أوجه هذه الرسالة إلى كل المتنافسين على الترشيح لرئاسة الجمهورية ، إليهم جميعاً أسوق صفات الإمام العادل كما كتبها سيد التابعين ( الحسن البصرى ) بناء على طلب أمير المؤمنين والخليفة الراشد الخامس عمربن عبد العزيز ، و أنا على يقين أنكم قد قرأتموها جميعاً من قبلُ كثيراً ، ولكن أدعوكم أن تتأملوها و تتدبروها مرةً أخرى ، بل مراتٍ و مرات ومرات ، لتعوها جيداً ، وليسأل كلٌّ منكم نفسه بصدق ورهبةً ؛ لجلل القرار و ثقلهِ ويسألُ هل أنا قادرٌ على تحقيق و تفعيل هذه الصفات ؟؟ وهل ساستطيع تحقيق الوعود ؟ لأن من المفروض عليه أنه سوف يحاسب نفسه كل يوم قبل أن يخلد إلى النوم : أين أنا من هذه الصفات ؟ ومن لم يجد فى نفسه القدرة على تحقيق و تفعيل هذه الصفات فلينسحب فوراً ! راحماً نفسه غير مخادعٍ لها ، وراحماً للناس لأن الشعب المصرى استيقظ ، وذاق طعم الحرية و الحياة الكريمة ، و ينشد العدلَ ، ولن ينامَ مرةً أخرى ، ولن يتنازل عن الكرامة و العدالة و الحرية و إليكم نص الحسن البصرى أذكركم به : " من الحسن بن أبى الحسن إلى عمربن عبد العزيز ، أمير المؤمنين : اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوَّاماً لكل مائل ، وقصد كل جائر ، وصلاح كل فاسد ، وقوة كل ضعيف ، و نصرةَ كل مظلوم و مَفزع كل ملهوف . و الإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعى الشفيق على إبله ، الرفيق بها ، الذى يرتاد لها أطيب المراعى ، ويذودُها عن مراتع الهلكة ، ويحميها من السباع ، ويكنها من أذى الحر والقر . والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحانى على ولده ، يسعى لهم صغاراً ، ويعلمهم كباراً يكتسب فى حياته ، و يدخر لهم بعد مماته . و الأمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ، حملته كرهاً ووضعته كرهاً ، وربته طفلاً ، تسهر بسهره ، وتسكن بسكونه ، ترضعه تارة و تفطمه أخرى ، وتفرح بعافيته ، و تغتم بشكايته . : و الإمام العادل يا أمير المؤمنين وفى الياتامى ، وخادم المساكين ، يربى صغيرهم ، ويمون كبيرهم . و الإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه ، وتفسد بفساده .: و الأمير العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وعباده ، يسمع كلام الله و يسمعهم ، وينظر إلى الله و يريهم ، و ينقاد إلى الله ويقودهم . فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سيده ، و استحفظه ماله وعياله ، فبدد المال و شرد العيال ، فأفقر أهله و فرق ماله .: ونصحه قائلاً : و اعلم يا أميرالمؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش ، فكيف إذا أتاها من يليها ؟! و أن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم ؟!. واذكر يا أمير المؤمنين الموتَ وما بعده ، وقلة أشياعك عنده ، و أنصارك عليه ، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر .: و اعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذى أنت فيه ، يطول فيه ثواؤك ، ويفارقك أحباؤك ، يسلمونك فى قعره فريداً و حيداً فتزود له ما يصحبك :: " يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ {عبس 34 36 } " و اذكر يا أمير المؤمنين : " إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ {العاديات :9و10} فالأسرار ظاهرة ، و الكتابُ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فالآن يا أمير المؤمنين و أنت فى مهلٍ قبل حلول الأجل ، و انقطاع الأمل ، لا تحكم يا أمير المؤمنين فى عباد الله بحكم الجاهلين ، و لا تسلك بهم سبيل الظالمين ، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون فى مؤمن إلاً ولاذمة ، فتبوء بأوزارك و أوزارٍ مع أوزارك وتحمل أثقالك و أثقالاً مع أثقالك ، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ، ويأكلون الطيبات فى دنياهم بإذهاب طيباتك فى آخرتك ، ولا تنظر إلى قدرتك اليوم ، ولكن انظر إلى قدرتك غداً و أنت مأسور فى حبائل الموت ، وموقوف بين يدى الله فى جمع من الملائكة و النبيين والمرسلين ، وقد عنت الوجوه للحى القيوم .: إنى يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعظتى ما بلغه أولو النهى من قبلى ، فلم آلُك شفقة ولا نصحاً ، فأنزل كتابى إليك كمداوٍ حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له فى ذلك من العافية و الصحة والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله و بركاته "( 1): هذه هى صفات الإمام العادل أضعها أمام كل المتنافسين على الترشيح لرئاسة الجمهورية ؛ حتى يعوا أن الأمر جد لا هزل ، مغرم لامغنم مسؤلية كبيرة وحساب عسير ، فهل من مدكر ؟!