فيلم قلب الأسد لأول مرة منذ سنوات طويلة تضطر دور السينما والمسرح إلي إغلاق أبوابها يومياً بسبب حظر التجوال، فترة الإيقاف الطويلة لم تعرفها هذه الدور في التاريخ القريب إلا خلال الفترة التي أعقبت نكسة يونيو عام 1967، حيث اضطرت دور السينما والمسرح إلي إغلاق أبوابها بسبب حالة الحزن التي خيمت علي كل أفراد الشعب المصري، ثم لتكرار الغارات التي كان يشنها العدو الإسرائيلي علي العمق المصري، قبل أن تنجح القيادة في بناء حائط صواريخ يمنع الطائرات الإسرائيلية من الاقتراب من سماء مصر. أزمة حظر التجوال الأخيرة أثرت علي السينما بالدرجة الأولي، حيت توقفت الإيرادات الخاصة بالأفلام التي عرضت خلال فترة عيد الفطر المبارك، لم يعد في مقدور هذه الدار تنظيم الحفلات اليومية التي تبدأ من حفلات الواحدة والسادسة والتاسعة ومنتصف الليل، المعروف أن حفلات الواحدة ظهراً غالباً ما تحقق إيرادات متواضعة لدور العرض، التي تعتمد علي الحفلات التي تبدأ من السادسة مساء لتحقيق إيرادات تغطي تكلفة تشغيل السينما، وتحقق فائضاً لصالح الفيلم المعروض، ومع توقف هذه الحفلات أصبحت دور السينما تحقق خسائر يومية، بينما توقفت المكاسب الهائلة التي حققها فيلم "قلب الأسد" الذي حقق قبل حظر التجوال 14 مليون جنيه، وتوقفت أيضاً إيرادات الأفلام الأربعة الأخري التي بدأ عرضها في عيد الفطر، "كلبي دليلي" 2,5 مليون جنيه، و"نظرية عمتي" مليوناً ونصف المليون، و"توم وجيمي" مليون جنيه و"البرنسيسة" 800 ألف جنيه. هذه الإيرادات تعكس نجاة فيلم "قلب الأسد" من أزمة الإيرادات، حيث يعتبر الرقم الذي حققه، بالإضافة لما يمكن أن يحققه من التوزيع الخارجي والداخلي خلال الفترة القادمة بالقياس لتكاليف إنتاجه، إنجازاً كبيراً علي المستوي المادي، وإن كان من الناحية الأخري يؤكد الدور السلبي الذي تلعبه السينما التجارية في بناء قيم هدامة توجه الشباب لمزيد من ممارسة العنف وتدغدغ مشاعرهم بالمشاهد الخادشة للحياء، بينما يعتبر هاني رمزي أول الخاسرين من تأثير حظر التجوال علي إيرادات فيلمه توم وجيمي، حاول أن يقدم فيلما للأسرة، والعودة لشخصية المعاق التي قدمها في أول ظهور جماهيري له علي المسرح في مسرحية وجهة نظر، ثم كررها بأنماط مختلفة في أعمال سينمائية، واستعان بالطاقم الذي كتب له "سامي أوكسيد الكربون"، لبناء عمل سينمائي بعيد عن السياسة، ويحاول التأكيد علي أهمية التعاطف مع شخصية المعاق ذهنيا، لكن الفيلم حقق خلال أيام العيد سقوطا جماهيريا مدويا، وكان متوقعا أن تصحح الأسابيع التالية الإيرادات، بعد انسحاب جمهور العيد، الذي غالبا ما يتوجه لأفلام العنف أو الإثارة أو الكوميديا الحادة، لكن أيام حظر التجوال أكدت أن الفيلم إلي جانب فيلميْ "البرنسيسة" و"نظرية عمتي" لن تحقق ما يغطي تكاليف إنتاجها، وإن كان بعضهم علق علي هذا قائلاً، في ستين داهية الإيرادات، المهم أن تعبر مصر المحنة القاسية التي تمر بها. مسارح الدولة هي الأخري واجهت سوء حظ كبيراً، بعد أن قررت أن تفتح أبوابها في العيد لمدة خمسة عشر يوما، جاء حظر التجوال ليغلق جميع دور العرض، مسرحية المحروس والمحروسة التي يعرضها المسرح القومي، منذ الموسم الماضي، ولم تحقق حتي الآن ما تستحق من إيرادات وإقبال جماهيري، أغلقت أبوابها ولم يتحدد إذا كانت هناك فرصة أخري لتكرار عرضها، وربما تجد مسرحيتا "سلقط وملقط" للطليعة و"معسكر مصر الجديدة" في الغد فرصة للعرض عندما تهدأ الأوضاع، وإن كانت مسارح الدولة بشكل عام تواجه أزمة حادة قبل وبعد حظر التجوال، الميزانية لم تعد تكفي لإنتاج عروض تتناسب مع ما تملكه هذه المسارح من دور عرض وفنانين وفنيين، وقيادات المسارح عاجزة عن صناعة منتج فني يشجع الجمهور علي ارتياد المسارح، والعمالة الكبيرة والمتراكمة أصبحت تعوق العمل، حظر التجوال رغم تأثيره السلبي الكبير علي السينما، لم يؤثر كثيرا علي المسارح، التي تعاني في الأصل من حالة كساد مزمنة.