لكل أمة من الأمم ولكل ملة من الملل أعياد تستقبلها بالبشر وبالسرور وبالفرح وبالراحة النفسية والسعادة القلبية. ولم يغب عن شريعة الاسلام هذا المعني. فشرع للمسلمين عيدين عظيمين هما عيد الفطر وعيد الأضحي فقد ثبت انه صلي الله عليه وسلم عندما هاجر إلي المدينةالمنورة وجد أهلها يحتفلون بيوم معين يتخذونه عيدا فقال لهم صلي الله عليه وسلم ما هذا؟ فقالوا: يا رسول الله هذا يوم نتخذه عيدا لنا فقال صلي الله عليه وسلم: لقد أبدلكم الله تعالي بما هو خير منه عيد الفطر وعيد الأضحي. وقد شرع الله تعالي الأعياد لحكم سامية ولمقاصد عالية ولأغراض نبيلة.. منها أن تكون الأعياد فرصة للترويح عن النفس من هموم الحياة وللتخفيف عن البدن من متاعبه ولتغيير سير الحياة إلي ما هو أبهج وأجمل ففي الحديث الشريف "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت". ولقد كان صلي الله عليه وسلم يجالس أصحابه ويؤانسهم ويسامرهم ويبين لهم ان حياة الانسان ينبغي أن يتخللها السمر البريء بين الحين والحين حتي تجدد نشاطها ففي الحديث الصحيح عن حنظلة بن الربيع رضي الله عنه قال: لقيني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ فقلت: نافق حنظلة!! فقال: سبحان الله ما تقول!! فقلت: اننا نكون مع النبي صلي الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار حتي لكأننا نراهما رأي العين فإذا خرجنا من عنده صلي الله عليه وسلم لاعبنا النساء والأولاد ونسينا كثيرا فقال أبوبكر: فوالله إنا لنلقي مثل ذلك فانطلقت أنا وأبوبكر حتي دخلنا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلت له: نافق حنظلة يا رسول الله؟ فقال: وما ذاك؟ فقلت: نكون عندك تذكرنا بالجنة وبالنار حتي لكأننا نراهما رأي العين فإذا خرجنا من عندك لاعبنا النساء والأولاد ونسينا كثيرا.. فقال صلي الله عليه وسلم يا حنظلة والذي نفسي بيده لو تداومون علي ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة علي الفرش وفي الطرق ولكن يا حنظلة ساعة ساعة". أي: عليكم أن تجعلوا ساعة لعبادتكم وساعة أخري لمطالب حياتكم. شرع الله تعالي الأعياد لتكون فرصة للتزاور والتلاقي والتعارف بين ذوي الأرحام وبين الأصدقاء وبين الناس جميعا لأن هذا التزاور والتلاقي والتعارف يزيد في مودتهم ومحبتهم وفي تبادل المنافع التي أحلها الله تعالي فيما بينهم. ففي الحديث الشريف قال صلي الله عليه وسلم: "من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا". وفي حديث آخر: "ان رجلا زار أخا له في قرية أخري فأرصد الله تعالي علي طريقه ملكا فلما أتي عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أن أزور أخا في هذه القرية فقال له الملك هل لك عليه من نعمة؟ فقال الرجل: لا غير انني أحببته في الله!! فقال الملك فإني رسول الله من الله إليك لأخبرك بأن الله تعالي قد أحبك كما أحببت انت صاحبك". وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه". شرع الله تعالي الأعياد لمساعدة المحتاجين ولمعاونة الفقراء والمساكين ولتفريج كرب المكروبين فإن هذا التعاون يزيد في غرس المحبة والمودة بين أفراد الأمة ويجعلها تعيش في أمان وفي مودة وفي رخاء.