يا حبيبتي يا مصر يا مصر .. لو بتحبوا البلد دي خلوا عيونكم عليها .. يا بلادي يا بلادي أنا بحبكم يا بلادي .. ياه ..يا الميدان كنت فين من زمان .. تمازجت هذه الأغاني الوطنية مع الأناشيد والأغاني الدينية عقب إعلان النتيجة بفوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة .. منذ إعلان الرئيس المخلوع حسني مبارك تنحيه والفرحة العارمة بذلك لم يشهد الميدان مثلها بعد ذلك الا صراع وأزمات وشد وجذب بين الحكام والمحكومين ..لأول مرة يفرح المصريون بمختلف طوائفهم ¢ مسلمين ومسيحيين منصفين لم ينساقوا لطوفان التخويف والتفزيع الإعلامي الذي قادته قنوات الفلول. رأيت في الميدان المصريون من وجه بحري الذي فاز الفريق احمد شفيق بغالبية الأصوات .. والوجه القبلي الذي فاز فيه الدكتور محمد مرسي بأغلبية كاسحة لعبت دورا كبيرا في وصوله الي كرسي الحكم .. وشاهدت العرب والأجانب يشاهدون هذا اليوم المشهود الذي يحدث لأول مرة في تاريخ مصر الذي يزيد عن سبعة آلاف سنة حيث اختار المصريون رئيسا منتخبا بإرادة حرة بعيدا عن آية ضغوط أو تزوير يجعلهم كالقطيع كما كانت تفعل معنا الأنظمة السابقة التي افترضت أن الله ورثها هذا الشعب بمن فيه من ثروات وما عليه من بشر وطبقوا جميعا المقولة الفرعونية التي ذكرها القرآن. ¢ شاهدت في الميدان ابناء النوبة ببشرتهم السمراء وقد جاءوا وكلهم استبشار بحل مشكلاتهم المتراكمة منذ عهد الملكية حتي الآن ولم يجدوا لها مخرجا. العمال والفلاحين رأيت الفلاحين الذين اكتووا بنيران ¢ البيزنس ¢ في المبيدات والأسمدة حتي أفلس الفلاح وترك أرضه وأهملها او نقل التكلفة الي المستهلك البسيط الذي دفع الضريبة مرتين مرة بموجة الغلاء الفاحش مرة كغالبية الشعب ومرة أخري بغلاء الغذاء المزروع منه في مصر والمستورد من الخارج.. وطالبوا الرئيس الجديد بأن يستصلح الأراضي الجديدة ليتم تعمير الصحراء بدلا من الدلتا التي علي وشك الانقراض بسبب ضيقها علي سكانها وكثرة البناء علي أراضيها في حين ان الصحراء مليئة بالخيرات وما ينقصها الا القليل لتتحول الي سلة غذاء يكفي كل المصريين وزيادة. رأيت العمال بمختلف المهن الذين جاؤا يرفعون مطالبهم ويظنون أن الدكتور مرسي معه خاتم سليمان الذي يجعل حياتهم نعيما بعد ان يتم حلها بل وطالبه بعضهم بإنشاء قنوات فضائية لتعبر عن صوت العمال الذين يمثلون أكثر الطبقات المطحونة من الشعب المغلوب علي أمره بعد أن أصبح أكثر من ثلاثة أرباعه تحت خط الفقر في حين يمتلك نزلاء¢ حكومة طرة¢ الآن أكثر من نصف ثروات الوطن. فرحة عربية رأيت العرب بمختلف جنسياتهم شاركوا المصريين فرحتهم وقد رفعوا أعلام بلادهم ¢ خاصة السعودية وفلسطين ¢ وكلهم أمل في وحدة عربية شاملة تحقق لهم آمال الرئيس جمال عبد الناصر في القومية العربية ولكن بعقلانية وحكمة وليس مجرد كلمات .. وان تقود مصر الدول العربية الي تحرير القدس ورفع أعلام الإسلام فوق الاقصي ليتم تحريره علي أيدي أحفاد صلاح الدين من أحفاد القردة والخنازير الذين أذلوا الأمة وانتهكوا مقدساتها. أشعل الالتراس من كل الأندية لهيب الحماس في الحضور بالألعاب النارية والشماريخ التي أضاءت سماء الميدان منذ إعلان فوز مرسي وحتي صباح الاثنين وكل التراس يرفع أعلامه في مشهد بديع بعيدا عن التعصب الكروي المقيت الذي أودي بحياة شباب المصريين في مذبحة بورسعيد ومازالت فصول المحاكمة مستمرة وآهات الأمهات لا تجد من يلبيها. أمهات الشهداء رأيت أمهات الشهداء وهن يؤكدن ان هذه أولي الثمار الحقيقية للثورة حيث جاء احد أبناء الثورة ليقود البلاد والعباد لما فيه الخير ويثبت للجميع بالعمل لا بالكلام أن دماء الشهداء لم تجف بعد وانها ستخرج الخير الكثير لمصر .. وتحولت فرحة الأمهات الي زغاريد يؤكدن ان أرواح أبنائهن اليوم تعيش اسعد لحظات فرحتها في القبور وما زالوا ينتظرون الكثير والكثير حتي تصبح مصر في مقدمة الدول الكبري اذا وجدت من أبنائها الأمناء الذين يضحون براحتهم من اجل راحتها ..