رغم ما تمر به مصر الآن من مصاعب وأزمات، ورغم مايشعر به المصريون بالضيق لما يجري علي الساحة من ظروف صعبة، فأنا أعتقد أن كل هذه المصاعب سوف تتلاشي وتزول، وأن الغد سيأتي بكل ما يتمناه الإنسان المصري.. بأن تكون حياته أفضل، وأنه سوف يعود لمصر دورها الريادي في المنطقة. فمن طبيعة الأمور أن يسود جو من القلق والتوتر وعدم الاستقرار عقب كل الثورات.. حدث ذلك في فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي عقب ما قام بها من ثورات، ثم استقرت الأمور علي واقع جديد، وعلي نظرة جديدة للأمور والأشياء. وحدث ذلك أيضا في مصر أثناء الثورة العرابية وثورة 1919، وثورة 1952، وكانت مصر قبل هذه الثورات تختلف تماما عن مصر بعدها، وسوف تصبح مصر بعد ثورة 25 يناير مختلفة تماما عن مصر قبل هذه الثورة. فسوف تلملم مصر الكثير من مشاكلها وتصعد إلي مجالات جديدة يتحقق فيها آمال الشعب علي كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون هي الرائدة.. وهي المعلمة.. كما كانت دوما في كل العصور. المحن والصعوبات هي التي تصقل الشعوب، وتقوي إرادتها، وتمدها بطاقة هائلة وهي تصنع مجدها وتنشئ حضارتها، وتشارك بإيجابية في صنع الحياة. وكلنا يعرف ماذا حدث للغرب أثناء الحرب العالمية الثانية، والركود والضياع الذي شل حركة الحياة في العالم.. ونتذكر كلمة تشرشل أثناء هذه الحرب عندما قال إنه لايملك لبلاده سوي الحرب والدم والدموع.. ومازال الإنجليز يتذكرون خطبه أثناء هذه الحرب الدامية، ومازالوا يرددون قوله وهو يحدثهم عن حقيقة الواقع الذي تعيش فيه بريطانيا، والحرب تحصد أرواح أبنائها، مثلما تحصد أرواح بقية شعوب العالم المشتركة في الحرب وغير المشتركة فيها علي السواء.. لقد قال لهم تشرشل: ليس من الوهم أن أقول إن مثل هذه الأمة قد عقدت النية علي أن تفوز أو تموت. وقال لهم أيضا: إن نور المجد يسطع فوق رؤوسنا وانتهت الحرب العالمية الثانية، وبنت شعوب الغرب نفسها من جديد، ونحن لسنا أقل من هذه الدول، بل إن حضارتنا أعرق.. المهم أن نشعر جميعا أننا في سفينة واحدة تنطلق بنا إلي غد واعد، ومستقبل واعد، وسوف يبزغ فجر جديد، وتشرق الشمس.