أكد المشاركون في ندوة الجمعية الشرعية عن "المنهج الإسلامي كبديل آمن للتنمية والنهضة" أن بداية الإصلاح الاقتصادي في مصر تبدأ بمحاربة التخلف وسوء الإدارة والفساد والتدني الاجتماعي والاقتصادي.. وطالبوا الرئيس القادم بأن يجرب الوسائل الإسلامية في النهوض الاقتصادي لأنها ستسهم كثيراً في مشكلات التنمية والنهوض بالدولة علي كل مستوياتها خاصة أن الإسلام قدم الحلول الإيجابية للتنمية الشاملة والعطاء المستمر. في البداية أكد الدكتور محمد المختار محمد المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية - عضو مجمع البحوث الإسلامية - أن المنهج الإسلامي هو الأساس وهو البديل الحقيقي المطروح أمام العالم ليتراجعوا عما يسيرون فيه من ضلال ويتوجهوا إلي المنهج الإسلامي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله خاصة أن الإسلام يتميز بملاءمته للفطرة الإنسانية وتعامله مع الإنسان بكل ما أعطاه الله له من مواهب وإمكانات وطاقات في إطار علمه سبحانه وتعالي بخلقه: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" "الملك: 14". عرض الدكتور المهدي لشمولية الإسلام مؤكداً أن النظام الاقتصادي الإسلامي لا يقتصر علي الأمور المادية كما هو معلوم وموجود في النظم الاقتصادية الوضعية.. ولكن لأن الإسلام نظام كامل متكامل لأن النظام الاقتصادي فيه لا يكتمل إلا مع نظام إيماني روحاني ومع نظام العبادات كلها التي يكمل بعضها البعض وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". ولهذا فإن التنمية والنهضة تبدآن بإصلاح القلوب والإيمان بالله ومراقبة الله في السر والعلن. فإن صلح القلب صلحت السلوكيات والأخلاق والمعاملات والعبادات لأن جميعها تخدم ما يوصي به هذا القلب. وقد أمضي النبي "13 عاماً" في مكة يثبت أركان هذا الإيمان ثم جاءت التشريعات بعد ذلك في المدينةالمنورة سهلة ميسرة علي الأعضاء والجوارح فاستجابت لها وأقيمت دولة الإسلام علي تلك الأسس القلبية الإيمانية. فقامت الدولة بنظمها وتشريعاتها علي أساس القلوب العامرة بطاعة الله. الذي حرم الغش والرشوة والاحتكار وكل أنواع الانحراف. فالله الذي أمر بالصلاة والزكاة هو نفسه جل شأنه الذي أمر بعدم الغش والاحتكار والرشوة. أشار إلي أن المنهج الإسلامي فرض توجيهات اقتصادية وتنموية واضحة وميسرة فجعل العمل فريضة وجهاداً في سبيل الله وجعل السعي علي الرزق جهاداً في سبيل الله ورفض النبي التسول والبطالة فقال: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده". ولابد من الاهتمام بالعامل كأساس في عملية النهضة والتنمية مؤكداً ضرورة المحافظة علي حياته وأمنه وحمايته مادياً ومعنوياً ليساعده ذلك علي التنمية والنهضة لأن الإسلام ضمن لمن يعيش في مجتمعه مستوي راقياً من الحياة الكريمة يليق بالإنسان. وإذا لم تكف أموال الزكاة الفقراء والمساكين يأتي مورد "فروض الكفاية" وهو مورد غائب عن المجتمع وكل هذا يهدف إلي توفير المطعم والمشرب والملبس والمسكن. الأمراض الاقتصادية أكد الدكتور معبد علي الجارحي.. أمين هيئة الفتوي لسوق دبي المالي أن الاقتصاد المصري عاني لفترات طويلة من الركود والكساد ولا سبيل للنهوض بالدولة إلا من خلال الاقتصاد الإسلامي وذلك حتي تستطيع الدولة الانطلاق والوصول إلي مستويات أكبر من الرفاهية والعزة والكرامة. والإنسان هو أهم هدف من أهداف التنمية ولتحقيقه ينبغي أن يشعر الإنسان بالأمن والطمأنينة وأن يتحرك الإنسان في جميع