أكبر عرس قد تحضره أو تراه بعينك كان يوم جمعة الاحتفال بانتصار إرادة الشعب.. العديد من الأطفال والنساء والرجال وجميع الطوائف والانتماءات جاءوا للمشاركة في هذا العرس الكبير.. بصعوبة بالغة استطعنا الدخول وسط الناس بعد أن تطوع بعض الشباب شكلوا كسياج بشري بتشبيك أيديهم لحماية البنات والنساء لدخول الميدان ووسط الأغاني الوطنية والأناشيد الحماسية وجدت أسرة كاملة تحتفل بالأعلام. أحمد يونس محاسب بإحدي الشركات يقول «لم أشعر في حياتي التي تعدت الخمسين عاما بمثل هذه الفرحة ليس لأني أكره شخصية الرئيس ولكن لأني أحب بلدي والمصريين الذين عانوا خلال فترات طويلة وانتصرت إرادتهم علي أي إرادة أخري. ابنه أحمد أحمد يونس قاطعه قائلا: أنا وكل زملائي في المدرسة كنا نتقابل يوميا في الميدان بعد موقعة الجمل لقد كنا نريد أن ننهي هذه الاعتصامات ليعود الهدوء للبلد ولكن بعد أن جئنا شعرت بحب بلدي وبقدرة إنسان مثلي لا يتعدي الخامسة عشرة علي تغيير مصير بلد بالتكاتف والتعاون مع كل الشباب المصري. السيدة تهاني الحبش تعدت الخمسين من عمرها وتستند في هذا الزحام علي شاب من الشباب الذين يحتفلون تقول السيدة تهاني: سافر جميع أبنائي للعمل بالخارج وكنت ليل نهار أدعو ربي أن ينصلح حال البلد ويستطيع أولادي العودة والعمل هنا وقد استجاب الله لدعواتي ودعوات جميع الأمهات اللاتي يحلمن لأولادهن وأحفادهن بمستقبل بلا فساد أو محسوبية. الدكتور ماجد علي 40 سنة من المحتفلين أيضا بالميدان يقول: كنت من المتواجدين بصورة شبه يومية فبعد مواعيد المستشفي كنت آتي للميدان فكلنا مع اختلاف وظائفنا ومستوانا التعليمي نعاني من الظلم وغياب العدالة الاجتماعية واليوم هو يوم الفرحة لكل المصريين وأدعو جميع الشباب اليوم للعمل والبناء وأشعر بأن اليوم العدد كبير جدا وتعدي المليوني شخص ومن حق الشعب أن يشعر بهذا الفرح في هذا التجمع الكبير فقد شرفنا بلادنا أمام العالم كله. سلوي مرسي طالبة بالجامعة الأمريكية تقول: «اليوم عيد للمصريين كلهم مسلمين وأقباطا كبارا وصغارا رجالا ونساءً.. وفرصة لتذكر الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية بلادهم من أي فساد أو ظلم وأبي وأمي وإخوتي جاءوا معي وجيراني وأصحابي وأشعر بأننا جميعا كمصريين نعرف بعضنا وليس بيننا غريب مع اختلاف مستوياتنا الاقتصادية والتعليمية ولكن الفرحة جمعتنا كلنا علي قلب رجل واحد وأتمني أن تستمر أفراحنا طوال الوقت فنحن شعب طيب ولكننا أقوياء وصامدون ونعشق بلادنا. ريم مدحت من أصغر من تكلم معي من الموجودين فهي لم تبلغ التاسعة من عمرها ولونت وجهها بألوان علم مصر وحملت العلم وحملها والدها علي كتفيه قريبا من المسرح تقول ريم: «أنا كنت آتي مع أبي عندما كان يأتي ميدان التحرير ومع أنه كان يخاف علي من الزحمة إلا أنني صممت أن