للمعلم مكانة خاصة لما يتركه من أثر في نفوس تلاميذه.. وربما تصدر كلمة منه لأحد هؤلاء التلاميذ لتشجيعه فتتحول هذه الكلمة إلي هدف يحققه التلميذ فيما بعد فيصبح عالما أو أديبا أو باحثا كما كتب بعض المشاهير في سير حياتهم، ومن هنا قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن المعلم ذلك البيت الشهير: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ولكن يبدو أن الأمر مختلف عند المدرس نفسه، فالمدرس الذي يصنع مستقبل الأبناء، ربما يعاني من أمور في حياته الوظيفية، وربما يلهث وراء الدروس الخصوصية حتي يتمكن من الإنفاق علي أسرته، ولم يعد المدرس كما كان في الماضي، فربما تدفعه ظروف الحياة أن يعمل في مهنة أخري بعد انتهاء عمله الرسمي، بجانب معاناته في عمله كمدرس. ومن هنا نجد شاعرا آخر عاش حياته أو معظم حياته في مهنة التدريس، باستثناء فترة قصيرة قضاها في العمل في الإذاعة الفلسطينية، ثم عاد بعدها مرة أخري للتدريس.. هذا الشاعر هو إبراهيم طوقان (1905 - 1941) يري عكس ما قاله أمير الشعراء. وإبراهيم طوقان شاعر فلسطيني ولد في نابلس، وتعلم في القدس في المرحلة الثانوية، ثم درس في بيروت، واشتغل مدرسا في طرابلس، وكان من آماله أن يعمل في الصحافة، ويحترف الشعر والأدب، وعمل بالفعل أربع سنوات في الإذاعة الفلسطينية، ولكنه تركها تحت ضغوط هائلة ليعود مرة أخري إلي المهنة التي هجرها ولم يحبها يوما.. عاد للتدريس في العراق، ولكن لايلبث أن يداهمه المرض الذي أفضي إلي موته في 13 مايو عام 1941. إبراهيم طوقان، يعارض شوقي في حديثه عن المعلم، ويقول قصيدة عن تجربته في هذه المهنة يقول فيها: شوقي يقول ومادري بمصيبتي قم للمعلم وفه التبجيلا أقعد فديتك لا يكون مبجلا من كان للنشء الصغار خليلا لو جرب التعليم شوقي ساعة لقضي الحياة شقاوة وخمولا حسب المعلم غمة وكآبة مرأي الدفاتر بكرة وأصيلا مائة علي مائة.. إذا هي صححت وجد العمي.. نحو العيون سبيلا يا من تريد الانتحار وجدته إن المعلم لايعيش طويلا مهما يكن من شيء فإن الشخصية الإنسانية تتكون خيوطها الأساسية في فترة الطفولة كما يقول علماء النفس والذي يساعد بلا شك في هذا التكوين : الأسرة والمعلم.