كم عالم ذي هيبة وعمامة وطؤوا عمامته بكل مجون لو لم تكن بيضاء ما عبسوا بها لكنها هانت هوان الدين لقد تذكرت هذين البيتين من نونية القرضاوي التي سجل فيها تفاصيل محنة الإخوان المسلمين أيام العهد الناصري. وتداعي البيتان إلي الذاكرة بشكل آلي وأنا أتابع المدائح التي ينشدها بعض الإعلاميين علي إثر وفاة البابا شنودة. وكأن الرجل أحد أنبياء بني إسرائيل.. قلت في نفسي كم من عالم قد مات منقبل ولم نسمع سنفونية بتهوفن. ولم نشاهد أي من المذيعات وقد تسربلن بلباس الحداد. أم أن علمائنا لا بواكي لهم؟! لقد عارض الراحل قرار الإدارية العليا بشأن الزواج الثاني للأقباط وقال صراحة يحسد عليها: أنا لا يمكن أن أترك حكم الإنجيل لحكم محكمة أي كانت مكانتها.. ولم نسمع تعليقا ممن أدمنوا لطم الخدود وشق الجيوب إذا قال شيخ من شيوخ المسلمين كلمة ولو مازحا كما حدث مع الشيخ يعقوب في غزوة الصناديق. تري لو أن شيخا من ذوي العمائم البيضاء هو الذي اعترض علي حكم محكمة علي طريقة البابا الراحل؟؟! هل كانت ستمر علي القوم مر الكرام أم أن حلف الناتو الكنسي كان سيشن عليه الغارة تلو الغارة؟!! والكتائب المحمولة جوا سوف تصرخ في برامج التوك شو. اللطيمة. اللطيمة أدركوا الحرية واستقلال القضاء التي اعتدي عليها السلفيون والإخوان المسلمون قبل أن نسقط في قبضة رجال الدين الذين يحتكرون الفضيلة وقطع غيارها علي تعبير نابه الذكر خالد منتصر المكرر الممجوج في جل مقالاته. أو الذين يمتلكون منح صحكوك الغفران وقرارات الحرمان علي تعبير الدكتور رفعت التعيس!! ليس هذا هو التصريح الأول ولا الأخير لبابا الأقباط.. بل جاءت إجابته صادمة حين سئل عن رأيه في تولية المرأة لحكم البلاد كرئيس للجمهورية مثلا؟ فقال بكل صراحة ووضوح لا مواربة فيه ولا تورية ولا لف ولا دوران: المرأة كائن شيطاني شهواني نجس لا يصلح عندنا لهذا الأمر.. أين دعاة حقوق المرأة؟ أين المتباكون علي حقها في المشاركة الكاملة شأنها شأن الرجال؟ أين الذين يرون أن الإسلاميين يريدون أن يرجعوا بها إلي عصر الحريم؟!! أين دميانة الشاذلي وبرنامجها الممل "العاشرة غثاء"!! أين هالة سرحان التي كانت تذرف دموع التماسيح علي القانون الذي أعطاه المسئولون عن حل مشكلة العامرية أجازة مفتوحة واستبدلوه بالجلسات العرفية التي قضت بتهجير القبطي المخطئ حفاظا علي حياته أولا. وتهدئة لثائرة المسلمين المسلومين في عرضهم. المجروحين في كرامتهم ثانيا؟!!! وأين خالد المنتصر الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في مقال له بعنوان "نعم للحائض رئيسا للجمهورية" وذلك في معرض ردحه وتعقيبه علي كلام منشور للدكتور محمد المختار المهدي يبرر فيه حكم الشريعة بمنع المرأة أن تتقلد حكم البلاد. وقد ذكر أن المرأة تعتريها قدرا حالة من الضعف البدني والنفسي تصاحب العذر الشرعي حالة الحيض والنفاس وعليها لا تكون مهيأة لممارسة مهام رئيس البلاد الجسام والحالة هذه. ولم يقل الشيخ: أن علة المنع في الشريعة لأنها كائن شيطاني شهواني نجس.. كما قالها البابا صراحة لا كناية أو مجازا.. نعم لو لم تكن بيضاء ما عبثوا بها.