بينما كان يودعني غاضبا عند باب مكتبه ومعه مدير الإعلانات الذي يزامله بالسجن حاليا (هاني كامل) هددني المهندس عهدي فضلي رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم الأسبق قائلا: "يا... ماتنساش إن فيه ناس كبار في البلد حاطينك في دماغهم".. ووجدت نفسي أرد بتلقائية "ياباشمهندس أعرف أنني منذ شاركت زملائي في كشف فضيحة بيع إبراهيم سعده وجلال دويدار وفريد الديب لأرض "أركاديا" وهناك سيف معلق علي رقبتي، لكنني لا أخاف إلا الله وأعلم يقينا أنه (سبحانه وتعالي) قادر أن يأمر رافع السيف ليحوله نحو الاتجاه العكسي ويقطع رقبة نفسه بنفسه". وأعلم بما يشبه اليقين أيضا أن الدولة العميقة في حمايتها ودفاعها عن رجالها الكبار كسعده وأمثاله في الصحافة والفضائيات وفي النيابة والقضاء والجامعات والأحزاب وكل مفاصل المجتمع الحيوية، فإنها مستمرة في محاولة قتل أمثالي معنويا ومهنيا، وقد طلّقت الرغبة في المناصب والشهرة والثروة من حينها، لأريحها وأريح رجالها من جهد إطلاق شائعات الفبركة والتشويه، لكنهم مستمرون، وهذا شأنهم.. ومع محاولات الترهيب الجديدة بإرسال أحد حارسي إبراهيم سعده بعد هروبه للعمل كموظف أمن بالعمارة التي أسكن بها، ودخول آخر بالتحايل لشقتي ومعاينة المنور والمداخل والمخارج، فإنني أؤكد لهم" لن أتراجع عن مقاومة الظلم والفساد، ومطاردة ناهبي أموال "أخبار اليوم".. ومن الآن أستعد بالشهادتين، والتمني أن أُحتسب عند الله شهيد قولة حق عند سلطان جائر.. وأكاد أري شبح السلطان الظالم الذي مازال يحكم مصر للآن متمثلا في الدولة العميقة. (1) وبمناسبة الدولة العميقة فإن سمير رجب أحد أباطرة الصحافة القومية طوال عهد الفساد الرسمي للحاكم ذهب يوم هروبه إلي مطار القاهرة وهو لم يحدد بعد إلي أي دولة سوف يهرب، ولا علي أي طائرة سيطير.. فقد فوجئ بمن يبلغه بنية النيابة إصدار قرار بالقبض عليه قبل 28 ساعة فقط من إعلانه.. وصدر القرار بالفعل بالتحفظ علي أمواله وحبسه علي ذمة التحقيق باعتباره داخل مصر، لكن الجميع فوجئوا بأنه خارجها، رغم مشاهدته قبلها بيوم واحد.. ونجح رجب بالفعل في الهرب وإكمال مثلث الفساد الصحفي القومي مع زميليه إبراهيم سعده وإبراهيم نافع الهاربين قبله بفضل ذات الدولة العميقة! (2) نعود إلي الجريمة المنظمة بشارع الصحافة.. التي صدر حكم قضائي يؤكد وجودها فعليا في 19 يونيو 2012.. فقد أصدر المستشار عبدالله أبوهاشم رئيس محكمة جنايات القاهرة حكمه بالسجن خمس سنوات علي كل من عهدي فضلي رئيس مؤسسة أخبار اليوم الأسبق وهاني كامل مدير إعلاناتها لكسبهما غير المشروع علي مدي سنوات متصلة من أموال الإعلانات.. وأشارت حيثيات الحكم إلي أن المتهم الأول (عهدي فضلي) ومن سبقه في رئاسة المؤسسة (إبراهيم سعده) قد ساعدا المتهم الثاني (هاني كامل) في الاستمرار في الخدمة بالمخالفة للقانون ولكل القواعد القانونية التي لم تجد عندهم آذانا مصغية لاحترامها.. فبعد أن أعطوا المسئولين في الدولة الهدايا والهبات من أموال المؤسسة اعتقدوا أنهم ضمنوا سكوت هؤلاء المسئولين وحمايتهم ولم يكونوا يعلمون أن أيا من هؤلاء المسئولين لم يستطع أن يحمي نفسه بعد أن وقعت الواقعة.. وساعد هاني كامل علي ذلك أيضا ما كان يقدمه للاثنين (عهدي فضلي وإبراهيم سعده) من أموال بالمخالفة للقانون 96 لسنة 96.. (3) وتركيزا للتهمة لتشمل المتهمين السابقين فقط دون غيرهما تجاهل خطاب رئيس مجلس إدارة المؤسسة محمد بركات إلي المحكمة الإشارة إلي مبالغ الهدايا وهي من أموال الإعلانات التي صرفها سعده طوال السنوات التي كان يمد فيها الخدمة ل(هاني كامل) بالمخالفة للقانون والتي كان يحقق خلالها الكسب غير المشروع لنفسه وللغير، وقد أشارت تقارير جهاز المحاسبات إلي أن تلك الهدايا كانت بلا فواتير وبلا تحديد للأصناف، بما يعني أنها كانت تصرف كمبالغ نقدية علي هيئة هبات أو رشاوي كما أشارت الحيثيات مما يضع سعده محل اتهام هو الآخر بالتربيح للغير والتربح لمبالغ وصلت إلي رقم 33 مليون جنيه في آخر سنوات رئاسته للمؤسسة، وقد أخفي قوائم أسماء المسئولين الذين كانت تقدم لهم تلك الهدايا أوالمبالغ والرشاوي، لكنها ظهرت مكتوبة في فترة رئاسة خلفه المهندس عهدي فضلي للمؤسسة.. (4) وقد ثارت شبهات حول إخفاء المدير العام للقطاع المالي وقتها لمستندات تدين سعده، وقيل إن المستشار القانوني للمؤسسة فريد الديب أجري تحقيقا صوريا، وقد حفظه دون تدقيق فيما يعنيه صرف تلك الهدايا والهبات من انحرافات وشبهات تربح وتربيح ورشي، كما لم يستجب أيضا لتقديم مستندات حول هدايا عام 2004 كطلب عضو الجمعية العمومية المنتخب الزميل محمد أبو ذكري خلال عمل لجنة شكلت للتحقيق في الأمر، مما اضطر أبو ذكري للجوء للنائب العام حينها.. وكما حدث في اللجنة الداخلية بالمؤسسة حدث بالنيابة العامة، ولم يبت في الأمر طوال تلك السنوات!.. ومن جانبنا فقد تقدمنا كمجموعة من العاملين بالمؤسسة ببلاغ شامل بالمستندات حول هدايا المؤسسة التي صرفت خلال فترتي رئاسة سعده وفضلي منذ النصف الثاني من التسعينيات وحتي يناير 2011 وننتظر نتيجة التحقيقات الجارية حالياً، ومستعدون لتقديم المزيد من المعلومات والمستندات لجهات التحقيق. (5) مازاد الطين بلة أن الشركة الرئيسية التي تعامل معها سعده ومن بعده فضلي لتوريد الهدايا للمؤسسة كانت تتمتع بمزايا مريبة.. فقد منحها سعده بالمخالفة للوائح المؤسسة حق الحصول علي بضائع مقدما والمفروض أنها مقصورة علي العاملين بالمؤسسة دون غيرهم ، ويتم ذلك بنسب خصم عالية لايمنح مثلها لأبناء المؤسسة إلا علي الجزء الذي يدفع نقديا "كاش" بينما تحصل "فلوباتير" علي خصم بين 20٪ إلي 25٪ وكان رصيد الشركة دائما مدينا للمؤسسة بملايين الجنيهات ويتم تسويتها فيما بعد.. وقد بلغ إجمالي البضائع التي سحبتها فلوباتير حوالي 23 مليون جنيه (سيارات متنوعة) وحوالي أربعة ملايين جنيه (أجهزة كهربائية وبضائع أخري).. ونسب الخصم المستحق استردادها للمؤسسة تبلغ حوالي 4.4 مليون جنيه.. وفي هذا الصدد ذكر تقرير لجهاز المحاسبات أن مراسل أخبار اليوم في روما الذي كان مقربا جدا من سعده كان يصرف مليوني جنيه هدايا سنويا، يتسلمها بشيك زميل بالإعلانات نيابة عنه رسميا.. كما ذكر تقرير آخر أن شقيق إحدي الزميلات الكبيرات من اللاتي يجلبن الإعلانات لكنه من غير العاملين بالمؤسسة حصل في عام واحد علي سيارات بعدة ملايين من الجنيهات، مع التمتع بالخصم الخاص المقصور علي أبناء المؤسسة (6) كان سعده يدير أخبار اليوم وشركاتها علي طريقة الدولة العميقة الغامضة، التي تربي في أحضانها وجرب أساليبها في شبابه المبكر ضد مصريين مثله بسويسرا، لكن مساره انحرف فيما أعتقد أنه لايرضي من علمه الغموض، وقد ساعده بمهارة فائقة أشهر محام في مصر يدافع عن الفاسدين، ومن قبلهم عن الجواسيس وملوك توظيف الأموال.. وما أتعجب له هو ذلك التساهل الغريب من الأستاذ فريد الديب في مخالفة قوانين وقرارات ولوائح كل من الدولة والمؤسسة وشركاتها الاستثمارية طبقا لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات يضاف إلي ذلك سكوته أو مشاركته في الموافقة علي صرف أموال شركة أخبار اليوم للاستثمار، المنهوبة والمسحوبة بالتحايل من المؤسسة الأم بغير حق.. وأرجو إن كان لايزال مستشارا للمؤسسة وشركاتها ولم يتركها كما ذكر في اجتماع عام بالمؤسسة مؤخرا أن يصحح المخالفات المالية والإدارية وبساهم في إعادة ماتم صرفه بغير حق، وكفي الله المؤمنون شر القتال. (7) فقد تم صرف الملايين من الجنيهات علي أعضاء مجالس إدارات شركة أخبار اليوم للاستثمار والشركات التابعة وعددهم لايزيد علي العشرين عضوا علي مدي أكثر من واحد وعشرين عاما، سواء كان ذلك علي هيئة نسب توزيع أرباح بالزيادة أو مكافآت غير مستحقة كالتي ردها هو وسعده ودويدار وآخرون للنيابة في عملية بيع ال113 فدانا للمؤسسة بأكتوبر أو الصرف المباشر لأعضاء مجالس الإدارات من الشركات التابعة دون التقيد بتسليمها للشركة الأم وتوزيعها بحد أقصي، وآخر موافقاته في هذا الصدد مكافأة مباشرة صرفت لعهدي فضلي أثناء سجنه من الدار المصرية للنشر، أو للجمع بين أكثر من عضويتي مجلس إدارة أو عضو منتدب بعد الخامسة والستين أو.. أو.. وهو أدري منا جميعا بما يجب رده للشركة وللمؤسسة الأم.. أم أنه تعود ألا يرد شيئا إلا بقرارات النيابة كأموال الإكراميات وبدل الانتقال بين شارع الصحافة ومدينة 6 أكتوبر التي بلغت خمسة ملايين جنيه.. وكذلك الهدايا والرشاوي الخاصة بموكله الرئيس المخلوع من كل من مؤسستي الأهرام والأخبار؟! (8) أغرب وأعجب مجلات ومطبوعات في العالم هي إصدارات شركة أخبار اليوم للاستثمار، فهي تطبع لكي توزع 40 أو70 أو حتي مائة نسخة ثم تلقي بالمخازن، لكنها كالدجاجة التي تبيض ذهبا، ومن دروب السحر أن البيضة الذهب لا تأتي من جسد الدجاجة ذاتها وإنما تختلسها الإبنة من جسد الأم " مؤسسة أخبار اليوم".. ويتم ذلك بالتدليس والتحايل من حواة يجيدون اللعب بالبيضة والحجر، ويتكسبون من وراء ذلك الكثير.. وتصل قيمة ما يسحب من إجمالي الإعلانات الواردة لصحف المؤسسة، علي سبيل التحديد كل سنة عشرات الملايين من الجنيهات.. تذهب لمجلات وإصدارات خاصة هي "شوبنج" و"كنوز" و"أخبار 6 أكتوبر" و"عالم السياحة والسفر" و"أخبار الشباب" و"أوتوماك" و"ملوك الكاريكاتير" و"صدق أو لا تصدق" و"حلم العمر" وكتالوج "ناريمان" وصحف "اللواء الإسلامي" و "الوطني اليوم". و"إسكندرية الجديدة" و"البحر الأحمر" و"أسيوط اليوم".. فنرجو من الجميع إعادة ما صرفوه بغير حق للمؤسسة التي تفتح بيوت جميع العاملين بها.. وكفي الله المؤمنون شر القتال أيضا. (9) وآخر صور النهب المنظم كانت الحفلات الفنية والمسابقات الرياضية والخيم الرمضانية التي لم يكن هدفها ثقافيا نبيلا كما يتوارد لأول وهلة إلي الذهن، لكنها في أخبار اليوم التي يرتكب باسمها الكثير كانت "سبوبة" لامتصاص دماء وأموال المؤسسة، ولم يكن المصاصون رحماء كأن يكتفوا بنسب من الإعلانات مثل الإصدارات أعلاه، بل كان الإعلان يذهب بأكمله للحفلة أو البطولة أو الخيمة، ولا تحقق منها صحف المؤسسة سوي صفر الخسارة والخيبة! بينما يستمتع المتربحون بأموال النهب والتدليس.. وإذا كان مهندسا هذه العمليات الرئيسيان بالسجن الآن فإن باب رحمة إعادة ما صرف بغير حق مفتوح بعيدا عن النيابات والبهدلة، ومن يزعل من هذا الكلام فعليه أن يتذكر زملاءه من أصحاب الحد الأدني للأجور أو زميله عامل النظافة بالمؤسسة الذي يتقاضي حوالي أربعمائة وخمسين جنيها في الشهر!