بناء علي التعريفات السابق ذكرها تري أن كل ما يخالف الإسلام في شيء فلا تصح نسبته إلي الصوفية والتصوف. وإنما هو من ضلالات المدعين الذين انتسبوا للتصوف زوراً وبهتاناً. أو من الأمور المدسوسة علي كتبهم بقصد الطعن في هؤلاء القوم وتشويه صورتهم ومنهجهم. كما حدث في كتب التفسير من الإسرائيليات التي تتنافي مع ما عرف عن هؤلاء المفسرين من حرص علي بيان الحق. والبعد عن هذه المرويات. ولذلك فإنا نري أن الهوة بين المعارضين للتصوف والصوفية نشأت من اقتناعهم بأن هذه الأقوال الباطلة هي من صميم آراء الصوفية. ولو أنهم وضعوا الأمور في نصابها. ونظروا نظرة فاحصة مستبصرة لوجب عليهم ألا يلصقوا هذه الأقوال الشنيعة بهؤلاء القوم. وأن يحسنوا الظن بهم وخاصة أنهم قد لقوا ربهم. وأصبحوا بين يدي الله تعالي. وأفضوا إلي ما قدموا. وإليك بعض الأمثلة علي ذلك الدس والافتراء علي هؤلاء القوم: 1- يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه لطائف المنن: "وما منَّ الله تبارك وتعالي به عليَّ صبري علي الحسدة والأعداء لما دسوا في كتبي كلاماً يخالف ظاهر الشريعة. وذلك لما صنفت كتاب "البحر المورود في المواثيق والعهود" وكتب عليه علماء المذاهب الأربعة بمصر. وتسارع الناس لكتابته. فكتبوا منه نحو أربعين نسخة. غار من ذلك الحسدة فاحتالوا علي بعض المغفلين من أصحابي. واستعاروا منه نسخته. وكتبوا لهم منها بعض كراريس ودسوا فيها عقائد زائفة. ومسائل خارقة لإجماع المسلمين. وحكايات وسخريات عن جحا وابن الراوندي. وسبكوا في ذلك غضون الكتاب في مواضع كثيرة. حتي كأنهم المؤلف. ثم أخذوا تلك الكراريس وأرسلوها إلي سوق الكتبيين في يوم السوق - وهو مجمع طلبة العلم - فنظروا في تلك الكراريس. ورأوا اسمي عليها. فاشتراها من لا يخشي الله تعالي ثم دار بها علي علماء جامع الأزهر. فأوقع ذلك فتنة كبيرة. ومكث الناس يدورون في المساجد والأسواق وبيوت الأمراء نحو سنة. وانتصر لي الشيخ شهاب الدين اللقاني. وشيخ الإسلام الحنبلي. والشيخ شهاب الدين بن الحلبي. كل ذلك وأنا لا أشعر. فأرسل لي شخص من المحبين بالجامع الأزهر وأخبرني الخبر. فأرسلت نسختي التي عليها خطوط العلماء. فنظروا فيها فلم يجدوا فيها شيئاً مما دسه هؤلاء الحسدة.. إلخ". "لطائف المنن والأخلاق ج 2 ص 190". وقد ذكر ذلك أيضاً المؤرخ الكبير عبد الحي بن العماد الحنبلي في كتابه "شذرات الذهب" ج 8 ص 374 حيث قال: "وحسده طوائف فدسوا عليه كلمات تخالف ظاهر الشرع. وعقائد زائفة ومسائل تخالف الإجماع. فخذلهم الله. وأظهره الله عليهم. وكان مواظباً علي السنة. ومبالغاً في الورع.. إلخ". ومن ذلك يتبين لنا واضحاً جلياً أن كل ما نراه في الكتب منسوباً إليهم وهو مخالف للشرع كما في الطبقات الكبري للشعراني. فهو من وضع الزنادقة. وقد جاء ذلك في كتاب "حقائق عن التصوف" للشيخ عبد القادر عيسي ص 508. ونواصل الأسبوع القادم إن شاء الله تعالي ذكر الأمثلة علي ذلك الدس والافتراء علي الصوفية.