سبق الإسلام كل الأنظمة العالمية. فأرسي مبدأ الشوري» لأن الإسلام يحرص كل الحرص علي ترسيخ المبادئ المحمودة التي يشعر في ظلها كل مسلم بأنه فرد له مكانته وكرامته وقيمته بين أفراد مجتمعه. ومن هنا اهتم الإسلام كل الاهتمام بمبدأ الشوري. وعمل علي إرسائه وترسيخه في أذهان المؤمنين حتي يكونوا القدوة الصالحة لغيرهم من الناس. فلقد اهتم القرآن الكريم بالشوري. والتزم به النبي - صلي الله عليه وسلم - كما التزم به صحابته - رضوان الله عليهم أجمعين - ونحن نتبع ما ساروا عليه. وفي ضوء الحديث عن مبدأ الشوري في الإسلام نجد أن القرآن الكريم يتحدث عن الشوري في أكثرمن موضع. ولكل موضع من هذه المواضع دلالة قوية علي وجوب هذا المبدأ الذي يخدم العقيدة. ومن ذلك قول الله - تعالي - مخاطبا رسوله - صلي الله عليه وسلم - "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين". الآية "159" آل عمران. وهذه الآية تدل علي وجوب الشوري. وعدم الاستبداد بالرأي. والوقوف عند الرأي الشخصي أو الحجر علي غيره من الآراء الأخري. فلقد نزلت الآية عقب هزيمة المسلمين يوم أحد. وفي ظروف يتضح منها أن رأي من أشار علي النبي - صلي الله عليه وسلم - لم يكمن صواباً. ومع ذلك فقد أنزل الله - سبحانه - أمره بالعفو عنهم ومشاورتهم. وهذا يؤكد عناية الإسلام بالشوري. حتي جاءت ضمن سور القرآن الكريم سورة قد سميت ب"الشوري". ومن المواضع التي تحدث القرآن الكريم فيها عن مبدأ الشوري قوله تعالي: "..وأمرهم شوري بينهم" جزء من الآية "38" سورة الشوري. والذي يتأمل في هذه الآية المباركة. وينظر في تركيبها كاملة يجد أن الله قد ذكر كلمة "الشوري" كصفة من صفات عباده بين ركنين أساسين من أركان الإسلام هما: الصلاة. والزكاة: "والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شوري بينهم ومما رزقناهم ينفقون" فهي تدل دلالة صريحة علي أن الشوري واجبة التنفيذ في كل أمور حياتنا كالصلاة والزكاة. ولقد دعا الرسول الأعظم - صلي الله عليه وسلم - إلي الأخذ بمبدأ الشوري في كل الأمور التي لم ينزل فيها الوحي من الله. ومن ذلك ما رواه أبوهريرة - رضي الله عنه - قال: "مارأيت أحداً قط كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله - صلي الله عليه وسلم" رواه الشافعي. وعن علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلي الله عليه وسلم عن العزم. قال: "مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم".. رواه ابن مردوية. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: المستشار مؤتمن" رواه أبوداود والترمذي. إن الرسول - صلي الله عليه وسلم كان قدوة طيبة في تطبيق مبدأ الشوري في المجتمع المسلم. وقد ألزم نفسه به. ليكون لنا القدوة الحسنة. والأسوة الطيبة. ومما اشتملت عليه السنة النبوية