كلما اقترب موعد انتخاب رئيس لمصر كلما زاد الاحساس بالمسئولية ذلك لان العبء في الاختيار يقع علي الناخب صاحب الصوت. وهذه مسئولية اكبر من مسئولية الشخص الذي ينتخبه الشعب ليجلس علي مقعد المسئولية الأولي في الدولة. فالناخب هو الأصل وصحيح أنه يلقي المسئولية علي عاتق من يختاره رئيساً. ولكن المسئولية لا تنتهي عند هذا الحد. لأن من واجب الناخب ان يراقب الأداء ممن اختاره للمسئولية فاذا أصاب ايده واذا اخطأ صوب له الخطأ حتي يعتدل ميزان الاداء في يديه. فالمسئولية تقع أولاً وأخيراً علي الناخب الذي يختار والذي يراقب الاداء وتلك المسئولية لا تتوقف علي الناخب وحده وانما يشاركه فيها المسئول الذي اختاره الشعب للموقع الأول في الدولة. وهذا مبدأ إسلامي في مقرر منذ تولي أبوبكر الصديق الخلافة حيث قال: للرعية في خطبته الأولي بعد توليه الخلافة:" ان اصبت فاعينوني وان اخطأت فقوموني. وهي العبارة نفسها التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تولي الخلافة بعد وفاة أبي بكر. وحين قال هذه العبارة رفع واحد من الرعية صوته في مواجهة عمر وقال له: "لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا" فلم يغضب عمر لهذه المقولة وانما قال: الحمدلله الذي أوجد في أمة محمد من يقوم اعوجاج عمر بسيفه وهذه العبارة يجب آن تكون شعار كل مسئول يتولي القيادة الاولي في الدولة. واذا كان هذا هو التصرف الواجب مع المسئول الأول فانه بالتالي يكون الواجب نفسه مع كل شخص يتولي مسئولية وسيطة في حكم الدولة. واذا تحقق ذلك ستقام الاداء في الدولة من كل من يتولي مسئولية فيها وإذا استقامت الأمور علي هذا النحو اعتدل ميزان الاداء في يد كل مسئول سواء كان في الموقع الأول أو في المواقع الوسيطة. إن الإسلام يرسم المنهج القويم لحكم الأمة فلا يصبح فيها ظالم ولا مظلوم لأن الجميع امام شرع الله سواء. وهذا المعني يجب ان يتفهمه كل مسئول منتخب وكل ناخب يؤدي لهذا القيادي صوته في تقديمه للمسئولية علي غيره.