السياسة هي فن الممكن أقصي الممكن ولا يوجد شيء مستحيل في عالمها طالما أن المصالح تتغير وأعداء الأمس يصبحون أصدقاء اليوم علي هذه الأسس التي ندركها في عالم السياسة وبحورها العميقة.. ومن هذا المنطلق وبعد مفاوضات شاقة استمرت لعدة أشهر توصلت دولتا صربيا وكوسوفو إلي اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بينهما وهي المفاوضات التي تمت برعاية منسقة الشئون الخارجية بمفوضية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون حيث إن تطبيع العلاقات بين الدولتين سوف يتم بموجبه انضمام صربيا وكوسوفو إلي الاتحاد الأوروبي.. ووصف رئيس وزراء كوسفو هاشم تاتش الاتفاق بين البلدين بأنه محاولة لتضميد جروح الماضي وإنهاء حالة العداء التاريخي الطويل حيث ذاقت الأغلبية المسلمة في أقليم كوسوفو أشد أنواع التعذيب والإبادة الجماعية علي يد صرب كوسوفو المدعومين من حكومة بلجراد.. وتتعلق الآمال أن يساهم هذا الاتفاق إلي مصالحة صربية ألبانية تنهي قرنا علي الأقل من النزاع المرير حول الإقليم خاصة أن اتفاق تطبيع العلاقات يشمل ضمانات دولية تتعلق بحقوق الأقلية الصربية المتمركزة في الشمال حيث يتمركز حوالي مائة ألف صربي علي 21٪ من مساحة الإقليم.. وعلي كافة الأحوال فإن هناك دروسا مستفادة من التوصل لهذا الاتفاق أهمها أن النزاعات المسلحة والحروب وإن طالت فلا فائدة منها لأي من طرفي الصراع والتسويات السلمية هي أفضل الطرق لكي يتقارب الطرفان ويصلان إلي نقطة وسط يتلاقيان فيها ويخرج الجميع باتفاق يفوز الكل فيه.. وبعد هل تلجأ حكومة إسرائيل إلي استخدام لغة العقل والمنطق وتكف عن الممارسات العدوانية والاستيطانية ضد الشعب الفلسطيني وتأخذ من تجربة صربيا وكوسوفو عبرة ونموذجا يحتذي.. علي إسرائيل أن تدرك أنه مهما طال الزمان فالشعب الفلسطيني لابد أن يحصل علي حقوقه المشروعة وعلي حقه في إقامة دولته المستقلة ومن ثم فإن الاستجابة إلي الأصوات المنادية بالسلام هي الدعم الحقيقي لأمنها لأن العنف لا يولد إلا العنف وحل النزاع سلميا وإيجاد حلول مرضية لطرفي الصراع هما السبيل الوحيد لدعم أمن وسلامة الجميع..