سألتني زميلة صحفية تقيم في كندا عن نظرتي للعمل الخيري الإسلامي وأهميته ومدي نجاحه في تحقيق أهدافه السامية. فكانت إجابتي أن العمل الخيري الإسلامي يتعرض لضربات موجعة من "تحت الحزام" وسبب ذلك واضح. لأن الضرب يهدف إلي ضرب العمل الدعوي أو الإسلامي بشكل عام. في محاولة لإسكات الصوت الإسلامي من جهة. أو للحد من نشره أو محاولة تهميشه أو تثبيط همم الناس بالتمسك بالدين وأخلاقه ومبادئه وقيمه. نعم العمل الخيري نجح بدرجة "الامتياز" خليجيا. نظراً لما تمثله دول الخليج من ثقل اقتصادي ومادي وما تحمله أرضها من جميعات خيرية ومؤسسات تطوعية كثيرة ومتعددة وتقوم علي خدمة مجتمعاتها والمجتمعات الإسلامية الخارجية الأخري.. لكن بعض الدول العربية - وعلي رأسها مصر - لم ينجح فيها العمل الخيري بالشكل المناسب والمرجو منه. ولستم بحاجة إلي أن أذكر لكم أن ذلك بسبب الأحوال الاقتصادية المتردية التي تنعكس علي صورة ومسيرة العمل الخيري. وعدم فهم رسالة العمل الخيري. وقصور الثقافة العامة لما يقدمه العمل الخيري من خدمات مجتمعية وتنموية مهمة. والعمل الخيري الخليجي علي وجه الخصوص أصبح علي مستوي الطموح. لأن له ثقله الواضح الذي هو ترجمة فعلية لثقل الدول القائمة عليه والتي توليه من الاهتمام الشيء الكثير. وتعتبره ركناً ركيناً في التنمية الاجتماعية لأفراد المجتمع. ومن هنا فهو يتفوق علي غيره من العمل الخيري العربي بسبب الظروف التي ينشأ فيها هذا العمل الذي ينطلق من شيم ومكارم الأخلاق الإسلامية ومن قبل العربية التي تحض علي التعاون والتآزر ومد يد العون للمعوز والمحتاج والفقير والمريض وابن السبيل. وذوي الحاجة بشكل عام. لكن خدمة هذا العمل في صورة الأبحاث والدراسات المعنية به ونشرها والاهتمام بها والعمل الخيري عامة إعلاميا هي التي تبقي تحت مستوي الطموح. وإن أنس فلا أنسي قضية العمل الخيري والإعلامه فهذه القضية مهمة جداً لأن الإعلام كما نعلم جميعاً أصبح محوراً مهماً وكيزة لها شأنها وشأوها في الحياة بشكل عام وفي المجالات الخيية بشكل خاص. وأعتقد أن الإعلام ينجح بدرجة "الامتياز" في تناوله للشأن الخيري واهتمامه به وطرحه في بعض البلدان التي لها ثقلها في الاهتمام بالعمل الخيري مثل دول الخليج وعلي رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان علي اختلاف قوة وثقل كل دولة من هذه الدول وكثرة الجمعيات والمؤسسات العاملة في المجال الخيري. وأما بعض الدول الإسلامية والعربية الأخري فلا يحقق الإعلام نجاحاً ملموساً. لأن الأيديولوجية التي يقوم عليها صانعو رسالته تختلف ونسبة التدين المتدنية تساهم في استبعاد الاهتمام بالشأن الخيري عن الساحة الإعلامية بشكل أو بأخري.. وأحيانا الضرب "تحت الحزام" - كما اشرت إلي ذلك سابقا - لكل ما يتعلق بالعمل الخيري. وذلك لضرب الإسلام نفسه والعمل علي الحد من انتشاره وتوسعه وتقليل أهميته حتي لا يزيد تمسك الناس به. والعمل الخيري ينطلق من توجيهات الإسلام لنا بالتعاون والتكافل والتعاضد بين أفراد المجتمع كله التي أمرنا بها كمسلمين. ومن مبدأ "في كل كبد رطبة صدقة" كان العمل الخيري ولايزال. حتي قبل إنشاء الدول المتعددة يوم أن كانت الدول الإسلامية دولة واحدة أو أمة واحدة لها حاكم واحد وعاصمة واحدة. قد يكون في بعض البلدان التي تهمش مسائل الدين ولا تضعه في حسباتها تفيد من عواطف الناس لحب العمل الخيري والتبرع والتصدق ووقف الممتلكات والعقارات علي أوجه الخير فتستغل ذلك لخدمة أجندتها السياسية أو الاقتصادية أو حتي المصالح الخاصة التي تهم الدولة نفسها أو بعض رجالات الدولة. وهذا وارد لأن الدولة أي دولة عبارة عن رجال والرجال بشر. والبشر لهم مالهم وعليهم ما عليهم. والخطأ ليس بمنزوع عن طبيعتهم كما أخبر النبي الأكرم صلي الله عليه وسلم بقوله "كل ابن آدم خطاء". وهناك بلاشك عراقيل التي تواجه العمل الخيري خاصة في بلادنا العربية والإسلامية وهي تتمثل في رأيي في عدة نقاط هي: * قصور الوعي بأهمية وجود العل الخيري في المجتمع والمساهمة في تنميته. وشبه انعدام ثقافة العمل الخيري لدي الأفراد خاصة البسطاء في المجتمع. الحالة الاقتصادية التي تمر بها أكثر الدول العربية والإسلامية والتي تنعكس بطبيعتها علي عمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية في هذه البلاد. * ضعف الوازع الديني لدي بعض القائمين علي شئون العمل الخيري فالبعض يتخذه نوعا من الوجاهة الاجتماعية والمسئولية الشخصية وكأنه يعطي المحتاجين من بيته هو أو كما يقال "كيسه الخاص" أو جيبه الخاص. * عدم الإقبال من المتطوعين في بعض البلدان العربية والإسلامية علي العمل في الجمعيات والمؤسسات الخيرية وذلك لقلة العائد المالي العائد عليهم نظير عملهم من جهة. ومن جهة أخري لانشغال هؤلاء بوظائفهم وأعمالهم التي تأخذ عليهم جل وقتهم من أجل فتح بيوتهم وإعالة أسرهم ومن يعولون. وفي النهاية: من يشمر عن ساعد الجد ويخلص نيته لله ليرفع من شأن رسالة العمل الخيري الذي معناه خدمة الدين والبلدة والشعب والأمة الإسلامية جمعاء؟ السؤال موجه للجميع كل حسب طاقته وتخصصه ومكانه ومكانته واعلموا أنه "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره".