عرف شرف الدين عمر بن أبي الحسن علي المعروف بابن الفارض، بأنه سلطان العاشقين، لأنه كان شديد الترنم في أشعاره بحب الله جل علاه، وهو مولود في الثاني عشر من مارس سنة 2811 بالقاهرة وكان والده متخصصا في علم الفرائض، وهو العلم الذي يمكن من خلاله تقسيم التركة علي الورثة من ذكور وإناث، والمتخصص في هذا العلم يسمي فارضا، وكان والده حموي الأصل.. وقد قضي مدة من حياته في مكة، ثم عاد إلي القاهرة ومات عام 5321م، ودفن في سفح جبل المقطم. وعن سبب زهد ابن الفارض، كما يقول الدكتور أبوالوفا الغنيمي التفتازاني الذي كان أستاذا للفلسفة الإسلامية والتصوف بجامعة القاهرة.. أنه من طريف ما يروي عن زهد ابن الفارض أنه دخل الجامع يوما لصلاة الجمعة والخطيب يخطب، فوجد شخصا يغني، فأنكر عليه بقلبه ونوي تأديبه، فلما انقضت الصلاة خرج ابن الفارض، فناداه ذلك الشخص وأنشده: قسم الإله الأمر بين عباده فالصب ينشد والخلي يسبح ولعمري التسبيح خير عبادة للناسكين وذا لقوم يصلح واتجه ابن الفارض بعد ذلك إلي حياة العبادة والتأمل، كان من أبرز وسائلها عنده السياحة، وتعني السياحة عند الصوفية الخروج إلي أماكن نائية، والعودة منها مرة أخري إلي المدينة، فهي بمثابة الرحلات التي يقصد منها تهذيب النفس، وتكميل الروح بعيدا عن ضجيج المجتمع، وكانت سياحة ابن الفارض المفضلة في وادي المستضعفين بجبل المقطم، وفي أحد الأيام عاد من سياحته ودخل إلي المدرسة السيوفية بالقاهرة فوجد علي بابها شيخا بقالا بشره بأنه سوف يفتح عليه، قائلا له: »يا عمر أنت مايفتح عليك في مصر، وإنما يفتح عليك بالحجاز في مكة شرفها الله فاقصدها فقد آن لك وقت الفتح«. وغادر ابن الفارض مصر حوالي عام 216ه وهناك أيضا ينقطع من حين إلي حين بأودية مكة، ويفتح عليه بكثير من المعارف والأسرار، ويعبر عن ذلك الفتح بقوله: يا سميري روح بمكة روحي شاديا إن رغبت في إسعادي كان فيها أنس ومعراج قدسي ومقامي المقام والفتح بادي لقد عاش الرجل هناك في أرض الحجاز خمسة عشر عاما ويعبر عن وجدانه شعرا جميلا عذبا يأخذ بالألباب، وأصبح سلطان العاشقين، أو علي حد تعبير الدكتور التفتازاني وهو يستعرض حياته وأشعاره في الحب الإلهي بأن الموت بالحب حياة، والحياة بدون حب موت.