قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، إن قواعد الإسلام للعائلة البشرية واضحة لا تحتمل اللبس أو التأويل فى التأكيد على أن الناس خلقوا جميعًا من نفس واحدة، مما يعنى وحدة الأصل الإنسانى، مشيرًا إلى قوله تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة"، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الناس بنو آدم وآدم من تراب". وشدد جمعة: الإسلام أقر للناس جميعًا الحق فى العيش والكرامة دون استثناء أو تمييز، بل اعتبر الإسلام ذلك داعيًا للتعارف والتلاقى على الخير والمصلحة المشتركة، فقد قال تعالى "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا"، موضحًا أن ميزان التفاضل فى نظر التشريع الإسلامى محصور فيما يقدمه الإنسان من خير للإنسانية كلها. أضاف مفتى الجمهورية، فى كلمته التى ألقاها بمؤتمر "الهدى النبوى ومتغيرات العصر" المنعقد بتركيا: أن الإسلام نظر إلى غير المسلمين نظرة تكامل وتعاون فى المصالح المشتركة، فى إطار قاعدة القيم والأخلاق التى دعت إليها كل الأديان، والتى حظيت بالقبول والرضا من بنى الإنسان، ويتلخص دستور الإسلام فى التعامل مع غير المسلمين فى قوله تعالى" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" لافتا إلى أن هذه الآية تحدد هذه الأصول وهى التسامح وإسداء الإحسان وفعل الخيرات. وشدد جمعة أنه عندما نقبل هذه المبادئ ندرك أن دائرة الاتفاق بين الأديان أكبر بكثير من دائرة الاختلاف، وأنه لم يعد هناك مكان ولا إمكانية للعزلة ولا الانعزال، لم يعد هناك إلا أن نعيش سويًا على هذه الأرض، وأن نصنع أسس الحوار كما أرادها الله سبحانه وتعالى وهذا جوهر ما نادت به مبادرة "كلمة سواء" كما هو ثابت فى آيات القرآن الكريم، والكتاب المقدس أن الإسلام والمسيحية يشتركان فى قيمتين فى غاية الأهمية؛ وهما حب الله وحب الجار. ووجه المفتى تساؤلا بقوله: كيف لدين لا يقوم على التسامح والتعاون أن ينتشر هذا الانتشار الملحوظ ويقود الإنسانية بأسرها قرونا عدة إلى فضائل الأخلاق وتعمير الأرض.. مشيرًا إلى أن علماء الإسلام يرحبون بالحوار الهادف مع الديانات والثقافات الأخرى؛ لخلق علاقة أكثر عمقًا ونفعًا للبشرية جمعاء، والسعى إلى بدء حقبة زمنية جديدة يسودها التسامح والاحترام بين الأديان.