هناك أسباب شتي لظاهرة قطاع الطرق "الحرابة" منها ضعف القيم الإيمانية والفساد الأخلاقي والفساد السياسي والفساد الاجتماعي. وكذلك الفساد الاقتصادي. ومن معالم الفساد الاقتصادي الذي يسبب قطع الطريق. الفقر والبطالة وضعف التربية والعشوائيات والفوارق بين الطبقات..... ونحو ذلك. وهذه المفاسد الخطيرة تؤثر علي رجال الأعمال وعلي المستهلكين. وعلي المستثمرين وعلي المتعاملين في البورصة. كما ترفع من تكلفة التأمين وتؤدي إلي هروب المال إلي المكان الآمن. وهذا كله يقود إلي سلسلة من المضاعفات السيئة تنتهي إلي التخلف والمزيد من الفقر والبطالة والحياة الضنك للفقراء. فعندما يوجد مجتمع لا تحترم فيه حقوق المواطنين الاقتصادية ولا سيما الطبقة الفقيرة المهمشة. نجد بعض الشباب ينحرف ويضل الطريق المستقيم. فعلي سبيل المثال عندما ما يتخرج الشاب في المدرسة أو المعهد أو الجامعة. ولا يجد عملاً يتكسب منه رزقاً حلالاً لتوفير الحاجات الأصلية له. ويجد علي يمينه وشماله الفساد بكل صوره. فلابد لهذا الشاب المسكين أن ينحرف. ولقد زين له الشيطان أمامه كل طرق الفساد. فقد يمارس الحرابة أو يزني أو يسرق أو يشرب المدمنات. أو يلعب الميسر أو يكون عميلاً لأعداء الدين الوطن أو يعتدي علي مال الغير ويكون من قطاع الطرق. وهذا هو الشائع والأعم. ولذلك يجب علي ولي الأمر أن يركز علي أسباب الظاهرة وعلاجها أولاً. ويكون العلاج من خلال تحقيق الأمن وتوفير الغذاء والشراب والملبس والعمل والمسكن والعلاج والتعليم وحفظ الفرج ونحو ذلك من الحاجات الضرورية للإنسان. * المنهج الاقتصادي الإسلامي لمعالجة مشكلة قطاع الطرق يهتم المنهج الاقتصادي الإسلامي بالإنسان. يبدأ به ليعمل عملاً حلالاً. ليعمر الأرض ويعين غيره ليعمل وغايته عبادة الله. ومن أهداف الاقتصاد الإسلامي ضبط المعاملات بقواعد وأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ليحيا الإنسان حياة كريمة طيبة رغدة ويفوز برضاء في الآخرة. ويمكن معالجة مشكلة قطاع الطرق من المنظور الاقتصادي الإسلامي علي النحو التالي: أولاً: الاهتمام بالقيم الإيمانية والأخلاقية للشباب لأنهم أساس البناء والتطوير والإصلاح ولا يمكن فصل الاقتصاد عن الإيمان والإخلاق. وهذا يقود إلي تحقيق الأمن المعنوي. ثانياً: تيسير فرض العمل أمام الشباب العاطل مع الفهم السليم بأن العمل عبادة وفريضة وواجب وقيمة وشرف. والمهن والحرف من الأعمال التي حث عليها الرسول صلي الله عليه وسلم: "أفضل الكسب. كسب الرجل من عمل يده" "متفق عليه". ثالثاً: توجيه الاستثمارات إلي المشروعات التي تنتج الضروريات والحاجيات لأنها تستوعب أكبر قدر من العمالة وذلك وفقاً لسلم الأولويات الإسلامية وتوفر للإنسان حاجاته الضرورية السابق الاشارة إليها. رابعاً: التعاون والتضامن والتكافل بين أفراد الوطن وبين الغني والفقير ضرورة شرعية وحاجة إنسانية. فقد ورد في الأثر: "إنما يشقي الفقراء بصنيع الأغنياء". ومن سبل ذلك تطبيق نظام زكاة المال والصدقات والوقف الخيري وكذلك نظام التكافل الاجتماعي وتوجيه الحصيلة إلي سد حاجات الفقراء. والمساكين ونحوهم. خامساً: الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية التي سخرها الله. والاهتمام بتسخيرها لتشغيل العاطلين. ولا يجوز تصديرها إلا بعد تصنيعها. سادساً: إعادة النظر في مناهج ونظم التعليم لتتضمن من النشأة تربية وتعليم وتدريب الطفل علي ممارسة بعض المهن حتي يجمع بين النظر والتطبيق. سابعاً: تطهير كل وسائل الإعلام من كل فساد. وتسخيرها لتوجيه الشباب إلي الصفات والطهر والعمل وخدمة والنفس والمجتمع والوطني. عندما تتفاعل هذه المحاور مع بعضها البعض. يكون الشاب الصالح العامل. والأسرة القدوة المربية. والمجتمع الفاضل ويختار منه الراعي والنظام الحاكم الذي يلتزم بالقرآن ودستوراً بالرسول قدوة ومنها. ويتحقق الخير ويستحق أن يرزقنا الله من الطيبات مصداقاً لقوله تبارك وتعالي: "ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".