بعد اقتراب المتمردين في مالي من العاصمة باماكو، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند إرسال قوات فرنسية لإنقاذ الحكومة المركزية في مالي من الإنهيار. ويبدو أن هذه العملية لن تكون قصيرة المدي حيث أعلنت الولاياتالمتحدة استعدادها لدعم فرنسا بطائرات بدون طيار، وأعلنت بريطانيا استعدادها للمشاركة في حين تستعد قوات من دول غرب أفريقيا للتدخل عسكرياً في الأيام المقبلة. واهتمت وسائل الإعلام الفرنسية بقرار أولاند التدخل في مالي مؤكدة أن فرنسا لم تستطع حتي الآن سحب أيديها من القارة السمراء ورغم حصول كل دول أفريقيا التي كانت تحتلها فرنسا علي استقلالها إلا أن هذه الدول عندما تتعرض للأزمات دائماً ما تنادي محتليها القدامي، ودائماً ما تستجيب فرنسا لهذا النداء حفاظاً علي مصالحها المتعددة في القارة السمراء. وأصدر قصر الإليزيه رسالة قصيرة قال فيها إن فرنسا وجدت نفسها مضطرة للتدخل لمساعدة دولة مالي الصديقة التي تتعرض لهجوم من إرهابيين متشددين العالم كله يعلم خطرهم علي أمن المواطنين الماليين وعلي الجالية الأوروبية التي تبلغ 0006 شخص، وفي مالي أصبحت الحكومة المركزية في أضعف حالاتها بعد أن سيطر المتمردون التابعون لمنظمة القاعدة في المغرب وحركة الطوارق الانفصالية علي عدد من المدن الشمالية. واعتبرت فرنسا أن الفوضي في هذه المنطقة تمثل تهديداً إرهابياً لأوروبا خاصة مع اختطاف 7 مواطنين فرنسيين كأسري. الدبلوماسية الفرنسية كانت نشيطة جداً في الأممالمتحدة للحصول علي دعم مجلس الأمن من أجل دعم تدخل دولي في مالي. لكنه تدخل غير مباشر. فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون أعلنوا أنهم مستعدون لدعم الجيش النظامي المالي، وتقديم الدعم اللوجستي الفني والاستخباراتي والتسليحي لقوات أفريقية من دول غرب أفريقيا. لكن تجهيز هذه القوات للتدخل علي الأرض يحتاج بعض الوقت قد يستمر لأسابيع. فرنسا ربما كانت متخيلة أن العملية العسكرية في مالي لن تشكل صعوبة أمام القوات الفرنسية لكن طبقاً لمصادر قريبة من الإليزيه فإن الفرنسيين فوجئوا بأن المجموعات المسلحة مجهزة ومدربة بشكل جيد" وتمتلك "معدات حديثة متطورة"، وقالت هذه المصادر "في البداية، كان يمكننا الاعتقاد أن الأمر يتعلق ببعض الجنود المرتزقة علي متن عربات تويوتا وبعض الأسلحة لكن تبين أنهم في الواقع مجهزون بشكل جيد ومسلحون ومدربون بشكل جيد بعد أن قاموا في ليبيا بالاستيلاء علي معدات حديثة متطورة أكثر صلابة وفاعلية مما كنا نتصور". وكان أبرز دليل علي هذا التدريب القوي الذي يتمتع به المتمردون هي قدرتهم علي التصدي لإحدي المروحيات الفرنسية التي قتل قائدها يوم الجمعة. وبحسب وزارة الدفاع الفرنسية، فقد قتل هذا العسكري برصاصة من سلاح خفيف بيد مقاتل إسلامي بينما كان في مروحية من طراز جازيل. ودعت فرنسا مجلس الأمن الدولي إلي الإسراع في تنفيذ القرار 5802 الذي يسمح بنشر قوة دولية في مالي. طلبت فرنسا في رسالة موجهة إلي مجلس الأمن الدولي "الإسراع بتنفيذ القرار 5802 الذي يسمح بنشر قوة دولية في مالي. وأضافت الرسالة التي قام السفير الفرنسي في الأممالمتحدة جيرار أرو