الأنبياء والمرسلون هم قمة المثالثة وهرم القيم النبيلة علي مر العصور.. قدموا للبشرية الكثير من المباديء وضحوا بكل ما يملكون من أجل إسعاد البشر فأحلوا العدل والحرية والمساواة في أنحاء الكون والتاريخ يذكر لنا في صفحاته منذ أن عرف الإنسان كيف يتعامل مع الناس دور هؤلاء في الرقي بالإنسان والسمو بروحه وتهذيب وجدانه لكي يشارك في بناء المجتمع بفكره وعقله وعندما كان يغيب دورهم صلوات الله عليهم وتسليماته تنهار قيم وسلوكيات ومكتسبات المجتمعات فيسود الظلم والاستبداد ويدب الخلاف والشقاق بين بني البشر وتدق طبول الحروب لأتفه الأسباب فينتشر الخراب.. لذا تتمثل دعوة كل نبي أو رسول في قومه للعودة بهم إلي القيم التي حددها قانون السماء وإقامة الموازين الكونية بالقسط بينهم في المجتمع لأن للكون ميزانا إذا اختل تهاوت أسسه وانهارت أركانه وحل بأهله الدمار والعار يقول المولي تبارك وتعالي "والسماء رفعها ووضع الميزان" فاقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان" الرحمن 7:.9 يقول صاحب كتاب السيرة النبوية العلامة أبوالحسن الندوي الإنسانية أفاقت واستيقظت وفتحت عيونها بعد سبات عميق طويل دام قرونا طويلة فأرادت أن تتدارك ما فاتها حتي عمر كل جزء من أجزائها وكل ركن من أركانها بدعاة ربانيين مخلصين مجاهدين ومصلحين مربيين عارفين بالله متحرقين لخلق الله باذلين نفسهم ونفسيهم لخير الإنسانية وإنقاذها من الخطر المحدق بها من كل جانب. ولد النبي محمد صلي الله عليه وسلم وبزغ فجر جديد وأضاء لكون كله بمبعثه وزصبحت رسالته عالمية الدعوة مكانية الوحي روحانية المكان فبدأت البشرية تعرف قيمة المثل في قمة سموها ورقيها بالنماذج التي وضع أسسها النبي وبني بها المجتمع الجديد الذي كان بعيداً كل البعد عن وهج الحضارة ورقي الصدارة وصنع منهم سادة وقادة عمروا دنياهم بالفضائل وانشأوا في نفوس البشر مقتا شديدا للظلم والجور والعدوان والبغضاء أنك تجد آثارهم وتلمس آياتهم علي كل جزء من أجزاء البسيطة كموقع القطر لا يخلو منها بيت فقد فتحوا ينابيع فياضة متدفقة من العلم والعرفان والإيمان والحنان واذكوا شعلة الحب الإلهي في قلوب اتباع هذا الدين يقول المولي تبارك وتعالي "محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فأزره فاستغلظ فاستوي علي سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما" سورة محمد .39 سطر عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي صفحات الواقع قوله: "كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا في غيره العزة أذلنا الله". والذي ينقب في كتب السير والتراجم يجد النبي صلي الله عليه وسلم عاش القيم والمثل وانفعل بها في حياته الخاصة داخل بيته بين أهله الأطهار وعلمها أصحابه الأبرار حتي فاضت وعمت أعدائه تقول عائشة رضي الله عنها "كان خلقه القرآن" وأصحابه رضوان الله عليهم صدق فيهم الوصف التفضيلي "كانوا قرانا يمشون بين الناس" و"الجيل القرآني الفريد" و"رجال صدقوا مع الله" و"الذين مع محمد" وخاطب القرآن الكريم النبي صلي الله عليه وسلم قائلا: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك "آل عمران "159" وقوله "خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين" الأعراف 99 وقوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" الأنبياء "107". حدد النبي صلي الله عليه وسلم رسالته وملامح دعوته في الحديث الذي يرويه بن سعد في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه "إنما بعثت لأتتم مكارم الأخلاق" وقوله "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا" رواه الترمذي وقوله "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن" رواه مسلم.