مصر هو أهم أسباب انتشار مرض الفشل الكلوي والفشل الكبدي وأن نسبة الصلع المتزايدة في أوساط المصريين سببها الأساسي تلوث المياه. أشارت التقارير إلي أن تلوث المياه في مصر يزيد ثلاثة أمثال علي المعدلات العالمية للتلوث. "عقيدتي" فتحت ملف تلوث المياه في محاولة لمعرفة الأسباب وأهم سبل حماية مياه الشرب.. التفاصيل في السطور التالية: ترجع د. جميلة حسين -أستاذ بيولوجيا المياه بالمركز القومي للبحوث- المشكلة بالدرجة الأولي إلي نقص الموارد الاقتصادية. فالمياه تخرج من محطات المياه مطابقة لمواصفات العالمية. لكن المشكلة تكمن في أن الشبكات قديمة ومتهالكة. أضف إلي ذلك عدم تنظيف الخزانات طبقاً للمواصفات العلمية. أما في الأرياف ونظراً لأن التوسع في محطات المياه يحتاج لأموال طائلة لذلك يضطر الأهالي لحفر الآبار بصورة عشوائية دون الرجوع للجهات المختصة لتحليل المياه للتعرف علي مدي صلاحيتها للاستخدام من عدمه. وذلك نظراً لقلة الوعي في القري. أضف إلي ذلك سوء عملية التخزين لفترات طويلة والتي يمكن أن تتم في أوعية معرضة للتلوث. وتوضع بجوار الحيوانات التي هي مصدر للتلوث. فضلاً عن عدم تنظيفها عقب استخدامها. من ناحية أخري قامت بعض شركات القطاع الخاص باستيراد وحدات تنقية المياه من الخارج. وهي وحدات عشوائية غير معلوم المكوّن الداخلي لها. ولا تقع تحت إشراف ومراجعة أي جهة من ناحية تغيير الشمع أو تنظيفها. وبالتالي فهي غير مأمونة الاستخدم. لذلك رفضت وزارة الصحة الإشراف عليها. أيضاً تتركز المشكلة في القاهرة والمحافظات الكبري في أن شبكة التوزيع مصنوعة من الحديد ومع إضافة الكلور تتعرض المواسير للصدأ والتآكل وتحدث الشوائب. تتمني د. جميلة توفير ميزانية مستقلة للوزارة الجديدة للتوسع في الشبكات وبناء محطات ومحطات تحلية الآبار ومياه البحر علي أعلي مستوي مثل محطة مياه امبابة التي تضم كوادر فنية وعمالية عي أعلي درجة من التدريب والفهم تعمل طوال 24 ساعة لضبط جرعة الشبة. كما يري المعمل ونقيس الأمر علي اسطوانات الكلور للتأكد من ضبط مؤشر الكلور طبقاً للمعمل. خاصة في حالة انقطاع الكهرباء حتي لا يختل المؤشر والحقيقة هي عملية مكلفة وتحتاج مجموعة متميزة وهو ما حرص عليه د. عبدالقوي خليفة من عمل مدرسة للمياه. تخرّج كوادر فنية متخصصة ليس لها هم سوي المياه. وهو ماتم تنفيذه في شركة البحيرة لمياه الشرب. وعن أفضل الحلول لحماية المياه تؤكد د. جميلة علي دور وزارة البيئة في منع إلقاء الملوثات في النيل وعدم ردم الأراضي القريبة من حرم النيل والمحطات وضرورة أن نجرّم إلقاء المخلفات في النيل في مادة أساسية في الدستور. إيجاد حلول أخري للمصانع للتخلص من المخلفات بعيداً عن النيل. منع الرحلات النيلية في بحيرة ناصر والتي تلقي فيها البواخر بمخلفاتها في البحيرة. ضرورة تنظيم حملات توعية لمنع إهدار المياه في الشوارع وأن يعلم الجميع التكلفة الحقيقية لكوب المياه النظيفة للحفاظ عليها حتي لا نصل لمرحلة ندرة المياه. محاكم المياه يشير الدكتور مجدي الشرقاوي -رئيس جمعية البيئة العربية ورئيس اتحاد المحامين لحقوق الإنسان والبيئة- إلي وجود قصور في معالجة المياه علي مستوي المحطات عموماً وإن كانت هناك جهود تبذل إلا انها غير كافية. فبالرغم من أن معظم مياه الشرب مصدرها نهر النيل إلا أن جميع الملوثات تصب في هذا النهر العظيم. فمثلاً محافظة الجيزة تلوث فرع رشيد بالكامل من خلال الصرف الحكومي الصحي والصناعي. والمؤسف أن الشركات الحكومية تستخدم البلطجة وتحرز محاضرها وفي نفس الوقت بدلاً من أن يعاقب رئيس الشركة تلقي المسئولية علي الموظف الصغير إذا ألقي صرفاً غير معالج في مياه النيل.. أيضاً تهالك الشبكات أدي إلي اختلاط مياه الصرف مع مياه الشرب فحدثت مشاكل صحية مروعة. كذلك استخدام الطلمبات الحبشية أدي إلي تلوث التربة بالكيماويات. وبالتالي تلوثت المياه الجوفية أضف إلي هذا تراكمات القمامة ودفن المخلفات زاد من تلوث المياه الجوفية. كذلك تلوث البحيرات في مصر بفعل إلقاء المخلفات فيها ومنها بحيرة مريوط وادكو التي يلقي فيها كم من الصرف دمر الثروة السمكية ولوّث المياه وأصاب الصحة العامة بأضرار غير عادية. إلي جانب أن التكلفة الاقتصادية لتلوث المياه ضخمة مقارنة بإنفاقها عي معالجة المياه وحمايتها من التلوث وما يتبعها من الحفاظ علي الثروة البشرية وأموال الدولة. يؤكد الشرقاوي علي ضرورة أن تخطو مصر خطوة كبيرة في إنتاج المياه باستخدام الطاقة الشمسية. فمصر بها آلاف الكيلومترات علي السواحل ويمكن من خلالها تحلية المياه باستخدامات الطاقة الشمسية بحيث لا نعتمد بشكل كبير علي دول حوض النيل خاصة بعد أن بدأت إسرائيل في اللعب وحصار مصر في هذه الدول والأمر يحتاج لإرادة سياسية قوية لذلك يناشد رئيس الجمهورية -خاصة أن هذا العام هو السنة الدولية للطاقة المستدامة تحت شعار خلية شمسية لكل مواطن هو شعار الأممالمتحدة- بأن تكون استخدامات الطاقة الشمسية وتحلية المياه وانتاج الطاقة واستخدامها في بيوت بيئية هو مشروع مصر القومي فيمكن أن تصبح بيوتنا منتجة للطاقة بدلاً من أن تكون مستهلكة لها. ففي الهند توزع خلايا شمسية للإنارة والتحلية والتكييف والزراعة فكل الحلول مكتملة بالطاقة الشمسية ويمكن لمصر تصديرها. فيمكن أن تضاء ليالي أوروبا بشمس مصر. حماية قانونية حول القوانين التي تحمي مصادر المياه من التلوث أوضح الشرقاوي ان القانون رقم 48 لسنة 1982 مادة "2" يحظر صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف الصحي وغيرها في مجاري المياه. إلا بعد الحصول علي ترخيص من وزارة الري ووفق الضوابط والمعايير. أمراض مستعصية وعن أهمية الماء في حياة الانسان والحيوان والنبات يقول الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: الماء ضروري لاستمرار حياة الانسان والحيوان والنبات. ورد ذكر الماء في القرآن في 17 آية كما ذكر اسم المياه في 34 آية وأكد القرآن الكريم علي أن الماء هو سر الحياة علاوة علي استخدامه في التطهر والوضوء. وهناك حوالي 18% من سكان العالم لا يحصلون علي مياه الشرب المأمونة ونحو 40% الصرف الصحي لديهم غير صحي. وتسبب المياه الملوثة مجموعة من الأمراض التي تهدد حياة البشر منها