وعرقهم من اجل نهضتها .. وسهرهم من اجل عزتها وكرامتها التي ضاعت في ظل الأنظمة الفرعونية السابقة التي لم ترع الله في البلاد او العباد. تسابق الدعاة الشباب الي الميدان وتلاحموا مع كبار العلماء الذين تسابقوا الي الحضور بعد أن أيقنوا استجابة الله لدعواتهم بالليل والنهار أن يحمي الله مصر من جحافل الفلول الذين يتربصون بثورتها الدوائر ولن يهدأ لهم بال حتي يجعلوا المصريين يندمون علي اليوم الذي فكروا فيه كسر قيود الظلم والاستعباد طوال تاريخهم..وما أبدع حلقات الذكر التي قاموا من خلالها بالتكبير والتهليل حمدا وشكرا لله علي نعمه بوصول الإسلاميين الي الحكم .. والطريف ان بعض الدعاة الشبان مثل الداعية شريف شحاته التحم مع الالتراس في وصلات حماس ألهبت الثوار. رأيت البسمة علي وجوه كل الأسر من الآباء والأمهات والأبناء وحرص كثير منهم علي رسم علم مصر علي وجوههم وكذلك كتابة اسم الرئيس الجديد وثورة 25 يناير وتعايشت الأجيال لحظات تاريخية ربما لن يشهدها كثير منهم مستقبلا وان كنا نسال الله ان يتكرر هذا المشهد الرائع كل أربع سنوات حتي تعيش مصر حالة من الديمقراطية الحقيقية التي تتباهي بها كما يتباهي الغرب بذلك الآن. اتسع الميدان للمصريين والعرب كما اتسع للأجانب الذين جاءوا إليه ليشهدوا عظمة هذا الشعب الذي حطم كل تحذيرات الاعلام من ان فوز الدكتور مرسي سيحول مصر الي حرب أهلية وتسيل الدماء بحورا من ميدان التحرير حتي النصب التذكاري في مدينة نصر حيث تجمع أنصار الفريق احمد شفيق فإذا بالمصريين يكشفون عن معدنهم الأصيل ويؤكدوا أن مصر فوق الجميع وان الرئيس الجديد ما هو الا خادم لدي كل المصريين. وأثلج صدر رواد الميدان إعلان وسائل الإعلام عن نفض تجمع أنصار الفريق احمد شفيق بسلام ودون أي دموية بل ان الفريق نفسه نفذ ما وعد به وكان من أول من أرسل برقية تهنئة للرئيس الجديد مؤكدا احترامه لإرادة الشعب التي تمثلت في الصناديق الانتخابية. يتمني باعة أعلام مصر بمختلف أحجامها أن تستمر الاحتفالات في الميدان سنوات وسنوات باعتبارهم من أوائل المستفيدين من تلك الفرحة بعد أن تحول الميدان الي أعلام بلا عدد يحملها الكبير والصغير المرأة والرجل وكل أبناء المجتمع علي مختلف فئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية .. كما استفاد الباعة الجائلون من مظاهر الفرحة الكثير ويتمنوا بكل إخلاص أن تستمر هذه الفرحة السلمية بعيدا عن جو التوتر والصراع الذي شهده الميدان من انتهاء عصر الرئيس المخلوع. اعتلي شباب الثورة أعمدة الإنارة ورفعوا فوقها الأعلام وكذلك تمثال عمر مكرم في حين قرر آخرون فض اعتصامهم بعد تحقيق المراد من رب العباد في حين قرر اخرون الاستمرار في الاعتصام حتي تتحقق بقية المطالب كاملة ومنها استمرار مجلس الشعب وان يؤدي الرئيس الجديد القسم أمامه وإلغاء الضبطية القضائية لرجال القوات المسلحة وتحقيق بقية مطالب الثورة والقصاص من قتلة الشهداء وإنهاء الحكم العسكري وتسليم السلطة الي الرئيس الجديد كاملة غير منقوصة حتي لا تصبح شرفية كما يريد القائمون بالانقلاب الناعم حتي يتم تفريغ الرئيس الجديد من سلطاته.