* تسأل مريم أحمد عبدالسلام من الدقهلية.. تري كثيرا من زوار القبور يضعون علي القبور الزهر والجريد. فهل هذا أمر مشروع؟ ** يقول الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر: روي البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إن النبي - صلي الله عليه وسلم - مر علي قبرين فقال: "إنهما ليعذبان. وما يعذبان في كبير أما هذا فكان لا يستنزه من البول. وأما هذا فكان يمشي بين الناس بالنميمة" ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنتين. ثم غرس علي هذا واحد وقال: "لعله يخفف عنها ما لم ييبسا" العسيب - الجريدة التي لم ينبت فيها خوص. فإن نبت فهي السعفة. وفي حديث مسلم عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلي الله عليه وسلم - أمره أن يقطع غصنين من شجرتين كان النبي - صلي الله عليه وسلم - يستتر بهما عند قضاء حاجته. ثم أمره أن يلقي الغصنين عن يمينه وعن يساره حيث كان النبي - صلي الله عليه وسلم - جالسا ولما سأله عن ذلك قال: "إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفعه عنهما مادام الغصنان رطبين" "النووي ج18 ص144" وهناك قصة ثالثة رواها ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي - صلي الله عليه وسلم - مر بقبر فوقف عليه فقال "ائتوني بجريدتين" فجعل أحدهما عند رأسه. والأخري عند رجليه. وأكثر من قصة وردت في وضع الجريدة علي القبر. والعلماء في مشروعيته فريقان. فريق يقول إنه خاص بالنبي - صلي الله عليه وسلم - وليس مشروعا لغيره وفريق يقول: إنه عام لكل المسلمين: فالخطابي في شرح سنن أبي داود "ج1 ص42" يستنكر وضع الجريد علي القبر لغير النبي - صلي الله عليه وسلم - والطرطوش يعلل ذلك بأنه خاص ببركة يده - عليه الصلاة والسلام - ويد غيره لا يجزم ببركتها. والفريق المجيز قال: لم يرد ما يدل علي خصوصية النبي - صلي الله عليه وسلم - بذلك. فيبقي فعله عاما به ولامته علي التأسي به فيما لا يخص به كما أنه لم يرد ما يدل علي أن الصحابة اعترضوا علي ابن الخصيب الذي أوصي أن يوضع علي قبره جريدتان. والحكمة في تخفيف العذاب مادامت الرطوبة في الغصن قيل: أنها غير معلوم كالحكمة في كون عدد الزبانية تسعة عشر. وقيل: إن الغصن يسبح مادام رطبا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح وعلي هذا فهو مطرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها وقال الخطابي: انتفاع الميت بالجريدة محمول علي أن النبي - صلي الله عليه وسلم - دعا لصحابي القبرين بالتخفيف مدة بقاء النداوة. لا أن في الجريدة معني يخصه. ولا أن في الرطب معني ليس في اليابس هذه هي المسألة بين المجيزين والمانعين. وأري أنه ليس فيها ما يدل علي المنع ومادام هناك إيمان بأن النافع والضار هو الله وحده. وأن ما تقدمه للميت من دعاء وصدقه وغيرها من باب الأسباب التي تستمطر رحمة الله سبحانه فلا داعي للإنكار. والله أعلم.