أمراض الاسهال وأغلب ضحاياها من الاطفال حيث تشكل 17% من وفيات الأطفال. وتودي أمراض الاسهال بحياة ما يقرب من مليون طفل كل عام وأكثر من 99% من هذه الوفيات أقل من 14 سنة وتحدث في البلدان النامية. فضلا عن الاصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي النوع "أ" وشلل الأطفال والتيفود وضحايا البلهارسيا والجفاف القاتل وتعبر تدهور المياه وشبكات الصرف الصحي وسوء الأحوال المعيشية وسوء التغذية أو استهلاك الاغذية البحرية الملوثة والازدحام واستخدام مياه الصرف الصحي في ري المحاصيل بالقرب من المناطق الحضرية والاضطرابات السياسية والاقتصادي من أهم العوامل التي تلعب دورا في الارتفاع الكبير في حالات الكوليرا إلي جانب أمراض تنتج من التلوث الكيميائي والحساسيات ونقص المناعة والسرطانات كذلك ارتفاع معدلات مرض التخلف العقلي وتشوه الأجنة والفشل الكلوي. من ناحية أخري تؤدي مضاعفات التلوث بالرصاص إلي الاصابة بالانيميا وشل الانزيمات اللازمة لتكوين الدم وانخفاض معدلات الذكاء عند الاطفال والاصابة بالأمراض العصبية عند الاطفال وتشوه الأجنة كالصمم والعمي وتؤدي إلي العقم ويؤثر عكسيا علي انتاج الحيوانات المنوية. التلويث جريمة من جانبه يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية ان المياه نعمة من نعم الله علي البشرية وذكرت في القرآن في مئات الآيات لذلك يجب الحفاظ عليها ومن يحاول تلويث مياه الشرب يرتكب جريمة يجب ان يكف عنها وعلي ولاة الأمر والمسئولين المتابعة والتفتيش حتي يتأكدوا من القضاء علي هذه الجريمة. تحريم مشدد ويري الدكتور سعد الدين هلالي الاستاذ بجامعة الأزهر ان بناء الحياة قائم علي المياه لقوله تعالي: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" لذلك فإن اهدار المياه والكهرباء وغيرها من المرافق محرم وأشدها تحريما اتلاف المياه لأن اتلافها يفضي إلي هلاك النفس والحياة ويشير لقوله تعالي "ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين". ويري ان ما حدث من أخطاء مروعة في المياه تحدث في غيرها من الوظائف سواء في اهمال وترك الكهرباء مكشوفة بحيث يفضي إلي الموت وغيرها من سلسلة الاهمال في معظم المرافق لذلك علي من يصاب ان يعالج علي نفقة الجهة المسئولة وإذا توفي تكون الدية أيضا علي الجهة المسئولة عن وفاته. أعظم النعم يقول الشيخ عادل أبو العباس عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف: إن نعمة المياه من أجل النعم التي أنعم الله بها علي البشرية وعلي الكائنات الحية فقد قال تعالي: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" وظهر في القرآن الكريم عشرات الآيات التي تتحدث عن نعمة إنزال الماء من السماء وإخراجه من باطن الأرض بل ان هناك آيات متعددات تكلمت عن عالم البحار وما فيه من مياه التي هي في واقع الامر سبب من غياب أسباب تكامل الحياة ومشكلة المياه تعاني منها أمم شتي بل إن كثيرا من اقتصادها ضائع علي استيراد المياه وشرائها من الدول الأخري وقد تكلم العلماء المسلمون عن وجوب المحافظة علي هذه المياه فشرحوا