قال الله تعالي: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين".. سورة الممتحنة آية "8" لقد دعا الإسلام إلي توثيق العلاقات الإنسانية بين البشر بين الإنسان وأخيه الإنسان وجعل لهذه العلاقات مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالي. والعلاقات الإنسانية نوعان: علاقة مع المسلم وأخيه المسلم.. وقد حدد المولي سبحانه وتعالي نوع هذه العلاقة في قوله تعالي "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" 10 آل عمران.. وحددها رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم "لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه". والعلاقة الثانية: "وهي التي نحن بصددها اليوم" وهي علاقة المسلمين وغير المسلمين. العلاقات الإنسانية بأهل الذمة. بالمعاهدين. والمستأمنين. حيث حدد المولي سبحانه وتعالي نوع هذه العلاقة في كتابه العزيز. فقال "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" 8 الممتحنة. وتبلغ وصايا القرآن بغير المسلمين القمة حين يقول القرآن عن المشركين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر. "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه" 6 التوبة. هذه هي عظمة ديننا الحنيف عظمته في انسانيته التي وسعت المسلمين وغير المسلمين. بل ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم وهو في طريق الهجرة اتخذ دليله رجلاً غير مسلم كل هذا معناه أن الإسلام في علاقاته الإنسانية يزكي هذه العلاقات ليعطي العالم كله مسلمين وغير مسلمين الصورة المشرفة السمحة لهذا الدين.. حتي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال فيما رواه الإمام أبو داود "من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة". وفي أول خطوة ينظم فيها النبي صلي الله عليه وسيلم مجتمع المدينة الجديد بعد هجرته يبرم وثيقة ويعقد معاهدة بينهم وبين غير المسلمين. من هذه الشروط أن ينافح عنهم وأن ينافحوا عنه "أي يدافع عنهم ويدافعوا عنه" وأن يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم "من حقوق وواجبات" أنها عظمة في تعاليم سيدنا المصطفي وسماحة الدين الذي يسع المسلمين وغير المسلمين. يالعظمة إنسانيتك يا خير خلق الله والتي رعاها أصحابك البررة من بعدك حتي رأينا عمر رضي الله عنه يوقف في الخصومة والقضاء علي بن ابي طالب "ابن عم رسول الله" بجوار رجل يهودي. فيقول له عمر قف يا أبا الحسن فيري في وجهه غضباً. فيقول له عمر: أغضبت ياعلي أن أوقفتك في موقف القضاء "إن القضاء في الإسلام لا يفرق بين مسلم وغيره" فقال علي: يا أمير المؤمنين ما غضبت أن أوقفتني معه ولكن غضبت لأنك أكرمتني وناديتني بكنيتي وقلت: قف يا أبا الحسن وليس في هذا عدل بيني وبين اليهودي. هذه هي سماحة ديننا التي وعاها سلفنا الصالح. وهاهو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ترفع له شكاية رجل قبطي ضربه ابن عمرو بن العاص حين تسابقا فسبق ابن القبطي بن عمرو بن العاص فضربه وقال أنا ابن الأكرمين. فلما رفعت الشكاية إلي عمر ناداه في موسم الحج وقال علي ملأ المسلمين جميعاً وقد أعطي الدرة للرجل القبطي وقال أعطها لابنك ليضرب ابن عمرو بن العاص فضربه أمام الناس "ضرب ابن الوالي" وقال عمر قولته المشهورة "متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من آذي ذمياً فأنا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة".