الانتخابات البرلمانية تنتظر القانون قانون الانتخابات البرلمانية.. مشهد جديد من مشاهد الجدل السياسي الذي تشهده مصر فبعد الانتهاء من معركة الدستور تدخل مصر مرحلة جديدة من مراحل الشد والجذب. فبين مؤيد ومعارض وبين أقل من حوالي 50 يوما من إجراء الانتخابات البرلمانية فإن الدستور الجديد حدد إجراء الانتخابات البرلمانية خلال ال 60 يوما من إقرار الدستور والذي تمت الموافقة عليه في 25 ديسمبر الماضي يفترض معه أن تبدأ الانتخابات البرلمانية في 23 فبراير القادم ومع الوضع في الاعتبار أن الدستور ينص أيضا علي إرسال قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية لتقرر مدي مطابقته للدستور ولترسل ملاحظاتها خلال 45 يوما من وصول القانون وهذا يعني أن القانون لابد أن يصدر اليوم – الأربعاء- من مجلس الشوري علي أقصي تقدير ولكن المأزق سيكون كبيرا إذا رفضت المحكمة الدستورية القانون أو أبدت الكثير من الملاحظات حوله حيث لن يكون أمام المجلس وقت لمراعاة هذه الملاحظات أو إصدار قانون بديل قبل انتهاء المدة التي حددها الدستور لإجراء الانتخابات. ولتفادي ضيق الوقت استخدم نواب الشوري حقهم التشريعي فتقدم النائبان علي فتح الباب -حرية وعدالة- وعبدالله بدران -حزب النور- عضوا الشوري باقتراح بمشروع قانون بتعديلات قانون انتخابات مجلس النواب وأحاله رئيس المجلس إلي اللجنة التشريعية بوصفها لجنة اقتراحات لتناقشه وتضمن مشروع القانون المقدم من النائبين نفس ما انتهت إليه لجنة الحوار الوطني من مواد والتي أرسلها الرئيس للحكومة لتعدها في شكل قانون تقدمه لمجلس الشوري ولذلك فإن النواب يتوقعون أن مشروع قانون الحكومة لن يختلف عن الاقتراح بقانون الذي تقدم به النائبان ولأن مجلس الشوري ليس فيه كما هو موجود في مجلس الشعب لجنة اقتراحات تتلقي ما يقدمه النواب من اقتراحات بمشروعات قوانين لمناقشتها من حيث ملاءمتها للدستور قرر المجلس في جلسته الأخيرة إسناد اختصاصات لجنة الاقتراحات للجنة التشريعية وبالتالي أصبحت اللجنة التشريعية تقوم باختصاص لجنة الاقتراحات واللجنة التشريعية معا وبناء علي ذلك بدأت اللجنة التشريعية بوصفها لجنة الاقتراحات في مناقشة الاقتراح بمشروع القانون المقدم من نائبي الحرية والعدالة والنور. وجاءت أهم التعديلات التي تضمنها الاقتراح بمشروع قانون المقدم من علي فتح الباب وعبدالله بدران في وضع تعريف للعامل وهو كل من يعمل لدي الغير مقابل أجر أو مرتب والفلاح من عمل بالزراعة لمدة عشر سنوات علي الأقل سابقة علي الترشيح. كما نصت علي أن تتم الانتخابات بنظام القوائم المغلقة علي ثلثي المقاعد والنظام الفردي علي الثلث الآخر وأكدت علي ضرورة أن تتضمن كل قائمة مرشحا من النساء علي أن يكون ترتيبها في النصف الأول في القائمة التي تزيد علي أربعة مقاعد وأجاز القانون أن تضم القائمة الواحدة مرشحي أكثر من حزب وأن تشكل قائمة من مرشحين مستقلين وخفض القانون سن الترشح إلي 25عاما وأن يكون حاصلا علي شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي وألا يكون تهرب من أداء الخدمة العسكرية وألا تكون أسقطت عضويته في مجلس النواب أو الشوري في الفصل التشريعي إلا إذا انقضي الفصل التشريعي الذي