فى حيفا بفلسطين من الآن .. وحتي العام القادم تفكر إسرائيل في شيء واحد.. وهو عرض الوثيقة الأصلية لوعد بلفور الشهير بإقامة الدولة.. في افتتاح متحف الاستقلال.. بعد أن تلقت الحكومة الإسرائيلية.. ردا إيجابيا علي طلبها منذ عام مضي.. باسترداد الوثيقة التاريخية.. التي أعطاها وزير الخارجية البريطاني عام 1917.. للورد وولتر روتشيلد اليهودي الأصل.. يبشره فيها بقيام وطن لليهود.. علي أرض فلسطين.. ونقلتها عائلة روتشيلد لتعرض بالمتحف البريطاني الذي نقلها للمكتبة الوطنية.. قبل أن تعود بعد عام لإسرائيل.. مع المسودات وتبادل الرسائل التي سبقت الصيغة النهائية للوعد المشئوم. وأهمية ذلك.. عند اليهود عامة ويهود إسرائيل بوجه خاص.. هو أن الوثيقة النادرة. لم تخرج أبدا منذ نحو 96 عاما.. من الأراضي البريطانية.. وألحت إسرائيل عبر حكوماتها المتعاقبة علي الطلب في استردادها.. ولما عجزت عن ذلك طالبت أكثر من مرة.. لعودتها لإسرائيل .. لعرضها ولو لأسابيع. وبالفعل تم طرح عرض تصريح بلفور في الدولة.. في إطار أعمال الترميم الخاصة لبيت الاستقلال في تل أبيب.. وإتاحة الفرصة للإسرائيليين لأن يروا بعيونهم قطعة التاريخ التي غيرت واقعهم 180 درجة. وقبل أيام فقط.. تلقت الحكومة الإسرائيلية.. عبر سكرتيرها (تسفي هاوزر) ردا إيجابيا للمرة الأولي من مديري المكتبة الوطنية البريطانية.. بالموافقة علي عرض وعد بلفور بعد عام من الآن.. من افتتاح متحف الاستقلال.. ومعه المسودات وتبادل الرسائل الذي سبق الصيغة النهائية له.. علي أن يتم العرض لفترة محددة.. قد تمتد لعدة أشهر. وللتاريخ.. ولمن لايعرف من الأجيال الحالية. فإن وعد بلفور هو الاسم الشهير للرسالة التي أرسلها أرثر جيمس بلفور في 2 نوفمبر 1917.. للورد ليونيل وولتر دي روتشيلد اليهودي الأصل.. وأعلن له فيها تأييد الحكومة البريطانية وقتها.. لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي هذا العام كان عدد سكان اليهود لايزيد علي 5٪ فقط من كل قاطني فلسطين.. وكانت الرسالة قد أرسلت قبل أن يدخل الجيش البريطاني فلسطين.. ويعلن انتدابه عليها.. وهنا صدقت الرواية والمقولة الشهيرة أن بلفور أعطي ما لا يملك.. لمن لا يستحق! والرسالة أو الوعد يقول: عزيزي اللورد روتشيلد يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته.. التصريح التالي الذي ينطوي علي العطف علي أماني اليهود والصهيونية.. وقد عرض علي الوزارة وأقرته وهو: »أن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف لإقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي.. وستبذل أقصي جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية.. علي أن يفهم جيدا أنه لم يؤت بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تمتع بها الطوائف غير اليهودية في فلسطين.. ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر«.. وسوف أكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح. المخلص أرثر جيمس بلفور. ولم يكن الوعد مجرد رسالة.. أو حبر علي ورق. فقد تعهدت حكومة الملك وقتها بتحقيقه علي الأرض.. وإن كان البعض يؤكد أن بلفور أصدره بعد ضغط شديد ولعطفه الشديد علي حالة اليهود المضطهدين في ذلك الوقت حول العالم. كما أن آخرين.. يقولون إن الرجل كان معاديا لليهود.. وأصر أكثر من مرة.. علي منع الهجرة اليهودية لبريطانيا.. ومجرد فكرة اندماجهم في نسيج المجتمع هناك. ورغم ذلك.. كان بلفور معجبا بشخصية الصهيوني حاييم وايزمان لتأثيره القوي في السياسة الدولية في ذلك الوقت.. وكان يري فيه زعيما قويا لليهود حول العالم.. وأملا في جمعهم في وطن واحد.. بعيدا عن الإمبراطورية البريطانية. وزار بلفور.. فلسطين عام 1925.. دعما لوعده الشهير لروتشيلد وشارك في افتتاح الجامعة العبرية.. وزار مدينة حيفا الساحلية.. وزار قبلها مدينة الإسكندرية.. وكان في استقباله وفد من المنظمات الصهيونية وطلاب المدارس اليهودية.. بينما استقبلته مظاهرات كبيرة تنديدا بوعده.. من المصريين.. وكان أكبرها وقتها في حديقة الأزبكية. ورغم ذلك .. ذهب بلفور لفلسطين وقضي فيها أسبوعين كاملين.. وسارت المظاهرت في كل مكان.. رفضا للرجل ولوعده. ولكن التاريخ كان له رأي آخر .. فقد أوفي الرجل بوعده.. حتي بعد تركه وزارة الخارجية البريطانية التي تولاها بين عامي 1916 و1919 في حكومة لويد جورج أثناء الحرب العالمية الثانية.. وتوليه أكثر من منصب قبل ذلك وبعده.. وحتي وفاته عام 1930 وحيدا أعزب بعد أن توفيت الفتاة التي أحبها.. ولم يتزوجها!