متي يجب علي المصلين مقاطعة خطيب الجمعة أثناء إلقائه الخطبة.. وكيف تكون المقاطعة.. أسئلة فرضت نفسها عقب مقاطعة أحد المصلين للدكتور علي جمعة أثناء خطبة الجمعة ببورسعيد.. واتهامه بالنفاق و"الفلول". وما حكم من أحدث هرجاً ومرجاً أثناء المقاطعة وهل تصح لهم صلاة الجمعة.. "عقيدتي" التقت عدد من العلماء واستطلعت آراءهم حول هذه القضية.. فماذا قالوا؟! وكشف الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو مجمع البحوث الاسلامية أن حالة الانفلات في المساجد بعد الثورة تعاني منها بعض مساجد الجمعية الشرعية حيث لا يتجادل بعض المصلين مع الخطباء فقط وانما يحاول بعضهم اعتلاء المنبر رغم انه غير مصرح له بذلك فضلا عن عدم كفاءته العلمية مما يثير جدلا وبلبلة ليس أثناء الخطبة فقط وانما قبل بداية الخطبة ذاتها حيث يدخلون في جدل مذهبي يمقته الشرع ويحاولون اقصاء من يخالفونهم في المذهب الفقهي. وأشار إلي أن رد الخطيب علي المنبر انما يكون بالحسني تنفيذا للأمر الالهي "وجادلهم بالتي هي أحسن" وقوله "ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. ومن ثم يجب أن تكون المجادلة بعد الخطبة ومن باب النصيحة وليس الفضيحة مثلما حدث مع فضيلة المفتي حيث تجاوز المخالف حدود الأدب والاحترام والتوقير للمساجد والعلماء علي حد سواء. الشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر الشريف يري ان ما حدث مع مفتي الجمهورية في بورسعيد دليل الانفلات الذي نعيشه الآن.. ومن الناحية الشرعية لا يجوز مقاطعة خطيب الجمعة الا في حالة التعليق علي حكم معين انما الذي حدث هو نوع من الفوضي.. وأنا أتساءل كيف يحدث هذا مع مفتي مصر الذي يتمتع بقدر كبير من العلم والفقه ويكفي قدر الله فيه وهو تقلده لمنصب مفتي الديار المصرية.. فما هكذا يجب أن نعامل رموزنا. والذي يقاطع خطيب الجمعة إما أن يكون عابر سبيل أو مستفتي يسأل عن أمر لم يتضح له بعد وليس هناك متسع بعد الخطبة.. أو أن الخطيب قال أمرا مخالفا للكتاب والسنة وبشرط أن يكون المقاطع عالما بالكتاب والسنة.. فيجب أن يكون هناك تأدب مع العلماء وأن يلتزم الجميع بحسن معاملة العلماء.. أما ما حدث فهو نوع من الفوضي التي لا يجب السكوت عليها. أما من تجرأ علي المسجد وأحدث فيه هرجا ومرجا في مثل هذا الوقت فيعتبر آثما لا محالة لأنه قد سد علي الناس طريقا من طرق العلم ولأنه وقع تحت طائلة الحديث "ان الكلام في المساجد بغير ذكر الله يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".. فهم آثمون وكل من كان سببا في الضوضاء والضجيج هؤلاء جميعا آثمون. وأضاف: انه لا يقاطع العالم الا العالم ومقاطعه وهو علي علم تام بما يقوله بأسانيده.. أما أن تتحدث بغير علم فهذا مرفوض شرعا وصدق من قال: همة العلماء الدراية وهمة السفهاء الرواية". أما الدكتور عبدالله الصبان الأستاذ بجامعة الأزهر فيري انه يجوز مقاطعة خطيب الجمعة اذا خرج عن مقتضي الخطبة أو أخل بواجباته تجاه المنبر أو أخطأ في آية قرآنية أو حديث شريف. كذلك يجوز مقاطعة الخطيب اذا جاء بفهم يخالف الواقع الموجود للآية أو الحديث أو خرج عن مقتضي المألوف مما يجعل هناك فتنة فيقاطع بهدف التبصير والتوجيه أو الايقاظ واذا استمر في الفتنة جاز انزاله من فوق المنبر. أسلوب مهذب وعن كيفية المقاطعة يقول د.الصبان: يجب أن تكون بأسلوب مهذب لا يفقد الخطيب كرامته أمام المستمعين لاسيما اذا كان عالماً مشهوراً ومعروفاً بحيث لا تدعو الي عصبية أو تثير فتنة أكبر.. فالمنبر لأداء شعيرة من شعائر الله وليس لتصفية حسابات بين الأطراف وأن خطيب الجمعة ينفذ أمراً شرعياً أمر به الرحمن. ويري الدكتور الصبان.. ان ما حدث مع مفتي مصر وهو يخطب الجمعة أمر مرفوض تماما لأن المفتي رجل عالم وقال كلاماً طيباً ولم يخرج عن المألوف ويقوم بأمر شرعي أمر به الرحمن وهو لم يفسق بل كان له وجهة نظر.. أما معارضته فكان يمكن أن يقوم بها المعارض بعد الصلاة أو خارج المسجد. يؤكد الدكتور محمود الصاوي الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر ان ما استقرت عليه الأعراف الاسلامية منذ ظهور الاسلام وحتي اليوم ان الخطيب لا يراجع وذلك انطلاقا من قول رسول الله صلي الله عليه وسلم "من قال لأخيه: صه. فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له".. وقد طبق الصحابة والتابعون ذلك علي أفضل ما يكون حيث كانوا يجلسون وكأن علي رؤوسهم الطير.. وهذا ينطلق من حرص الجميع أن تكون صلاتهم مقبولة. وأشار إلي أن أي تعليق من المصلين علي الخطيب يجب أن تكون عقب الصلاة أو أثناء الدروس الدينية وليس أثناء الخطبة حتي لا نعطي الفرصة للعامة لاحداث الفوضي.. ولكن قد يسمح بتصحيح أي خطأ في الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية ولا يقوم بذلك إلا عالم وبشكل محترم وهذا من باب النصح والتعاون علي البر والتقوي وقد أمرنا الله تعالي بذلك فقال "وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان".