كيف تقوم المصارف الإسلامية باستثمار أموال المسلمين؟ موضوع هام يشغل أذهان الكثيرين وسؤال يرد كثيراً. لأننا عرفنا أن البنوك الربوية نشأت يهودية ربوية. ثم دخلت بلادنا وقت الاستعمار بطبيعتها اليهودية الربوية. وما كان لنا من حول ولا قوة. فما كنا نستطيع ان نقول هذا حلال وهذا حرام. ومن قال إن هذا حرام لم يسمع صوته. نذكر علي سبيل المثال فضيلة الشيخ عبدالمجيد سليم رحمه الله. الذي تولي مشيخة الأزهر مرتين قبل الشيخ شلتوت رحمه الله. وتولي الافتاء عشرين عاماً. وله آلاف الفتاوي. عندما سئل عن بنك التسليف. وبنك التسليف في مصر إنما أنشيء أساساً لمعاونة الفلاحين. يسلف الفلاحين لمساعدتهم في الزراعة. وعندما كانت الدولة تأخذ فائدة قليلة. ولكنه يعرف حديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بأنه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وقال: "هم سواء" الآخذ والمعطي سواء. وسواء كان هذا كثيراً أم قليلا إلا ان مثل هذا التحريم كان له أثره في توجيه الرأي العام إلي أن هذا حرام. فلتفكروا في الحلال إذاً. ما كان هناك بديل. ثم وجدنا خطوة هامة سنة 1382ه 1962م خطوة في مدينة تسمي مدينة ميت غمر. تجربة لبنوك ادخار تقوم علي أساس النشاط الإسلامي. ويمكن ان نتصور كيف ان بنكاً واحدا يقوم علي أساس إسلامي. وكل العالم يقوم علي أساس ربوي. والذي حدث انه نتج عن أعماله نجاح غير متوقع. ومن هنا كانت الحرب. كان معني هذا: الحكم بالفشل علي كل البنوك القائمة. فحورب بنك الادخار بميت غمر. وحول إلي بنك ربوي. شيء مزجع! ثم كانت الخطوة الرائدة في مجال الفكر الإسلامي في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية. الذي اشترك فيه خمس وثلاثون دولة إسلامية. يمثلها عدد من أكبر علمائها. هؤلاء جميعاً أجمعوا علي أن فوائد البنوك من الربا المحرم. ودعوا أهل الاختصاص إلي التفكير في إنشاء بديل إسلامي. وكان لهذه الدعوة الأثر الكبير. عندما بدأ المسلمون ينظرون إلي انفسهم. ويحاولون ان يتخلصوا من الاستعمار السياسي. ثم بدأوا يتجهون إلي التخلص من الاستعمار الاقتصادي. ووجدنا ان مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية. المؤتمر الأول. يدعو إلي البحث عن نظام اقتصادي إسلامي. ووجدنا المؤتمر الثاني يبدأ بخطوة عملية. هي وضع نظام لإنشاء البديل الإسلامي وكان من نتيجة هذا أن انشيء بنك التنمية الإسلامي في جدة واشترك فيه آنذاك ست وعشرون دولة إسلامية. ثم ارتفع العدد بعد هذا إلي خمس وأربعين. ووجدنا قبل انشاء هذا البنك بأشهر قليلة إنشاء بنك دبي الإسلامي. ثم تتابع إنشاء بنوك إسلامية كثيرة. والعدد الآن يقرب من المائة في أنحاء العالم الإسلامي وغير الإسلامي. لأن هناك بنوكاً إسلامية في دول غير إسلامية. والسؤال هنا هو: هذه البنوك الإسلامية. كيف تستطيع ان تستثمر أموال المسلمين بطريقة إسلامية؟ الأساس الذي انبني عليه البنك الإسلامي هو شركة المضاربة الإسلامية. بأن يأخذ أموال المسلمين كمضارب أو كعامل. ثم يتاجر أو يصنع أو يزرع أو يعمل أي عمل يقره الإسلام. وناتج الربح يقسم بين البنك وبين المودعين بنسبة متفق عليها. وفي توجيه الاستثمار بدأوا ينظرون إلي أعمال البنوك الربوية. لأنهم يريدون أن يدعو المسلمين إلي ترك التعامل مع البنوك الربوية. وإلي التعامل مع البنوك الإسلامية وهذا يصبح فرضا علي المسلمين. فنظروا هنا إلي المعاملات التي تقوم بها البنوك الربوية. لماذا يلجأ المسلم إلي بنك ربوي؟ انه يلجأ إليها لفتح اعتماد مثلا. وتسأله: لماذا يلجأ المسلم إلي بنك ربوي؟ إنه يلجأ إليها لفتح اعتماد مثلا. وتسأله: لماذا تفتح اعتمادا هناك يا أخي المسلم؟ فيقول: أنا أريد فتح اعتماد لأنني أريد ان اشتري بضاعة وسلع كذا. وأتاجر في عمل كذا. وليس معي النقود الكافية. وانما هذه العملية تتكلف مليون ريال. وليس معي إلا خمسمائة ألف. فيقول البنك الإسلامي له: نعم يمكن ان نفتح لك اعتماداً. ولكن ليس كالبنك الربوي. فتح الاعتماد في البنك الربوي يعني ان تقترض بفائدة ولكنه يختلف عن القرض العادي بأن الفائدة فيه تبدأ من وقت الاقتراض. ولفتح الاعتماد عمولة البنك الإسلامي في هذه الحالة ينظر إلي المشروع ويدرسه. فإذا وجد ان هذا المشروع مما يطمئن إليه. وأنه يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية. يقول لهذا المسلم: أنا أدخل معك شريكاً أنت تريد فتح اعتماد بخمسمائة ألف ومعك خمسمائة ألف. المبلغ الذي معك أدفع مثله. ونشتري ما تريده من الأشياء. أو نفتح به هذا المصنع. أو نبني به هذا البيت. أو المشروع الذي تريده وبعد ان يدرس المصرف الإسلامي المشروع ويطمئن له وللعميل يدخل معه شريكاً ثم يبدأ العمل. فلو اشتري أشياء وبيعت وربحت يقسم الربح بين الاثنين. ولو خسرت فإن الخسارة تقسم بين الاثنين. المغرم بالمغنم. وهكذا. ثم نفرض أن هذه ليست بضاعة اشتريت وبيعت. وإنما هو يريد ان يبني بيتاً. ثم هو يريد ان يأخذ من البنك الربوي قرضا ليبني البيت. ويريد القرض بفائدة. لأنه لا يريد شريكا معه في البيت. هنا يدخل معه ايضا المصرف الإسلامي. ولكن ليس كإقراض بالربا. إنما يدخل معه كالاتي: الأرض هذه قيمتها كذا. والمبني ما قيمته؟ كذا. ايضا يدخل شريكا مؤقتا في شركة مؤقتة تنتهي بالتمليك. كيف ذلك؟ أنت دفعت قيمة الأرض. وأنا كمصرف إسلامي دفعت قيمة المبني. فأصبح لي مثلا "50%" وأنت لك "50%" فلنجعل هذه اسهما والبيت يؤجر. ليكون لي نصف الإيجار ولك نصف الإيجار. آخذ نصف الإيجار. ونصف الإيجار الذي لك. هل تستغني عنه بالكامل؟ يقول له: نعم. عندي الأرض فلا أريد الإيجار. فيقول المصرف: آخذ الجزء الآخر ثمناً لجزء من العقار. ما قيمة المبني مع الأرض؟ قيمة المبني مع الأرض. مثلا مليونان. وأنا أخذت جزءاً من الإيجار. هذا الجزء يعادل "5%" من المبني والأرض. أنا أخذت إيجاري. وهو النصف. وأخذت خمسة في المائة. فأصبح لك الآن بعد ان أخذت إيجار العام الأول "55%" ولي "45%". إذا. أنا في العام القادم لي في الايجار "45%" وأنت لك في الايجار "55%". نبدأ في العام التالي: آخذ الإيجار كله ايضاً. فيصبح لك أنت أكثر من العام الأول مثلا "63%" وأنا لي "37%" في العام التالي أصبح لك "70%" وأنا لي "20%" فأخذ إيجاراً "20%" ثم أخذت أنت ما يقابل إيجار "80" فهذا يعادل مثلا. "10%" من الأرض والمبني. العام الرابع أو الخامس. أصبح لك المبني كله من الأرض. شركة منتهية بالتمليك. وأنا الآن. كبنك إسلامي. استخدمت المال هذا في البناء. وأخذت ما يعادل نصيبي في الإيجار. ونصيبك أخذته ايضا. ولكن ليس كفائدة قرض. وإنما كبيع جزء من الأرض والمبني. لأن البيت أصبح ملكاً لنا معاً. بعد ان صرنا شركاء فيه. أحياناً يقول له: أنا أريد جزءاً من الإيجار. ولا استغني عن كل الإيجار. فيقول المصرف: لا مانع. يمكن ان تأخذ جزءا من الايجار والجزء الباقي ايضا آخذه مقابل جزء من الثمن. وبدلا من ان تنفض الشركة وتنتهي بعد خمس سنوات مثلا فإنها تنتهي بعد عشر سنوات. وهكذا. نقطة أخري: انه قد يريد المبلغ ولا يريد المشاركة. لماذا؟ لأنه مثلا. بني البيت فعلا. ولكن ينقصه اشياء: تشطيبات معينة تحتاج إلي أعمال نجارة وسباكة. فهو لا يريد شريكا في البيت. أو ان هذا البيت سوف يسكنه فلا يريد شريكاً فيه. فهل هناك من حل إسلامي؟ نعم هناك. وهو حل يجب ان يفهمه. لأنه ثار حوله كثير من التساؤلات. وغفل كثير من المسلمين عن الفرق بينه وبين الربا هذا ما يسمي ببيع المرابحة. وللحديث بقية