الدير الأحمر تعرض الدير للحريق مرتين.. الأولي أثناء حكم الرومان والثانية بفعل البربر في عام 300 ميلادية تقريبا.. قام الأنبا بيجول.. وهو أحد أقطاب الرهبنة المسيحية.. بتعمير صحراء غرب مدينة سوهاج.. بالرهبان الذين وصلوا إلي ثلاثين راهبا.. يتعبدون في مغارات الجبل الغربي.. المجاور لموطنهم الأصلي في قري سوهاج.. حسب نظام الرهبنة آنذاك في العبادة في البرية القريبة من موطن الراهب. مركزهم.. كان الدير الأحمر.. الواقع الآن علي بعد عشرة كيلو مترات من غرب مدينة سوهاج.. والذي أمرت ببنائه الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين وهو أول ملك روماني يؤمن بالمسيحية ويجعلها دين الدولة الرومانية الرسمي.. وكانت والدته مؤمنة ومحبة للتعمير.. فأمرت ببناء كنيسة القيامة في القدس بفلسطين.. وهذا الدير الأحمر في برية مصر.. والذي صمم علي نفس هندسة كنيسة القيامة.. وإن كان أصغر في المساحة.. كما أمرت ببناء قصر لها ملحق بالدير كاستراحة لها إذا ماجاءت لزيارة الرهبان.. وغير محدد تاريخيا حتي الآن إن كانت قد زارت الدير أم لا.. وإن كان القصر موجودا حتي الآن.. ويستخدم كاستراحة للأنبا المسئول عن الدير. وقد سمي هذا الدير بالأحمر.. لبنائه بالطوب الأحمر (المحروق من الطوب اللبن).. وبني بالنظام الروماني المستخدم لطوبة كبيرة مستخدما كمية كبيرة من المونة بين الطوب.. مخالفا بذلك نظام البناء المصري المستخدم لطوب أصغر.. وكمية مونة أرق.. وهو موروث فرعوني قديم. وقد صمم الدير علي هيئة القلاع والحصون لحماية الرهبان المقيمين به من اعتداءات الرومان وهجمات البربر.. فارتفعت أسواره إلي 15 مترا كاملة (تعادل خمسة طوابق عصرية).. ونفذت في جدران واجهاته نوافذ مستطيلة، تضيق كلما اتجهت للخارج.. في هيئة مزاغل، لتمكن المقيمين من مراقبة أي اعتداء وتمنع أي سهام تلقي خلاله وتحمي المراقبين.. فضلا عن الإضاءة والتهوية.. وقد صممت النوافذ علي مستويين.. مما يوحي بأنه كان دورين عند إنشائه. يمتد الدير بمسافة 38.5 متر من الشرق إلي الغرب وبطول 213 مترا من الشمال إلي الجنوب.. وفي الواجهة الشمالية يوجد المدخل الرئيسي للدير.. وهناك مدخل آخر في الواجهة الجنوبية يؤدي إلي قصر هيلانة وفناء الدير. يقسم الدير.. إلي فناء كبير يتوسطه.. يقال إن في أرضيته أعمدته القديمة، مدفونة وعلي اليمين كنيسة الدير المحتفظة بتكوينها من مبان ورسومات علي الحائط والسقف.. وممراتها المتعددة التي قيل إنها أعدت لهروب الرهبان عند أي هجوم.. وعلي اليسار كنيسة صغيرة للسيدة العذراء. ويقال إنه كان هناك بئر قديمة في الدير.. غير مستخدمة حاليا. وقد تعرض هذا الدير للحريق مرتين.. الأولي أثناء حكم الرومان والثانية بفعل البربر.. فاندثر العديد من أجزائه.. ناهيك عن الإهمال الناتج عن اندثار الرهبنة فيه طوال القرنين 18، 19 مما أثر كثيرا علي مكوناته.. حتي عادت الحياة له عام 1984 لتقديم الخدمات الدينية للمسيحيين في المنطقة ثم أعادت الكنيسة المصرية الاعتراف به عام 1997. ومن وقتها وهو يتم ترميم بعض أجزائه.. وهناك تسابق حالي بين جهات ترميم أمريكية وأخري إيطاليا لإعادة ترميمه بالكامل.. كأجمل مزار سياحي في تاريخ الكنائس المسيحية. تعود أهمية هذا الدير.. إلي الأنبا شنودة رئيس الرهبان المتوحدين.. والذي أنشأ لأول مرة في تاريخ المسيحية.. نظام رهبنة الشركة.. من جلال مجتمع دائري للرهبان في حياة مشتركة تمكن الرهبان من مساعدة بعضهم البعض عند الحاجة أو المكروه.. بدلا من الخلوة الوحيدة في مغارات الجبال.. وذلك في حدود عام 383 ميلادية تقريبا.. عندما تولي قيادة الدير وكان عمره حوالي 50 عاما.. وذلك خلفا لخاله الأنبا بيجول.. الذي تولي رعايته الروحية من عام 340 ميلادية.. وكان الأنباء شنودة في سن الطفولة.. وظهرت عليه أمارات الصلاح مبكرا.. فذهب للدير.. وعاش فيه حتي تولي قيادته.. وازداد عدد الرهبان حوله آنذاك وصلوا إلي خمسة آلاف راهب.. (حسب المصادر المسيحية) وامتدت مغاراتهم (قلاياتهم) في الجبال لمسافة ثلاثة كيلو مترات في شرق الدير الأحمر.. فقام الأنبا شنودة بإقامة الدير الأبيض لرعاية هؤلاء الرهبان.. والذي أقيم علي نفس تصميم الدير الأحمر.. ولكن ضعفه في المساحة.. واستخدم فيه أحجارا بيضاء من أطلال مدينة أوربيا الفرعونية المجاورة للدير.. كما استخدمت بعض الأعمدة والأحجار المنقوشة الفرعونية في بناء هذا الدير ومايزال بعضها موجودا به حاليا. والدير مقام علي مساحة أربعة أفدنة ونصف.. ولايختلف عن الدير الأحمر.. إلا أنه لايوجد به كنيسة للعذراء كما في الدير الأحمر.. وبه بئر كبيرة.. تعمل حاليا بالموتور.. ويجاور الدير في الجبل الغربي.. كهف أخذت منه بعض الأحجار للدير.. يسمي (القطيعة) تلجأ إليه حتي الآن النساء طلبا لخلفة الأولاد. ولعل أهم ما يلفت النظر في تاريخ الأنبا شنودة.. أنه عاش حتي سن 811 عاما.. وازدادت الرهبنة في أيامه كثيرا.. وقد وضع شروطها في عيشة الفقر الاختياري والعفة والطاعة وذوبان الفوارق الاجتماعية.. وحرصا علي تخليص اللغة القبطية من أي ألفاظ رومانية غريبة.. وكان له مساجلة دينية شهيرة في روما عن المسيح والسيدة العذراء. ويقام.. في 7 أبيب من كل عام.. مولد للأنبا شنودة يشارك فيه كل أهالي المنطقة من مسيحيين ومسلمين أيضا. وتقوم هيئة الآثار بتنفيذ حفائر حوله.. وقامت الكنيسة بعمل سور كبير حوله يمتد لحوالي 03 فدانا.. فقد تخللت منازل الأهالي المسافة مابين الديرين.. ويقال إنه قديما كان يضمهما سور واحد.