علي مدي عام ونصف العام تقريباً وتحديداً منذ قيام ثورة يناير انخرطنا جميعاً في الأحاديث والمناقشات السياسية وزادت الوتيرة مع بدء الانتخابات الرئاسية حتي أصبح كل منا "خبيرا" و"محللاً" و"مطلعاً" سياسياً بارعاً عن حق وغيره. فلم يعد من التسعين مليون مصري شخص لم يصب بوعكة سياسية. وبعد أن تولي رئاسة الدولة أحد أبنائها عبر التصويت الحر المباشر ولأول مرة في تاريخ مصر آن لنا أن نترك السياسة لأهلها ولا نقحم أنفسنا في أمور سلمنا قيادتها ومسئوليتها لأناس اخترناهم أو تفرغوا أو وهبوا حياتهم لها. فما رأيكم أن ننشغل في الفترة القادمة -علي الأقل بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المعظم- بالأمور الدينية.. ليس بالمعني السطحي لهذه الأمور أو الاعلامي الذي يصطنع الخلافات ويركز علي الغريب والشاذ ويوقع الفتنة والضغينة بين الناس. وإنما بالمعني الأعمق والأكثر سماحة ورحبة واتساعاً لكافة الاجتهادات.. بحيث نصبح جميعاً علي قدر كاف من الوعي والإدراك لأركان وأصول ديننا الحنيف خاصة المعاملات والسلوكيات والآداب والأخلاقيات والروحانيات. فما أحوجنا لخلق روح جديدة من التعامل والتعاون والتراحم فيما بيننا بعد أن كثرت المشاحنات والاقتتال لأتفه الأسباب. ولنترك الاجتهادات المختلفة في العبادات لما وصل إليه الفقهاء العظام. خاصة ان الله لن تضره معصيتنا ولن تنفعه طاعتنا له. وإنما سبحانه وتعالي يريد لنا حسن الخلق وطيب القول ولين الكلام لأن "الدين المعاملة". فهل يمكن أن تجد الدعوة للتفقه والتعمق في أمور الدين دون تشدد أو ادعاء بامتلاك الحق المطلق.. صدي في أوساطنا حتي نستحق خير الله الذي أرشدنا إليه رسولنا الكريم بقوله: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"؟!