عندما كنا صغارا كانت فرحتنا كبيرة بقدوم شهر رمضان حيث اللعب بالفوانيس والسهر حتي السحور أمام التليفزيون الأبيض والأسود وكان أقصي ما نفعله لأنفسنا في رمضان طوال اليوم الصلاة ثم انتظار انطلاق مدفع الإفطار بينما نسلي صيامنا كما يقولون بعمل الواجب المدرسي وخاصة مسائل الرياضيات أو قراءة القصة المقررة باللغة الإنجليزية وفي المساء كان اللقاء مع الأهل والأصدقاء والجيران في زيارات مثمرة ومفيدة.. هكذا كان حالنا في رمضان حيث لم يكن للتليفزيون هذا التأثير »الحصري« الذي يشغل العقول علي مدار الشهر الكريم من مسلسلات الحب والابتذال والعنف إلي برامج التسلية ولقاءات لا تنتهي مع المشاهير ونصف المشاهير طوال 24ساعة.. ومقالب لانتزاع الضحك بالعافية وأسئلة ركيكة علي طريقة كوميديا نجيب الريحاني »لعبة الست« أين ترعرعت سيدتي؟ في عزبة باباه!! أو أسئلة أخري من نوع هل تحب الملوخية بالأرانب أم بالفراخ المجمدة بتاعة الجمعية!! وأحاديث أخري مع النجم أو النجمة عن البطولات والكئوس لا نعلم أي كئوس تقصد الست المذيعة؟! تغير الحال في رمضان علي مدي أعوام مرت.. لا نعرف هل لذلك علاقة بالظروف الاقتصادية التي تطحن الموظف مما يضطره للتلهف علي المسلسلات مع أفراد عائلته لنسيان هموم العمل وتدبير ميزانية رمضان وما بعده ملابس العيد والمدارس؟ أم هي علاقة بالعولمة التي سيطرت علي شبابنا وغيرت أفكارهم وأصبح شباب روش طحن. رمضان كما ينبغي أن يعتقد المسلم فرصة للاستغفار والعفو ومحو الذنوب. وهاهو رمضان جاء إلينا بكل الخير والرحمة والمغفرة.. إنها فرصة العمر للعبادة ومصالحة الله وقراءة القرآن.. لكي نلقي الله بوجوه مستبشرة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.. وكل عام وأنتم بخير بعيدا عن شرور مسلسلات رمضان.