بتسليمها إلي نظيره الباكستاني مسعود خان الذي يرأس مجلس الأمن الدولي في يناير أن هذه العملية "ستستمر الوقت اللازم" لها. وكان مجلس الأمن وافق في قرار يحمل الرقم 5802 في 02 ديسمبر الماضي، علي تشكيل قوة تضم ثلاثة آلاف جندي لكن لا يتوقع أن تنشر قبل سبتمبر. وقال دبلوماسيون أن التدخل الفرنسي يستند إلي المادة 15 من ميثاق حقوق الإنسان الذي ينص علي "الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس، فرديا أو جماعيا، في حال تعرض عضو في الأممالمتحدة لاعتداء مسلح". وفرنسا غير ملزمة في هذا الإطار بالحصول علي إذن من مجلس الأمن إلا أنها تحيطه علما بتحركها. وسمحت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الجمعة بإرسال قوات عسكرية إلي مالي فورا لمؤازرة الجيش المالي في إطار القوة الدولية في هذا البلد. وأعلنت الحكومة المالية حالة الطوارئ وأطلقت هجوما مضادا بمساندة فرنسا ودول أوروبية وأفريقية أخري. وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الجمعة مشاركة القوات الفرنسية في مالي. ويدعو قرار مجلس الأمن الدولي الحكومة المالية إلي الالتزام بمؤازرة ذلك بعملية مصالحة سياسية ومفاوضات مع مجموعات في شمال البلاد تتخلي عن الإرهاب. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية فقد أبدت استعدادها في دعم فرنسا في العملية العسكرية في مالي خصوصا بطائرات بدون طيار، مؤكدة أن البيت الأبيض يشاطر باريس هدف" مكافحة الإرهاب. وقال مسئول في البنتاجون إن "الجيش الأمريكي يدرس إمكانية تزويد القوات الفرنسية في مالي بمعلومات استخباراتية وتموين في الجو وأشكال أخري من الدعم". وأوضح أن مسئولين رسميين فرنسيين في باريس ونظراءهم من الولاياتالمتحدة ودول حليفة يجرون محادثات مكثفة بشأن خطة عمل في مالي، مذكرا بأن القوات المسلحة الأمريكية تملك قواعد جوية في إيطاليا وإسبانيا يمكن استخدامها في تموين الطائرات الفرنسية عند الحاجة. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند أن الوزارة "تجري بالتأكيد مشاورات وثيقة جدا مع الحكومة الفرنسية"، مشددة علي أن التحرك الفرنسي تم بطلب من مالي. وقد حققت القوات الفرنسية والمالية المشتركة تقدما في الأيام الأولي لعمليتهما العسكرية حيث أعلن الجيش المالي استعادة السيطرة علي مدينة كونا بعد معارك عنيفة شهدتها هذه المدينة الواقعة في وسط البلاد أسفرت عن مقتل "حوالي مئة" من المقاتلين الإسلاميين. وقال الليفتنانت عثمان فاني المسئول في قيادة العمليات في منطقة موبتي التي تتبع لها كونا "لقد أوقعنا في صفوف الإسلاميين في كونا عشرات القتلي، بل حوالي مئة. نحن نسيطر علي المدينة، كل المدينة". فيما أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان السبت أن ضابطا فرنسياً قتل خلال غارة شنتها مروحيته علي قاعدة لمسلحين في وسط مالي كانوا يزحفون باتجاه الجنوب بعد استيلائهم علي مدينة كونا في وسط مالي، والتي استعاد جيش مالي السيطرة عليها فيما بعد. وأعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في بيان عن "حزنه العميق" لمقتل الضابط، مقدما "تعازيه الحارة" إلي أسرته وأقاربه.