مصر ليست في حاجة إلي جبهات، أو مبادرات سياسية جديدة، جبهة الضمير الوطني التي تم تشكيلها مؤخرا، بكل تأكيد هدفها نبيل، وتحاول أن تعلي صوت العقل والضمير، ولكن بمجرد إعلانها بدأت الانتقادات، والتساؤلات عن مدي علاقتها بالإخوان، لمجرد أن من بينها من ينتمي للجماعة، استمرار طرح مثل هذه المبادرات وتكوين الجبهات يعني أن الجدل مستمر بين النخب السياسية، وهو جدل عقيم ضج منه المواطن، الذي يواجه كل يوم بتبعات انهيار قيمة الجنيه، من زيادة في أسعار السلع الضرورية، بما يعني زيادة هموم شريحة كبيرة جدا من المصريين، وهي الشريحة الأهم -لو تعلمون- في كل المعادلات السياسية والانتخابية، إنهم البسطاء الذين لا يعنيهم شكل الحياة السياسية، بقدر ما يعنيهم الاستقرار الاقتصادي وتوافر السلع بأسعار تناسب دخولهم، من حق أي تيار سياسي أن تكون له توجهاته واختياراته، وأن يتقدم بمبادرات ويكون جبهات، ومن حق البعض التظاهر أو الاعتصام في ميدان التحرير، ومن حق آخرين عكس ذلك، فالعمل السياسي مشروع، غير أن العمل من أجل إعلاء شأن الاقتصاد الآن، أصبح فرض عين، الضرورة تحتم الآن أن تكف النخب عن الجدل وعن رفع الشعارات، مطلوب من كل التيارات السياسية الآن أن تدعو للعمل وللإنتاج، لن ننجح في تحقيق أهداف الثورة إلا إذا بدأنا في فتح حوار اقتصادي مستمر، حوار تناقش من خلاله سيناريوهات المستقبل بجدية، حتي تتبوأ مصر المكانة التي تستحقها بين الدول. فما أحوجنا الآن إلي تكاتف وتكامل اجتماعي منظم، للخروج من المأزق الاقتصادي الذي نعاني منه، من خلال مشروع اقتصادي كبير، تتضافر كل القوي والتيارات في جمع الناس عليه، مستلهمة إرادة الشعب التي أذهلت العالم في 25يناير، واستنفار القوة الكامنة فيه، والإمكانات الهائلة التي لو تم استغلالها بشكل إيجابي لصارت مصر نمرا اقتصاديا، لا يحتاج لأي مساعدات من أحد.