آتي معه وأفرح مع كل المصريين لأننا سنبدأ حياة جديدة بعد أن خلصنا من كل ما كان يشتكي منه الناس. رانيا محمود ومروة حماد طالبتان بكلية الألسن تقول رانيا طوال عمري لم أكن أهتم إلا بمذاكرتي وكنت سلبية إلي حد كبير مع أي مشكلة يتحدث عنها الناس ويوم 25 يناير اعتقدت أنها وقفة وستنتهي وبعدما سمعت عن موقعة الجمل خفت جدا وشعرت بأن هؤلاء الناس يجب أن يذهبوا لبيوتهم وعندما قابلت زميلتي مروة وأقنعتني بالمجيء فهي كانت من المتواجدات شبه يوميا في الميدان حضرت وتغيرت نظرتي للحياة تماما ورأيت الجانب الآخر من الحياة وأن بلدنا ومشاكلها تستحق منا كشباب أن نتعب ونكافح لنعلي اسمها بدليل كل قنوات العالم وصحفه التي تناولت ثورتنا وأنا هنا للاحتفال بميلاد فترة جديدة لمصر وكذلك ميلاد شخصية جديدة لي أكثر إيجابية وحماسا. أما مروة فتقول: المصريون شعب جميل مسالم ولكنه وقت الأزمات يكون كالأسود لذا كنت حريصة أن آتي وقت احتفال المصريين لأعيش معهم الفرحة كما عشت معهم أياما طويلة في فترة الاعتصام في الميدان فلم أكن أعود لبيتي إلا للنوم وكان والداي يحضران أيضا معي. - دم واحد وفي وسط زحام الاحتفال تحدثت مع العديد من المشاركين في جمعة الانتصار فقال رامي أبانوس: نزلت اليوم أنا وأصدقائي لكي نحتفل بما حققناه فشعوري بمصر الآن كشعور طفل تائه ووجد أمه فنحن وجدناها من جديد وهي أيضا وجدتنا أشعر بمزيد من الحرية وفرحة تلقائية لا أعلم أهي فرحة الانتصار أم فرحة رجوع مصر لنا أم فرحة لانتهاء الظلم والكره والتفرقة العنصرية. - طعم الانتصار وشارك أندرو صفوت قائلا: من حقنا جميعا أن نحتفل بما حدث لنا فتنحي الرئيس يعد نقلة تاريخية فنحن جيل الشباب دخلنا التاريخ من أوسع أبوابه وبعد 10 سنوات ستشكرنا أجيال جديدة وتدعو لنا بكل خير فنحن استطعنا أن نتكاتف ونصبح يدا واحدة وضعنا أيدينا جميعا مع بعض الغني والفقير، الكبير والصغير، المسيحي والمسلم لنحقق هدفا واحدا وهو إسقاط أقنعة الظلم والفساد لنبدأ معا حياة كريمة جديدة. - عدنا إلي أصلنا وتقول مارين يوسف طالبة بالفرقة الرابعة تجارة إنجليزي: علي الرغم من عدم اشتراكي في التظاهرات فإنني كنت أقف بجوار كل من شارك في تظاهرات ميدان التحرير قلبا وقالبا مخلصة ومتوجهة إليهم بالدعاء لأن والدي رفض نزولي إلي ميدان التحرير إلا أن لحظة الانتصار لا توصف فأنا أشعر بأن هؤلاء الشباب الذين حققوا لنا هذا النصر الكبير سعادتهم تفوق سعادتي أضعافا مضاعفة كما أنني أشعر بأنني أتجول في بيتي ومكاني ولا أشعر بغربة وسط الناس فجميع الناس يبتسمون لبعضهم ويساعدون بعض ورجعنا كما كنا سابقا من في يده «لقمة» يقسمها مع من جواره فتجددت مشاعر الطيبة والجدعنة بداخلنا مرة أخري وعدنا إلي أصلنا الطيب «العشري» فالآن نحتفل جميعا سويا المسلم بجوار المسيحي نضحك ونرفع