صدرت أحكام عديدة في الفترة الأخيرة ضد بعض المسئولين ومن بينهم اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية والدكتور أسامة كمال محافظ القاهرة والدكتور يحيي عبدالعظيم محافظ سوهاج ود.علي عبدالرحمن محافظ الجيزة لعدم تنفيذهم أحكاما قضائية صادرة ضدهم متعلقة بتعويض مواطنين عن أضرار لحقت بهم سواء كانت حالات اعتقال دون وجه حق بالنسبة لوزارة الداخلية أو نزع ملكيات خاصة بأحقية مواطنين في مبان باسمهم في بعض المحافظات لكن الإقليم جعله مكاناً لإحدي إداراته مما يصعب عملية تسليمه لمالكه فور صدور الحكم، لكن غالباً ما يستغل المسئولون صدور الأحكام غيابياً ضدهم ويقومون بالطعن عليها حتي يحصلوا علي البراءة، واعتبر خبراء قانون ومحامون عدم رد مبالغ التعويضات لأصحابها فور صدور أحكام بأحقيتهم في ذلك بالمماطلة وعدم تنفيذ الأحكام التي يعاقب عليها القانون بالحبس والعزل من المنصب. كانت محكمة جنح طما بمحافظة سوهاج قضت في 72 مارس الماضي في الجنحة رقم 5742 جنح طما بحبس محافظ سوهاج الدكتور يحيي عبدالعظيم شهرا وعزله من وظيفته لعدم تنفيذه حكما صادرا من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتسليم مبني الضرائب العقارية بطما لمالكه الأصلي، كما قضت محكمة جنح العمرانية بحبس محافظ الجيزة د.علي عبدالرحمن شهرا وإلزامه بدفع كفالة 005 جنيه وعزله من الوظيفة وذلك في الجنحة المباشرة المقامة من أستاذ بكلية الهندسة لعدم تنفيذه حكما قضائيا بصرف مستحقاته صادرا له، كما قضت محكمة جنح عابدين بحبس د.أسامة كمال محافظ القاهرة ثلاث سنوات وعزله من منصبة وكفالة 3 آلاف جنيه لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي خاص بتعويض أسرة عن قطعة أرض حصلت عليها المحافظة بمنطقة عابدين، كما قضت محكمة جنح مدينة نصر بحبس اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية عامين وكفالة ألفي جنيه وعزله من وظيفته لعدم تنفيذه حكمين قضائيين في الدعوي رقم 1667 لسنة 8002م والتي قضت بتعويض اثنين من المعتقلين عن فترة اعتقالهما تعويضاً مادياً إلا أن الوزير لم ينفذ الحكم، كما أن كل المسئولين قاموا بالطعن علي هذه الأحكام لأنها صدرت غيابياً، الأمر الذي يجعل الأمر يأخذ وقتاً أكثر حتي يحصل المدعون علي حقوقهم. يقول محمد زارع (رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي) من حق أي مواطن أن يلجأ للقضاء لتعويضه عن أضرار لحقت به، وهناك نوعان من القضايا التي يمكن للمواطن أن يلجأ إليها لطلب التعويض، الأول أمام القضاء الجنائي وفيه يقدم المواطن شكوي للنيابة العامة حال تعرضه للتعذيب وللنيابة العامة طبقاً لسلطاتها حق حفظ الشكوي أو تحريكها أمام القضاء، النوع الثاني يتعلق بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي قد تصيب الشخص من جراء تعرضه للتعذيب وفي تلك القضية يعوض الشخص عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب نتيجة تعرضه للتعذيب. ويشير زارع إلي أن معظم البلاغات المقدمة للنيابة العامة غالباً ما يتم حفظها بسبب صعوبة الإثبات أو بسبب تعرض الشخص أحياناً للتهديد أو الوعيد ..إلخ، أما بالنسبة لقضايا التعويض عن التعذيب فقد دأبت المحاكم المدنية بإصدار أحكام لصالح الضحايا وقد زادت مبالغ التعويض بشكل لافت للنظر بعد الثورة. ويوضح زارع أن هناك عقبة تصادف المحامين في قضايا التعذيب وهي المماطلة في تنفيذ الأحكام وتعطيل التنفيذ من قبل وزارة الداخلية وغالباً نلجأ إلي رفع دعاوي أخري ضد المسئولين الذين يعطلون تنفيذ الأحكام القضائية وقد نص القانون علي "يعاقب كل موظف عام بالعزل والحبس" إذا امتنع عن تنفيذ حكم قضائي، وهناك قوائم انتظار طويلة لمواطنين مصريين تعرضوا للتعذيب ولم يحصلوا علي مبالغ التعويض المقضي بها في الأحكام مما دفعنا إلي إقامة جنح مباشرة علي وزارة الداخلية وقد حصلنا علي حكمين بالسجن لمدة عامين والعزل من المنصب والتعويض، وجاري الآن رفع دعاوي أخري لصالح مواطنين لمحاولة الضغط للحصول علي مبالغ التعويض المقضي بها من المحاكم المصرية. ويشير حافظ أبوسعدة (رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان) إلي أنه في الماضي كان يتم صرف مبالغ التعويضات خلال 54 يوما من تاريخ صدور الحكم لكن الآن هناك مماطلة، موضحاً أنه علم بوجود قوائم انتظار لمدة 5 سنوات حتي يتم الانتهاء من صرف المبالغ المستحقة للمواطنين وهذه المدة طويلة جداً، وهناك من يرفعون قضايا ضد وزير الداخلية لعدم تنفيذه تلك الأحكام، لذلك علي الدولة تخصيص موازنة تقديرية حول الأموال المحكوم بها لصالح المواطنين التي وصلت إلي نحو 05 مليون جنيه، وليست الداخلية فقط الجهة التي يصدر ضدها أحكام في قضايا التعويضات فمن أكثر الجهات التي يصدر ضدها أحكام أيضاً الاتحاد العام لشركات التأمين وهذا الاتحاد يعذب المواطن الصادر له حكم بصرف تعويض حيث يطلبون بعض الإجراءات الروتينية التي تأخذ وقتاً وجهداً من المواطن البسيط. ويقول ممدوح نخلة (مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان) الجهات الحكومية عندما يصدر ضدها حكم تعويض تلجأ إلي استشكال التنفيذ بحجة عدم وجود ميزانية وهذه ثغرة قانونية بقانون المرافعات لابد من تعديلها، فالجهات الحكومية تلجأ لجميع الطرق القانونية لأنها لا تدفع رسوما لذلك فإنها تستنفد جميع طرق الطعن الممكنة، ومن ضمن الثغرات التي لابد من تعديلها أنه إذا حكم لشخص بالتعويض من شخص آخر أو قطاع خاص يصرف في الحال وكامل لكن إذا صدر الحكم ضد جهة حكومية لابد أن يمر علي عدة جهات من بينها الضرائب والتأمينات حتي يأتي في النهاية وقد يجد المبلغ صفرا، لذلك أطالب بتعديل تشريعي لإلغاء استشكالات التنفيذ وفرض رسوم علي الجهات الحكومية إذا أرادت الطعن علي الأحكام القضائية. يقول اللوء محمد ربيع الدويك (مساعد وزيرالداخلية الأسبق والخبيرالأمني) قضايا التعويضات تنقسم إلي شقين الأول يتعلق بقضايا نزع الملكية والثاني قضايا الأحوال الشخصية، وقد تفاقمت الأزمة منذ أكثر من 01 سنوات حيث تمكن عدد من المحامين ضعاف النفوس من الإتفاق علي مبالغ كبيرة من التعويضات وذلك عن طريق أخذ توكيلات من أصحاب التعويضات لصرف هذه المبالغ وأحجموا عن سداد هذه المبالغ واستولوا عليها، وللقضاء علي هذه الظاهرة تم صدور تعليمات من الشهر العقاري علي ألا يتم صرف أي مبالغ تعويضات إلا بتوكيلات خاصة وليس توكيل عام قضايا إلا أنه في الآونة الأخيرة ومنذ التسعينات ظهرت قضايا التعويضات عن الاعتقالات السياسية في قضايا الرأي وبعض الاعتقالات الجنائية. ويضيف الدويك: وعن طريق القضاء تمكن عدد كبير من المعتقلين السياسيين من الحصول علي أحكام قضائية بمبالغ تعويضات فاقت ال37مليون جنيه من وزارة الداخلية وفي الأيام الأخيرة طالعتنا وسائل الإعلام بصدور حكم بالحبس لمدة عامين ضد اللواء محمد إبراهيم وزيرالداخلية لعدم تنفيذه حكما قضائيا بصرف تعويضات ما بين 20و25ألف جنيه لشخصين وتبين أن هذه الأحكام أول درجة وغيابية، وتم عمل استئنافات لهذه الأحكام وعمل معارضات، وقد صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية أنه رغم أن هذه الأحكام أول درجة فإن من مبررات عدم صرف التعويضات هو نفاد بند المخصص لصرف التعويضات وخاصة أن ما تم صرفه مبالغ بالملايين . وينتهز الدويك الفرصة للتنبيه علي المواطنين بضرورة تحري الدقة في عمل التوكيلات بالشهر العقاري وذلك بإلغاء أهم بندين في هذه التوكيلات المطبوعة والنماذج المعدة مسبقاً فيما يتعلق بمنح الوكيل سلطة التصالح في القضايا أو التعويضات وأيضاً وعدم منح أو إعطاء الوكيل أي مبالغ مالية كمستحقات أو تعويضات إلا بموافقة وتوقيع صاحب الحق شخصياً حيث إن نسبة الأمية مرتفعة بمصر، حيث يمكن لبعض الوكلاء غير الأمناء الحصول علي توكيل خاص باستلام المستحقات المالية والتعويضات منفردين وفي غيبة صاحب الحق. ويشير الدويك إلي أنه بخصوص التعويضات في قضايا التعذيب وهي قضايا انتهاك لحقوق الإنسان ولا تقع إلا في الدول المتخلفة وفي النظم الديكتاتورية والشمولية التي تنتهج نهج الدولة البوليسية وكما يجب أن يقال تحديداً الدول الفاشية، فإن المحكمة حال ثبوت ارتكاب جناية التعذيب ضد المجني عليه فإنه يطالب بالتعويض المؤقت ويقدم طلب للمحكمة أو النيابة للإدعاء بالطلب المدني وبناء عليه يصبح من حقه رفع دعوي تعويض عن جناية التعذيب تعويضاً شاملاً عن الأضرار المادية والمعنوية والنفسية، وهذا الضرر يشمل أيضاً التعويض الجابر للأضرار الخاصة بما فات من كسب وما لحق من آثاره وكذا التعويض عن آثار التعذيب وما نتج عنه يقدر بشيء يسمي نسبة العجز وتجدر الإشارة التي لابد أن يعرفها جميع المواطنين أن جميع قضايا التعذيب هي قضايا دستورية لا تسقط بالتقادم مهما طالت المدة، والتمسك بمثل هذه القضايا هو الذي يحد حالة الانفلات في التعذيب، وأود أن أنوه إلي أنه علي المجني عليهم أن يحددوا شخص الجاني في قضايا التعذيب وأن نرفع القضايا ضد الشخص وبصفته حتي يدفع الشخص المتهم هذه التعويضات من ماله الخاص، أما إذا أضيف إلي الجهة الإدارية التابع لها فهي المسئولة عن دفع التعويضات المالية وعلي الجميع التضافر لمنع ارتكاب هذه الجرائم ومنها احتجاز أشخاص في غير الأماكن المخصصة قضائياً للاحتجاز مثل احتجاز المتهمين في المعسكرات والأماكن الخاصة. وأكد مصدر أمني مسئول بوزارة الداخلية أن جميع الأحكام الصادرة بتعويضات مالية عن قرارات اعتقال صادره في الفترات السابقة علي ثورة 52 يناير 1102م يتم تنفيذها في إطار حرص الوزارة واحترامها الكامل لأحكام القضاء حيث تم تنفيذ عدد 6244 حكماً في العام الحالي بلغت قيمة التعويضات المنصرفة فيها 48 مليونا و746 ألفاً، الأمر الذي استغرق البند المقرر للتعويضات بميزانية الوزارة، وقامت الوزارة بالتنسيق مع وزارة المالية لتدبير قيمة مبالغ التعويضات المحكوم بها حتي يتسني تنفيذ جميع الأحكام المتراكمة لسنوات بعيده ترجع إلي فترة الثمانينيات وما بعدها.