أسقطت فيه عضويته أو رد إليه الاعتبار وأن تسقط عضوية النائب إذا غير الصفة التي ترشح عليها أو انتماءه الحزبي أو كونه مستقلا. وسمح القانون لكل مرشح أن يحصل علي بيان بأسماء الناخبين في الدائرة علي قرص مدمج يتضمن اسم الناخب ولجنته ورقمه فيها كما نص المشروع علي عدم الجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية الحكومة أو المجالس الشعبية المحلية أو منصب المحافظ أو وظائف العمد والمشايخ أو عضوية اللجان الخاصة ونص أيضا علي أن يتقاضي رئيس مجلس النواب مكافأة مساوية لمجموع ما يتقاضاه رئيس مجلس الوزراء وأن تتم أعمال الفرز وإعلان النتائج باللجان الفرعية بحضور مندوبي المرشحين ويسلم لكل منهم نسخة موقعة من النتيجة ويسمح لمندوبي وسائل الإعلام وممثلي هيئات المجتمع المدني بمتابعة الانتخابات وعملية الفرز وإعلان النتيجة. وبالنسبة الي كيفية توزيع الأصوات علي القائمة فقد وضع القانون ما يسمي بالعتبة الانتخابية وهي ثلث حصة المقاعد في الدائرة أي أن القائمة لابد أن تحصل علي ثلث حصة المقعد في الدائرة ويتم توزيع المقاعد بأن يتم إعطاء كل قائمة عددا من المقاعد في الدائرة مساويا لنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليه وتوزع المقاعد المتبقية علي القوائم التالية الأعلي في الترتيب. ومن هنا بدأت الحرب بين الأحزاب ووجهت أصابع الاتهام نحو حزب الأغلبية بسبب هذا القانون والذي اعتبرته الأحزاب المعارضة أنه مفصل علي مقاس حزبي الحرية والعدالة والنور وقررت أحزاب تيار الاستقلال، المكونة من ثلاثين حزبًا سياسيًا، إعادة النظر في هذا القانون مهددة بالانسحاب وعدم الخوض في المارثون الانتخابي القادم. وفي المقابل أكد عدد من أعضاء مجلس الشوري أن التعديلات المطروحة علي قانون انتخابات مجلس النواب وفقا للمشروع المقترح من حزبي النور والحرية والعدالة ونظيره الذي ستقدمه الحكومة تتضمن عددا من النقاط الإيجابية مثل السماح بوجود المرأة في النصف الأول من القائمة ومتابعة وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني لعملية الفرز والتصويت وإعلان النتائج في اللجان الفرعية فيما تحفظوا علي العتبة الانتخابية التي نص عليها القانون وعدم وجود طريقة تضمن تمثيل الأقباط أو المرأة. وقال النائب عبدالله بدران رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور أن الحزب يرفض أي تمييز إيجابي للمرأة في القانون وأضاف أننا تحفظنا علي هذه المادة في الحوار الوطني وسنرفض وجودها في القانون لأننا نؤمن أن الأمر يجب أن يترك للصندوق الانتخابي. وأشار المهندس صلاح عبدالمعبود عضو اللجنة التشريعية عن حزب النور أننا نرفض التمييز الإيجابي في القانون المقترح للمرأة أو لأي طائفة لأن هذا يدخلنا في إشكالية كبيرة كما سيؤدي بعد ذلك إلي مطالبات بتمييز إيجابي للشباب والأقباط والمهندسين وطوائف أخري ولذلك نحن نرفض أي تمييز إيجابي إلا ما نص عليه الدستور من نسبة للعمال والفلاحين. وأوضح أن المادة 33 تنص علي أن المواطنين لدي القانون سواء في الحقوق والواجبات لافتاً إلي أن هذا النص يمنع أي تمييز وأي تمييز إيجابي من الممكن أن يؤدي إلي عدم دستورية القانون. وأضاف أن النور يطالب بإعادة النظر