علاقاته ونشاطه وطموحه وفق الالتزام بالمرجعية الشرعية الفردية والجماعية وأن يكون هذا الإنسان منتجاً معمراً بحيث ينتج وهو يفهم ويقصد بذلك تحقيق رسالة الله في إعمار الأرض ويكون الإنسان مستهلكاً انتقائياً وليس مجرد مستهلك مادي لا يشعر باحتياج غيره وأن يكون هذا الإنسان ملتزماً بعدم الإسراف ويكون متطوراً ومتعلماً. الهدف الثاني من أهداف النهضة والتنمية هو المجتمع. ويتطلب أن يكون للمجتمع خصائص معينة كامتلاكه لزمام أمره وأن تسود فيه قيم الحرية والمساواة والعدل بين أفراده وأن يستطيع هذا المجتمع التعامل والاستعداد للتعايش مع القهر المنظم واسع الانتشار مثل الذي عاشت فيه مصر طيلة عقود. قال: فلابد للمجتمع أن يبحث عن طريقة للتعامل مع مشكلة التفاوت المادي والاجتماعي وأن يهتم بتطوير المؤسسات بالتنشئة والتعليم ويهتم بالأطفال والشباب وينشئ هذا المجتمع مزيداً من مؤسسات التكافل والعدالة. أما الهدف الثالث من أهداف التنمية فهو الدولة فيجب أن تكون الدولة المصرية لها خصائص معينة فلابد أن تكون قوية ومصدر قوتها لا يتمثل في القوة العسكرية فقط وإنما في الاهتمام بالقيم ومصالح الناس فلا تنادي بقيم ومبادئ مختلفة مع القيم التي يؤمن بها معظم الشعب. وحل مشكلات القطاعين العام والخاص مع العلم أن من ليس لهم علاقة بالحكومة ولا بالقانون ويمثلون 82% من حجم سوق العمل وتصل ثرواتهم إلي 347 مليار دولار في الأصول الموجودة وهذه الثروة تزيد خمسة أمثال القيمة الرأسمالية للشركات الموجودة في البورصة وتزيد بسبعة أمثال الاستثمار الأجنبي وثروة هؤلاء الذين يعملون خارج القطاع الرسمي هي ثورة عظيمة ينبغي تنميتها. اعتبر الدكتور الجارحي التمويل الإسلامي من الوسائل الأساسية للنهوض والتنمية بالمجتمع ولكنه أعرب عن أسفه لما وصل إليه قطاع التمويل الإسلامي في مصر من التخلف والركود وأن التمويل الإسلامي في مصر لا يعمل وفقاً للشريعة وأن البنوك الإسلامية مبنية علي المرابحة ولكنها ليست مرابحة سليمة كما أن الدولة ترفض القانون الإسلامي. والبنك المركزي من ناحية أخري لا يفهم الفرق بين التمويل الإسلامي والتمويل الربوي. أكد د. الجارحي أن التمويل الإسلامي فيه جميع الحلول للمشاكل التي تواجه الاقتصاد المصري مطالباً صانعي القرار بضرورة تعديل القانون للسماح للتمويل الإسلامي بحيث يكون جنباً إلي جنب مع التمويل التقليدي خاصة في ظل وجود رغبة شعبية عارمة في التمويل الإسلامي. بحيث تكون معاملة البنك المركزي علي قدم المساواة بين التمويل الإسلامي والتمويل الربوي العادي أي أن الاقتصاد المصري مريض ويحتاج إلي علاج ليتعافي. أشار الدكتور علي خليفة مدير المركز الإعلامي بالجمعية إلي أن المنهج الإسلامي فيه من الضوابط والمقاصد ما يوجه الناس للخروج من المشاكل التي يعيشون فيها وهذه المقاصد تدور حول حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ومن ثم فإن تحقيق الرزق والأمن يمثل عاملاً أساسياً لحفظ الثروة البشرية لأن عدم الاستقرار في المجتمع يقود إلي الخوف والتخلف ولهذا حرص الإسلام علي تأمين عدالة الأجر المرتبط بالكفاية الإنتاجية وتأمين حق العامل في إبداء الرأي في المكان الذي يعمل فيه وحرص الإسلام كذلك علي تحقيق أمن المال في أن يكون كسبه من حلال وإنفاقه في حلال وعدم الإسراف والتبذير وحرمة التعامل بالربا وعدم اكتناز المال وتحريم السرقة واغتصاب المال والغش والرشوة وفرض زكاة وصدقة تشجيعاً وإنماءً للاقتصاد الأساسي والبديل.