أثارت بعض المخالفات الأخلاقية التي ارتكبها بعض افراد التيار الاسلامي من السلفيين وغير ذلك من اتهامات لرجال دين آخرين في معركة التنافس علي البابوية ردود فعل صادمة لدي الرأي العام بل أنها احدثت زلزالا سياسيا واجتماعيا في وقت تعيش فيه مصر علي صفيح ساخن ويتربص الجميع ببعضهم البعض حتي أن البعض قام بتسييسها لتحقيق أهدافه في المعارك الانتخابية التي شهدتها مصر ومازالت تشهدها حتي الآن .. اقترح البعض مضاعفة العقوبة التعزيرية علي عالم الدين الذي يستهين برسالته ويرتكب ما يخالف الشرع وهذا ما اختلف حوله العلماء .. فماذا قالوا؟ نفي الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية أي صلة للشيخ علي ونيس بالجمعية كما زعمت بعض وسائل الإعلام التي تستهدف تشويه صوره الجمعية بنسبة من ليس منها إليها. ودعا الدكتور المهدي كل من له صلة بالعمل الإسلامي أن يبعد نفسه عن أي شبهة لأنه لا يمثل نفسه فقط بل هو رمز لدينه اذا كان عالما مع ضرورة التفرقة بين المظهر والجوهر لأنه ليس كل من أطلق لحيته أو ارتدي ثيابا ابيض أصبح عالما حتي ولو كان لا يفقه من أمر دينه شئ وأوضح أن عالم الدين الحقيقي يستشعر المسئولية أمام ربه ويبتعد عن أي موطن من مواطن الشبهات حتي ولو كان بريئا ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة فحينما كان واقفا مع أم المؤمنين السيدة صفية ومر اثنان من المسلمين بسرعة... فقال لهما الرسول عليه الصلاة والسلام¢ علي رسلكما إنها صفية بنت حيي. فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال الرسول صلي الله عليه وسلم "إن الشيطان يجري من ابن ادم مجري الدم واني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا". اكد أن القانون هو الفيصل بين الجميع في العقاب الدنيوي ولكن المشكلة ان عقل العوام لا يقبل أن يكون ما يصدر من عالم الدين مخالفا لما يتحدث به ولهذا يجب أن يكون عالم الدين حذرا في تصرفاته ومتقيا لله في أقواله وأفعاله حتي لا يكون ممن قال الله فيهم ¢ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ¢ ضوابط شرعية تعجب الدكتور رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية من الهجمة الشرسة علي كل التيار الإسلامي إذا اخطأ احدهم دون انتظار للحكم القضائي ومن هنا ينبغي التأني في الحكم علي أي إنسان وخاصة اذا كانت القضية فيها إثبات ونفي علينا أن نلتزم بما أمرنا به الشرع في قوله تعالي ¢ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقى بِنَبَأي فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةي فَتُصْبِحُوا عَلَي مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ وحث الدكتور رأفت عثمان وسائل الإعلام الي الدقة في النشر وألا تنصب من نفسها قاضيا يصدر الأحكام مسبقا ثم يأتي القضاء يبرئه بعد أن نكون قد جرحنا الناس وخاصة اذا كان له صلة بالدين ولهذا فالأفضل إعمال مبدأ ¢ الستر ¢ وخاصة في قضايا الأعراض لقول النبي صلي الله عليه وسلم "من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة" وحذر الدكتور رأفت عثمان من تتبع زلات الناس لان هذا مما يأنف منه الطبع وينهي عنه الشرع وقد توعد الإسلام من يفعلون ذلك فقد صعد رسول الله صلي الله عليه وسلم المنبر فنادي بصوت رفيع فقال : يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلي قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله¢ .ولنعلم أن الأصل هو الستر علي المسلم إذا وقع في معصية لعموم قوله صلي الله عليه وسلم ¢من ستر مسلما ستره الله في الدنيا و الآخرة¢. ولقوله صلي الله عليه وسلم لمن جاء إليه بصاحب معصية¢لو سترته بثوبك كان خيرا لك¢. وحذر من يعملون في حقل الدعوة بوجه عام ودون تخصيص من الاستهانة بقيمة ما يحملونه من رسالة عظيمة يسيئون اليها بالأقوال أو الأفعال المخالفة للشرع حتي لا يكونوا ممن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيهم . ¢يؤتي بالرجل يوم القيامة فيلقي في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر فيقول بلي كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهي عن المنكر وآتيه¢ . كما نحذرهم من أن يكونوا من المفلسين الذين حذرنا رسول الله من أن نكون منهم حيث قال ¢ إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة. ويأتي قد شتم هذا. وقذف هذا. وأكل مال هذا. وسفك دم هذا. وضرب هذا. فيعطي هذا من حسناته. وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه. ثم طرح في النار¢ وعن مشروعية زيادة العقوبة لعالم الدين إذا اخطأ في قول أو فعل قال الدكتور رأفت : العقوبات غير محددة في الإسلام إلا من خلال الحدود أما العقوبات التعزيرية فهي متروكة للقاضي يقدرها حسب الجريمة والقائم بها وهي تتفاوت من شخص لآخر حسب ما يراه القاضي وبالتالي لا مانع شرعا من اختلاف العقوبة التعزيرية من شخص لآخر حسب جرمه وملابسات القضية وصفته حسبما يقدرها القاضي. التعميم مرفوض شرعا يؤكد الدكتور أحمد حسين ..وكيل كلية الدعوة جامعة الأزهر انه من حيث المبدأ لا يوجد بشر معصوم من الخطأ سوي الرسل والأنبياء .. ولا يجب التعميم أو التضخيم الإعلامي لحدث ما لتحقيق أهداف سياسية لان كل عمل فيه الصالح والطالح ومن ثم فإن التعميم أو انتقال تأثير فعل ما أو قول ما ارتكبه إنسان ما الي كل أهل مهنته مرفوض شرعا في الأحكام وإلا انه لو ارتكب قاض أو إعلامي فعل خاطئا لا يجوز أن نصف كل القضاة او الإعلاميين بأنهم معدومو أخلاق وإنما يجب أن الالتزام بالقواعد القرآنية العظيمة التي تؤسس مبدأً سامياً وهو مبدأ العدل وهذه قاعدة طالما استشهد بها العلماء والحكماء للإنصاف حيث قال تعالي¢وَلَا تَزِرُ وَازِرَةى وِزْرَ أُخْرَي¢اية 7 سورة الزمر.وبالتالي يجب أن تكون الأقوال والأفعال موقوفة علي أصحابها دون أن تتعدي عواقبها الي كل من يعملون نفس عمله مع اعترافنا أن عالم الدين ليس مثل أي شخص وإنما هو حامل رسالة ينبغي أن ينأي بنفسه عن كل ما يشين ويرفضه الشرع ويعاقب عليه القانون. ودعا الدكتور احمد حسين إلي عدم تسييس أخطاء الإسلاميين بحيث يتم تضخيمها مما يسيء الي الإسلام ذاته بل يجب الموضوعية في المعالجة الإعلامية للقضايا وأن يتم إعمال مبدأ أو قاعدة ¢ المتهم بري حتي تثبت إدانته ¢ ولا يكون الإعلام خاصة اذا كان متصيدا وسيلة ضغط علي القضاء فكم من جرائم حكم فيها الإعلام بالإدانة والفضيحة ثم حكم القضاء البراءة مع أن الإسلام يدعونا الي إعمال مبدأ الستر علي خلق الله وليس فضحهم بحثا عن إثارة أو فرقعة إعلامية .ويزداد أمر الإسلام بالستر اذا كان الأمر متعلقا بالأعراض ولهذا شرع لها الحدود حتي تكون العقوبات رادعة ومنها حد القذف لمن رمي بريئا بدون بينة وبدون حكم قضائي. حذرالدكتور احمد حسين كلامه من الانتقائية في تغطية الأحداث بحيث يتم تضخيم هنا وطمس هناك بل يجب التزام الشفافية والموضوعية في تغطية جميع القضايا وهذا ليس دفاعا عن عالم الدين إذا اخطأ بل يجب عقابه مثل الآخرين دون تجن عليه لأنه في النهاية إنسان اخطأ ويجب أن ينال عقابه ويكفيه ما يجده من لوم واحتقار من الرأي العام إذا أدين وللقاضي الحق في تشديد العقوبة عليه. أقصي عقوبة يؤكد الدكتور مختار عطا الله. مدير مركز الدراسات والبحوث الإسلامية - جامعة القاهرة. أن عالم الدين ينظر إليه العامة باعتباره ممثلا للموقف الشرعي بالتالي فإن كل ما يصدر عنه يعتبره العامة هو الشرع علي عكس موقف المثقفين الذين يفرقون بين فعل عالم الدين وبين الدين نفسه وخاصة إذا كان الدين يرفض ذلك بل إن القرآن نهي عن تناقض الأقوال مع الأفعال فقال تعالي ¢ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ¢ . ولهذا يجب أن يحسب عالم الدين لأقواله وأفعاله ألف حساب لأنه ليس إنسانا عاديا بل انه يرمز الي الدين الذي يتحدث عن تعاليمه للآخرين ومن ثم ينبغي أن يكون قدوة وصاحب رسالة لأنه ممن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيهم ¢ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظّي وَافِري ¢ فكما أن النبي يستقي أقواله وأفعاله من الوحي هكذا ينبغي أن يكون العالم معبرا في أقواله وأفعاله عن تعاليم الدين. وأشار الدكتور مختار عطا الله الي ضرورة استشعار عالم الدين بالمسئولية الملقاة علي عاتقه وفي نفس الوقت لابد للعامة من التفرقة بين الدين الرسالة السامية وبين المتحدثين فيه لان منهم المتدين كامل الإيمان ومنهم دون ذلك ممكن يتهاونون في الإحساس بتلك المسئولية وأمثال هؤلاء أنا من أنصار تشديد العقوبة عليهم حيث إن كل جريمة لها حد أقصي وحد أدني فينبغي أن يحكم عليه القاضي بالحد الاقصي من العقوبة وفي نفس الوقت يجب علي مؤسسته أن تعاقبه عقابا آخر باعتباره قد أساء إليها فيكون عليه عقوبتان الأولي قانونية والثانية إدارية...