ضد أمرىكا دولة في الشمال.. وأخري في الجنوب.. والأصل واحد هكذا هو الحال بالنسبة لشطري كوريا.. دولة شيوعية ماركسية في الشمال تعد من أقدم وآخر الدول الشيوعية التي مازالت تحيا علي كوكبنا، ودولة رأسمالية بمعني الكلمة في الجنوب.. تنتهج كل قواعد المال والأعمال وتعد من أكبر الاقتصادات في العالم.. وبين الدولتين وسكانهما، تقع مدينتان: »بيونج يانج« عاصمة الشمال.. و»سيول« عاصمة الجنوب.. ترويان ومنذ الانفصال في بدايات الخمسينيات من القرن الماضي.. جذور المأساة التي نسجها أهل البلدين.. وأوقد نيرانها قوي عظمي علي رأسها: أمريكا وروسيا و.. اليابان والصين؟! وآخر تطورات الأزمة بين شطري كوريا.. هو إنذار كوريا الشمالية لأمريكا وحليفتها كوريا الجنوبية.. بأنها ستوجه صواريخها نحو خط الهدنة بين البلدين.. وإلي جزر مجاورة تحتلها أمريكا.. بالإضافة لإصدارها تحذيرا لأمريكا بأنها علي وشك شن حرب نووية ضدها.. ويضاف لذلك بالطبع إعلان الطوارئ بين جنودها لأقصي حدودها. والقصة ليست وليدة اليوم.. أو الأمس القريب.. فقد بدأت مع نهاية عام 1910.. حينما احتلت اليابان القوي العظمي في ذلك الوقت.. شبه الجزيرة الكورية لتصبح إحدي مستعمراتها. وبعد هزيمة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945.. جاء صراع جديد بين الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.. وأمريكا.. ليتم تقسيم شطري كوريا بحيث.. يتوقف تقدم القوات السوفيتية عند خط عرض 38.. وتتركز القوات الأمريكية.. في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة. وعند هذا الخط 38.. تم تقسيم كوريا إلي شطرين.. شمالي موال للسوفيت.. وجنوبي موال لأمريكا.. واستمر الحال بين شد وجذب.. بين الكوريتين.. حتي قررت القوات الأمريكية الانسحاب من الجنوب عام 1949.. وهنا رأي شيوعيو الشمال أن الوقت أصبح مناسبا للتحرك عسكريا للجنوب وإعادة توحيد البلاد، وبالفعل.. تجاوزت القوات الشمالية خط الهدنة عند 38، وتوغلت في الجنوب لأول مرة.. وهنا قرر الأمريكان.. العودة لكوريا وإغاثة الجنوبيين.. إلا أن جهودهم باءت بالفشل.. واستمر الشماليون في التوغل أكثر جنوبا. وهنا تدخلت الأممالمتحدة لدعم الجنوب.. وأرسلت 16 دولة مساعدات ومعدات وأغذية وقوات لمساعدته.. ودخلت الصين لتحارب بجوار حليفتها الشيوعية في الشمال.. ودعمها أيضا الاتحاد السوفيتي. وحتي ذلك الوقت نجح الشماليون في تحرير 90٪ من كوريا كلها.. وهنا تدخلت أمريكا أكثر.. وتمكنت مع حلفائها من استرداد كل الجنوب.. واتجهت بقواتها نحو الشمال لتحريره.. وهنا تدخل الصينيون ضد الأمريكان.. لتتحول الحرب لحرب شبه عالمية.. وهو ما أدي لجلوس الجميع علي مائدة المفاوضات في العام التالي 1951. واستمر الحال علي ذاك المنوال حتي عام 1953.. بلا فائز ولا مهزوم حتي تم إبرام اتفاق الهدنة، علي أساس خط الهدنة المعروف عند 38، وبالفعل وفي العام التالي.. تم إقرار خطة سلام طويلة الأمد.. وإن لم توقع معاهدة سلام دائمة بين شطري كوريا حتي الآن.. وفي الحرب التي انتهت بالهدنة.. كان هناك العديد من التجاوزات والمآسي.. فقد تم استخدام أسلحة بيولوجية ضد الطرفين.. وتعرض جنوب الشطرين لأبشع أنواع التعذيب الجسدي.. وبلغ حجم الخسائر البشرية ما بين قتيل وجريح ما يوازي رقم ال4ملايين شخص.. وكان الضحايا المدنيون صفقة بين العسكريين.. صنفت الأممالمتحدة وقتها عدد الضحايا علي أساس: 147 ألف جندي كوري جنوبي قتيل.. و210 ألف جريح.. 300 ألف جندي كوري شمالي قتيل.. و220 زلف جريح.. وتجاوز عدد الضحايا المدنيين أكثر من 2مليون.. بينما بلغت خسائر أمريكا نحو 23 ألف قتيل. وحلفائها نحو 3 آلاف.. بينما فقدت الصين 900 ألف ضحية منهم 200 ألف قتيل.. ومنذ إقرار خط الهدنة عند 38 خط عرض.. أصبح الصراع بين شطري كوريا بين طرفين لا غالب فيهما ولا مغلوب.. فلم يتمكن الأمريكان وحلفاؤهم أبدا من هزيمة المد الشيوعي في شبه الجزيرة الكورية.. ولم يتمكن في المقابل الشيوعيون الكوريون مع حلفائهم: السوفيت أو الصينيين.. من توحيد شطري كوريا تحت العلم الأحمر الشيوعي.. ورغم ذلك مازال الصراع الحدودي بين البلدين مستمرا ومازالت حكايات التوازن الضروري بين الشطرين موجودة.. بدعوي حفظ الوضع علي ما هو عليه.. ومازالت القوات الأمريكية ترابط في قواعد عسكرية داخل كوريا الجنوبية أو بالقرب منها.. أو عند خط الهدنة.. ومع الصراع.. تطورت المدينتان »بيونج يانج«.. كمدينة شيوعية بامتياز في الشمال.. يعاني نحو 60٪ من سكانها من الوقوع تحت خط الفقر.. ومن المجاعة أحيانا في بعض السنوات. و»سيول«.. في الجنوب كمدينة رأسمالية بامتياز.. يعيش سكانها في بحبوحة من العيش.. ويعدون من أعلي الدخول في العالم. وبينما تجهز كوريا الشمالية.. جنودها في كل ساعة استعدادا لحرب قادمة تستخدم فيها كل الأسلحة التقليدية والنووية.. تستعد الجنوبية بزيادة النمو الاقتصادي وتطوير صادراتها وصناعاتها.. وتكنولوجياتها المتطورة جدا.. والتي تنافس أكبر دول العالم.. ورغم ذلك مازال حلم الوحدة.. يراود الشطرين؟!!