علم مصر عاليا. - مستقبل أفضل وتحدث معنا محمد ومني وهما متزوجان عن مدي فرحتهما وسعادتهما فهما لمسا الظلم كثيرا في عملهما وفي بناء حياتهما ومرا بظروف شاقة كثيرة وكان المهون عليهما هو حبهما لبعض أما الآن فهما يعبران عن سعادة بالغة لأن ابنتهما جني «4 أعوام» ستعيش حياة مختلفة عن الحياة التي عاشاها حياة بلا ظلم بلا محسوبية.. المجتهد سيلقي نصيبه وليس من له «واسطة».. وأكملا قائلين: كان شغلنا الشاغل هو مستقبل «جني» ولكن الآن أري بشائر مستقبل واعد للأجيال القادمة وليس كما كنا نقول دائما إذا كانت حياتنا هكذا فما بالك بحياة أبنائنا ونتمني بالفعل ألا تكون هذه الفرحة مؤقتة وزائفة و ألا يضيع دم شهدائنا أقباطا ومسلمين هدرا. -الحساب حان وتقول ماجدة فرح ربة منزل أتمني أن ينصلح حال مصر بجد وأن يتعظ الجميع أن «الكرسي» مسئولية ومن يكون قادرا علي تحمل المسئولية هو من يتعين في الوزارات ويجب ألا يفرح أي وزير جديد بمنصبه لأنها مسئولية بالغة سيحاسب عليها في الدنيا والآخرة فنرجو أن يهتم كل مسئول في عمله وأن يراعي القوانين والحق ويطبق أسس العدل والمساواة ومن الآن وصاعدا لن يستطيع أحد أن يضحك علينا ثانيا وهذا هو سبب فرحتي الحقيقية أننا استطعنا أن نزيل الغشاوة التي كانت علي أعيننا وإننا استطعنا أن نقول «لا» ونقف أمام الظلمة لمحاسبتهم فوقت الحساب حان. محمود أحد الشباب المشاركين في الثورة منذ بدايتها يقول: شعوري الآن في جمعة الانتصار بعد تحقق مطالبنا وبعد أن كنا هنا منذ 10 أيام نرفع أرواحنا فوق أيدينا ولكننا الآن موجودون لنحتفل بجمعة الانتصار هو شعور ألخصه بأنه معجزة بكل ما تحمله الكلمة من معني، فهو شيء لم يكن متوقعا فنحن تمت محاربتنا وقمعنا ولكننا صمدنا وكان هذا يرفع سقف مطالبنا علي عكس نزولنا أول يوم لمظاهرة سلمية بهدف التصحيح ولكن فجأة بدأت الأحداث تتغير ومطالبنا تتغير وتطول الأيام بنا ولكن نحن الآن نحتفل خاصة أن هناك من حاول استغلال ثورتنا ولكن الحمد لله لم يحدث هذا لأن الناس واعية جدا ولن تصدق أحدًا أيا كان، فنحن في الميدان علمنا أن هناك الكثيرين أرادوا الاستفادة مما قمنا به ولكن اليوم كنا نحتفل بنصرنا وتحقق مطالبنا ونحتفل أيضا بهزيمتنا لهؤلاء المتطفلين وكشفهم علي حقيقتهم وسعيد بفرحة هؤلاء الناس وهذا الكم من البشر والعائلات والأطفال الموجودين الآن الذين لم يكن لهم مكان بيننا أثناء الثورة ولكن من حقهم أن يذوقوا طعم الاحتفال بالحرية والنصر لأن هذا المشهد سينطبع في ذاكرة هذا الجيل ليعرف معني الثورة وأهمية المطالبة بالحق. مها أحمد طالبة الحقوق والتي لم تشارك في المظاهرات إطلاقا تقول: كنت حزينة لعدم مشاركتي في المظاهرات ولكني كنت مؤيدة لهؤلاء الشباب وكنت أتمني أن أكون معهم من كل قلبي، ولكني لم أكن لأفوت الاحتفال بجمعة الانتصار .