قوله تعالي: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" وقالوا إن التبذير في المياه يعد من الجرائم في فقهنا الاسلامي حيث أن إهدار الماء حتي ولو علي الوضوء والطهارة فيه إثم عظيم نظرا للحكمة القائلة "لا تسرف في الماء حتي ولو كنت علي نهر جار" وأزمتنا نحن المسلمين في اننا نقول ولا نفعل ونتكلم ولا نطبق فإن الدول الغربية التي تربت علي مناهج معينة تحافظ بشدة علي قطرة الماء حتي في سقي الزرع وفي متطلباتها الخاصة بينما نحن متخصصون في إهدار الماء بدءا من بيوتنا ومرورا بدور العبادة وانتهاء بكل ما يتعلق بالماء. ففي بيوتنا نجد المرأة والرجل والطفل يفتحون صنبور المياه ويتركونه دون مراقبة لله عز وجل الذي نهي في كتابة عن هذا الاسراف المقيت وعن هذا الفعل المشين اعتقد أن الحرب القادمة بين الدول ستكون حرب مياه طبقا لما قرره العلماء المختصون في هذا المجال وقد كتبت دراسات عديدة تحذر من الأزمات القادمة التي ستكون بمثابة حربا قاتلة ومدمرة لأنها تتعلق بأصل الحياة لا فرق فيها بين مسلم وكافر ولا بين طائع وعاص فالبلاء سيصيب الجميع ومع كل ما سبق نقرأ في وسائل الاعلام المختلفة هذه الحالات البشعة التي تتعلق بتسمم المياه والتي ازعم أن وراءها اهمالاً قاتلاً من العاملين في هذه المؤسسات فلا هم يراقبون الله في عملهم فيقومون بتنظيف الخزانات أو مراقبة المواد التي تخلص المياه من الشوائب فإذا زعموا بأن المواسير متهالكة فأين دور رئيس العمل والمراقب العام في مخاطبة المسئولين الكبار فإذا قال لقد خاطبناهم ولم نجد منهم آذانا صاغية فإن الإثم سيلحق الجميع بدءًا من المسئول الكبير إلي أصغر عامل في هذه المؤسسة. أما المسئول عن شبكات المياه وأما الذي يدير الحركة فهو يجلس في مكتبه دون محاسبة لمروؤسيه أو النظر في أمور الصيانة وبذلك يقول كل واحد للآخر أنت المسئول وقد رأينا في أزمة تسمم المياه مرة يقولون: المحليات ومرة يقولون شبكة توزيع المياه ومرة يقولون هيئة الشرب والصرف الصحي ومرة يقولون معامل وزارة الصحة وفي النهاية لا ندري من هو المسئول عن افساد اعظم نعمة واهدار ماء هو في الحقيقة يساوي الحياة ويري أنه لا حل للمشكلة إلا بالخوف من الله أولاً وبالقوانين الرادعة ثانياً وبمحاسبة المسئولين عن كل تقصير يتعلق بهذه المشكلة فمشكلتنا اننا ننسي بعد قليل وتعود الأمور إلي طبيعتها فساداً جديداً واهمالاً متعمداً يكون الحال أسوأ مما كان وليست هذه نظرة سوداوية وانما هو واقع مر نعيشه فإذا لم نراقب الله فستزداد الأمور سوءاً وإذا لم نطبق القوانين بحزم وقوة فسيزيد عدد المفسدين وصدق من قال: "ان الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن" فإذا طبق القانون بقوة قل عدد المفسدين وإذا ظل الحال علي ما هو عليه فلننتظر كارثة جديدة وراءها مخربون لا يريدون لهذا البلد تقدما لأن مصلحتهم لا تتحقق إلا في الفساد والا يعمل الفساد ان نعمة المياه ستظل عالقة باذهاننا نحن ابناء النيل الذي نحسد عليه من بلاد عديدة فهلا حافظنا علي كل قطرة ماء نرجو ان يكون وإلا فليس لها من دون الله كاشفة.