تعيش مصر مرحلة فارقة في حياتها تتطلب من الجميع أن يضعوا المصلحة العليا للوطن قبل الأهواء والمصالح الشخصية حتي لا تكرر مآسي النظام السابق الذي اضر البلاد وأذل العباد ويجب علي الإسلاميين المرشحين للرئاسة أن يتصفوا بالحكمة والتأني في هذه اللحظة الفارقة حتي يتم تفتيت الأصوات بينهم وتكون النتيجة الطبيعية خسارتهم جميعا وفوز خصومهم ووقتها يندم الجميع يوم لا ينفع الندم ويكونون كمن يبكي علي اللبن المسكوب بعد أن تضيع عليهم الفرصة التاريخية التي لن تتكرر وتحضرني في ظل هذا التنافس انه لما ولي الخلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز كتب إلي الحسن البصري يسأله أن يصف الإمام العادل: فكتب له قائلا: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل. وقصم كل جائر. وإصلاح كل فاسد. وقوة كل ضعيف. ونَصًفة كل مظلوم. ومفزع كل ملهوف. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق علي إبله الرفيق بها. يرتاد لها ألين المرعي. ويذودها عن موانع الهلكة. ويحميها من السباع. ويكفيها أذي البرد والحر. والإمام العادل كالأب الحنون علي ولده يسعي بهم صغارًا. ويعلمهم كبارًا. يكتسب لهم في حياته. ويدخر لهم بعد مماته. والإمام العادل كالأم الشفيقة البارة الرفيقة بولدها حملته كرهًا ووضعته كرهًا. وربته طفلاً تسهر بسهره وتسكن بسكنه. ترضعه تارة وتفطمه تارة أخري. وتفرح بعافيته وتغتم لشكايته. والإمام العادل وصي اليتامي وخازن المساكين. يربي صغيرهم ويمون كبيرهم. والإمام العادل كالقلب بين الجوارح» تصلح بصلاحه. وتفسد بفساده. فلا تنس يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليحذر بها عن الخبائث والفواحش. فكيف إذا آتاها من يليها؟! وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده. فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم؟! واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده. وقلة أشياعك عنده وأنصارك عليه. فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر. واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي فيه يطول ثواؤك. ويفارقك عنده أحباؤك. يسلمونك في قعره فريدًا وحيدًا. فتزود له ولما بعده بما يصحبك إلي يوم يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه. واذكر يا أمير المؤمنين إذا بُعثر ما في القبور وحُصل ما في الصدور. والأسرار ظاهرة والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فالآن يا أمير المؤمنين وأنت مهل قبل حلول الأجل. وانقطاع الأمل. لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين. ولا تسلك لهم سبل الظالمين. فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة. فتبوء بأوزارك وأوزار فوق أوزارك. وتحمل أثقالك وأثقالا أكبر من أثقالك. ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك. ولا تنظر إلي قدرتك اليوم. ولكن انظر إلي قدرتك غدًا وأنت مأسور في حبائل الموت. وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين. وقد عنت الوجوه للحي القيوم. وإني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهي من قبل. فإني لم آلك شفقة ونصحًا. فأنزل كتابي إليك كمداو لحبيب يسقيه الأدوية الكريهة. لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وأدعو كل المرشحين الإسلاميين تدبر ما في هذه النصيحة السابقة جيدا ليعلموا ان الرئاسة تكليف لا تشريف ومسئولية أمام الله في الدنيا والآخرة الأفضل أن يكونوا علي قلب رجل واحد ويختاروا احدهم ويتوافقوا علي الأصلح منهم بكل شفافية بعيدا عن ¢الأنا¢.