''ربنا يحب اللي يجري ورا رزقه''.. دفعه إيمانه بهذا إلى تغيير مسار حياته الذي بدأه دون خجل أو ندم؛ لعله يؤكد بإصراره وعدم استسلامه ل'' شماعة'' الظروف على أنه لم يزل محتفظاً بروح كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي الشهيرة '' قم للمعلم وَفِه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا''. ''وليد محمد'' - مدرس للغة الإنجليزية - عمل كمدرس بنظام الحصة بإحدى المدارس الفنية المتقدة بالإسكندرية عام 2005، ولم يكن المقابل سوى جنيه وربع وحتى 3 جنيهات للحصة الواحدة . انتقل ''وليد'' لمدرسة أخرى عمل بها لمدة 8 سنوات غير أن الحال لم يختلف كثيراً باستثناء إلغاء نظام الحصة؛ حيث أصبح الراتب 400 جنيه في نهاية الفصل الدراسي بمعدل 120 جنيه شهرياً؛ كان يحصل عليها من مجلس الأمناء أي من ولي الأمر الذي إذا قدم يوماً ما شكوى ضده على الفور يقوم مدير المدرسة بحذف المدرس من الجدول الخاص. وعلى الرغم من ذلك واصل ''وليد'' العمل بالمدرسة لأنه '' كنت عايز اتجوز مثل باقي الشباب'' لذلك '' أخذت جدول صباحي ومسائي في مدرسة الخدمات كي أزود دخلي واستطيع أن أتزوج، وبالفعل استأجرت شقة إيجارها 80 جنيه شهرياً، وكنت لا استطيع دفعها وكنت استلف من أخواتي حتى استطيع أن أكمل إيجار الشقة''. استمرت حياة المدرس الثلاثيني ابن الإسكندرية على حالها في الكد والمعاناة بعد الزواج وإنجاب أبناءه ''مصطفى وخالد'' اللذان لم يتجاوز أكبرهم الخامسة بعد؛ وعندما قامت ثورة يناير وزادت الاحتجاجات والمطالب بالتعيين، وزيادة المرتبات قررت الوزارة بعمل عقود مؤقتة للمدرسين بمبلغ 280 جنيه، لكنها كما وصفها ''لا تثمن ولا تغني من جوع''. ولم يكن أمام ''وليد'' بعد أن '' فوجئت أن نتيجة عناء سنوات الدراسة ستنتهي بالعمل كمدرس بدون تعيين أو أي شيء يضمن مستقبل آمن وحياة كريمة''، سوى الاضطرار للعمل خلال الفترة الصيفية كسائق ''ميكروباص'' قائلاً: '' عانيت كثيراً خاصة في فصل الصيف لأن ليس لدي راتب في ذلك التوقيت فقررت أن أعمل سائقا علي سيارة صغيرة''. ''طريق العجمي إلي طريق الكيلو 26'' أصبح الآن مسار مدرس اللغة الإنجليزية الذي لم يخجل يوماً من العمل به لأنه ''مهنة شريفة''، وربما شاءت الأقدار ليقتسم الحِمل مع ''وليد'' زوجته التي اضطرت للعمل بإحدى المصانع من السابعة صباحا وحتى السادسة مساء لتشاركه معاناة الحصول على حياة كريمة. وأقصى ما يشعر ''وليد'' بالأسف تجاهه ليس المعاناة والسعي المستمر وراء الرزق لكن أولاده الذين '' يقضون طول النهار بمفردهم دون رعاية، فهم من دفع ثمن عملي طول النهار والليل وعمل زوجتي'' - على حد قوله - فكل ما يتمناه مدرس اللغة الإنجليزية أن تنظر وزارة التربية والتعليم للمعلم وتحفظ وتصون كرامته، وتنفذ وعدها بعمل عقود مميزة للمدرسين المؤقتين.