في المعامل الانتخابي لأن فيه ظلما كبيرا في توزيع المقاعد لافتاً إلي ما حدث في انتخابات مجلس الشعب الماضية عندما أخذ أبوالعز الحريري مقعده ب60 ألف صوت بينما حصل الإخوان علي مقعد ب260 ألف صوت بسبب توزيع البواقي. من جانبها أكدت الدكتورة سوزي ناشد عضو اللجنة التشريعية أن الفئات التي كانت مهمشة في النظام السابق لابد أن تحصل علي فرصتها في التمثيل العادل بالبرلمان وطالبت بأن يكون هناك صمت انتخابي لا يقل عن 48 ساعة وأن تكون هناك فرصة كافية للناخبين لتحديد مرشحيهم دون أي ضغوط عليهم مشددة علي ضرورة أن يكون هناك سقف لعملية تمويل الدعاية الانتخابية ومصدرها وعقوبة لمن يخالفها. وأوضحت أن مؤسسات المجتمع المدني يجب أن تقوم بالرقابة الكاملة علي الانتخابات وليس مجرد متابعة فقط بحيث يكون لها مسؤولية في التصدي لما تجده من مخالفات ولفتت إلي ضرورة أن يكون هناك تمثيل عادل لكل فئات المجتمع بما يحقق المساواة الكاملة. وقالت نحن لا نتسول مطالبات الشباب والمرأة والأقباط وإنما هذا حقهم لافتة إلي أنه إذا تم تضمين مشروع القانون الجديد تلك الملاحظات فإنها ستكون ضمانة كبيرة للشفافية وأضافت أن القانون لابد أن يصدر الأربعاء القادم. وأكدت أن عدم إصدار القانون وإجراء الانتخابات خلال 60 يوما سيعطي الفرصة للكثيرين لرفع دعاوي قضائية تؤكد مخالفة الدستور وقالت: حسب توقعاتي فإنه سيتم خلال الأسبوع الجاري الانتهاء من القانون في اللجنة التشريعية ثم ينزل الجلسة العامة اليوم الأربعاء وننتهي منه ويذهب للمحكمة الدستورية الخميس. وقال الدكتور سامح فوزي عضو مجلس الشوري إن المشروع الذي تقدم به نائبا النور والحرية والعدالة يحمل نفس ما انتهت إليه لجنة الحوار الوطني ويتشابه مع القانون الذي ستتقدم به الحكومة كما يتضمن أشياء إيجابية منها أن الفرز سيكون في اللجان الفرعية وأن القاضي سيلتزم في اللجان الفرعية بإعلان النتيجة كلها بالإضافة إلي السماح للمجتمع المدني ووسائل الإعلام بمتابعة الفرز والتصويت وإعلان النتائج وكذلك الموقف الإيجابي تجاه المرأة من حيث النص علي وضعها في النصف الأول من القائمة إن كنا نتطلع إلي أن تكون في الثلث الأعلي من القوائم. وأضاف: لكن لدينا ملاحظات علي القانون تتمثل فيما يتعلق بتمثيل الفئات المهمشة فإذا كانت المرأة من الفئات الأقل تمثيلاً ووقع عليها كثير من الظلم في العقود الماضية فإنها ليست الفئة الوحيدة التي تعاني من ضعف التمثيل فهناك الشباب والأقباط وكان ينبغي أن يرسل القانون رسائل إيجابية لتلك الفئات بأن المجلس التشريعي سيكون ممثلاً ومعبراً عن كل فئات المجتمع المصري ولكن لجنة الحوار لم تأخذ إلا بتمثيل المرأة ونحن سنطالب داخل مجلس الشوري عند مناقشة القانون بضرورة أن يتضمن نصا لضمان حقوق الفئات المهمشة حتي يأتي مجلس النواب أكثر تمثيلاً للمجتمع بشكل عام. وأشار إلي أن قانون الانتخاب بهذه الطريقة يضيق من فرص الأحزاب الصغيرة في الفوز وكان ينبغي أن يعمل علي توسيع المشاركة وتمثيل عدد كبير من الأحزاب في البرلمان وهو ما ينعكس بالإيجاب علي الحياة النيابية بصورة عامة لافتاً إلي ضرورة تقليل ما يسمي بالعتبة الانتخابية التي تمثل شرطاً لكي تفوز القائمة بأي مقعد والتي حددها القانون بثلث نصيب المقعد من أصوات الدائرة وأشار إلي أن الأفضل أن تكون الانتخابات بالقائمة المغلقة والمفتوحة غير المكتملة حتي تعطي فرصة لتمثيل الأحزاب التي لا تستطيع إكمال قائمة لاسيما أن المقاعد الفردية لن يستطيع الشباب ولا المرأة ولا الأقباط خوضها لأنها واسعة جداً وتحتاج لدعاية وأموال ودعم سياسي والمنافسة فيها ستكون شديدة الصعوبة وبالتالي فإن فرصة القوائم هي التي ستسمح بتمثيل الأحزاب. ومن ناحيته طالب الدكتور محمد محيي الدين المتحدث الرسمي للهيئة البرلمانية لغد الثورة بمجلس الشوري بتقليل العتبة الانتخابية المحددة لتمثيل القائمة وهي ثلث عدد الأصوات الصحيحة المخصصة للمقعد في الدائرة وقال إن هذا الثلث يتراوح بين 8٪ في حالة الدوائر التي بها أربعة مقاعد و3٪ في الدوائر التي بها 12 مقعدا من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة وهي نسبة كبيرة.وأكد علي ضرورة البحث عن آلية تجعل وجود المرأة في النصف الأول من القائمة دستوريا حتي لا يصطدم مع نص عدم التمييز قائلاً: لابد من التفكير في حل ليس فيه كوتة ولكن لابد من نظام ما يضمن أن تمثل فيه الأقليات بحيث يكون لدينا علي الأقل 20 نائبا مسيحيا في البرلمان لأنه ليس من المعقول بالنظام الذي نسير به ألا يأتي نائب قبطي واحد في البرلمان ولا امرأة وأشار إلي أن المساواة تقتضي أن تكون الانتخابات بالقوائم المغلقة المنقوصة محل جدل. وأعلن النائب أحمد يوسف حسان عضو مجلس الشوري عن حزب البناء والتنمية أنه يرفض أي تمييز إيجابي للمرأة لأن هذا سيفتح علينا بابا لفئات أخري لكي تطالب بالتمييز مثل الأقباط والنوبة وهذا يتعارض مع مبدأ المساواة التي نص عليها الدستور. وقال إن الصندوق الانتخابي يجب أن يكون الفيصل في تمثيل النواب في المجلس النيابي مشدداً علي أن هذا الرأي لا يقلل من شأن المرأة ولافتاً إلي أن العمل النيابي شاق وهو ليس تشريعيا أو رقابيا فقط وإنما هو خدمي خاصة في محافظات مصر وهو ما لا يتناسب مع طبيعة المرأة علي حد قوله. وفي المقابل أكد محمد الشهاوي عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية وأحد حضور جلسات الحوار الوطني أن مشروع القانون المقدم يكتفي ببعض التعديلات الهامشية علي قانون الانتخابات الحالي ولم يحاول المشروع تجنب معظم المشاكل التي نتجت في الانتخابات الماضية من تطبيق نظام القائمة النسبية المغلقة في ظل تواجد النص الدستوري الانتقالي الذي جعل الانتخابات المصرية من أعقد الانتخابات في العالم إن لم تكن أعقدها علي الإطلاق، مشيرا إلي أنه تم بلا أي داع تقسيم المقاعد في كل دائرة إلي ثلثين للقوائم وثلث للفردي مع اشتراط أن يكون نصف المرشحين والفائزين علي الأقل من العمال والفلاحين، مع ما أضافه القانون من اشتراط وجود سيدة في القائمة. كما أوضح أنهم كانوا قد قدموا مقترحا وتصورا لقانون الانتخابات وتم رفضه دون أسباب مشيرا إلي أن مقترحهم كان يتجنب بعض المشاكل المتواجدة والتي حدثت في الانتخابات البرلمانية السابقة منها نزاعات داخل الأحزاب وتحالفات علي ترتيب القوائم وشرائها بالأموال وفرض الأحزاب لشخصيات لا تصلح للدور النيابي اعتمادا علي عصبية عائلية والمزيد من تلك المشاكل.